طريق الكنز بين حكومتين ومواطن يطلب الأذن لمرور سيارة الأسعاف

159

 

ساعات تفصل المواطن الليبي ” عن الخضراء ” ساعات بين تفتيش وأهانات وصعوبات ….ساعات هى تلك التي تفصل الليبي عن ” ينبوع السعاده “
قبل أنهيار النظام السابق كانت هذه البوابة تستقبل أكثر من 5 ملايين مسافر سنوياً ، وكانت أغراض السفر متعددة أما للعلاج أو السياحة ، التجارة وأحيانا غير ذلك .
اليوم رأس جدير المعبر الحدودي بين ليبيا وتونس والذي كانت طريقه أمنة ، أصبح بؤرة لعصابات التهريب والصراعات السياسية والأستراتيجية للسيطرة على المنافذ الرئيسية للدولة .
ومع تناقص عدد الوافدين عن طريق المركبات أو وسائل التنقل البرية بسبب نقص السيولة المالية أو ارتفاع أسعار البنزين أو أحيانا قفل الطريق الساحلى بسبب الأشتباكات بين الكتائب أوبسبب جرائم الخطف والسرقة ، أصبح المعبر أكثر أهمية للمهربين والتجار بين البلدين .
إن أغلب الليبيون يفضلون السفر براً عن طريق قيادة سيارتهم الخاصة والتنقل في تونس من مدينة إلى أخرى أما للعلاج أو السياحة ، أما بالنسبة للشعب التونسي فأنه يفضل الدخول إلى ليبيا كتاجر أو عامل .
ورغم محاولة الحكومتين في ليبيا وتونس على مر السنوات الماضية وضع القوانين والشروط للتبادل التجاري بين البلدين أو وسيلة التنقل أو فرض رسوم دخول أو تأشيرة للسفر ، بأت كل هذه المحاولات بالفشل ، لأن ضرورة تسهيل الدخول والخروج بين الجانبين الليبي والتونسي هو مثل القانون السائد بين الشعبين والذي لايمكن أن يتحكم فيه أحد سوى أصحاب البوابة فعلياً ، والمقصود هنا أصحاب الأرض من مدينة زوارة الليبية ومدينة بن قردان التونسية .
بالنسبة للجانب الليبي أختص في تهريب المخدرات والذهب والعملة والمهاجرين الغير شرعيين ، أما الجانب التونسي فأختص في تهريب المحروقات والسلع المدعومة ، وكلاهما لايمكن له أن يستغنى عن خدمات الأخر حتى ظهر شعار مؤخراً بعنوان ” سيب نسيب ” بمعني تنازل أنت اتنازل أنا .
وقد جاء هذا الشعار كرد فعل على الأجراءات التى تتخذها الحكومة الليبية من الناحية الأمنية في المعبر لمنع التهريب والمتاجرة بقوت الليبين والذي أدى مؤخراً لأرتفاع الاسعار في بعض السلع المهربة ، ولاننكر أن الوضع الاقتصادي في تونس سيء وأن تلك المناطق الحدودية تعتمد كلياً على السلع والمنتجات البترولية التى يتم تهريبها من ليبيا مما أدى إلى أعتصام وأعمال عنف في مدينة بن قردان أدت إلى أغلاق المعبر وتوقف الحركة ، كما تم الهجوم على المركبات والسيارات الليبية .
ورغم المشاكل التى يتعرض لها المواطنون الليبيون والذين لاأمل لديهم في علاج جيد أو سياحة جيدة في بلادهم ، فأنهم يغامرون بكل شي للوصول إلى تونس ويبعون مدخراتهم من أجل العلاج في تونس خصوصا وأن سعر الصرف لمبلغ 1000 دينار ليبي يساوي حالياً 400 دينار تونسي أو 390 أحيانا  ، كما أنهم في سنة 2016 دفعوا ضريبة للدخول براً وصلت 30 دينار تونسي .
وظهر من خلال هذه المشاكل معبر حدودى أخر هو معبر ” وازن ” وهى بلدة صغيرة في الغرب الليبي على الحدود مع تونس ” ذهيبة ” والذي يعتبر الأن الملجأ الوحيد لليبين للدخول براً إلى تونس بعد أقفال معبر راس جدير ، ورغم المحاولات لأقفال معبر ذهيبة بسبب الأحتجاجات إلى أن المعبر أمن ويعمل ولاتتجاوز مدة الأنتظار فيه الساعة حتى اليوم .
 ورغم تأييد البعض لقفل المعبر أمام المهربين والتجار والهجرة الغير شرعية ، لاتزال أهميته للبعض كبيرة .
البعض قال أن الأسعار انخفضت بالنسبة للسلع المدعومة وبعض انواع السمك وبعض الادوات الكهربائية التي تهرب عبر الحدود .
ولكن هل يقنع ذلك المواطن الليبي الذي ليس لديه مايكفى لحجز طائرة ذهاب وعودة لعائلته للذهاب لمراجعة طبيبه في أحد المدن التونسية ؟ وهل سيقنع ذلك الشاب التونسي الذي أهملته حكومته فأستخدم سيارته لتهريب الوقود وأعال نفسه وأهله ؟ 
الوضع حرج جدا ، من ناحية الحكومات فأن أقفال المعبر قد يوقف عمليات تهريب الادوية والمخدرات والذهب والعملة والمحروقات وغير ذلك .
ولكن بالنسبة للمواطن العادي من الجهتين فأن الأمر هو عبارة عن ” وقف للحال ” …
اليوم الأثنين 16 يوليو وبعد توقف السيارات بالساعات والمبيت في الحدود خلال الايام الماضية ، التقى وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني “محمد سيالة” بـوزير الخارجية التونسي “خميس الجهيناوي” لبحث التعقيدات التي تعرقل مرور ودخول المواطنين الليبيين عبر الأراضي التونسية خلال الفترة الأخيرة، والتى أكد فيها الوزير الليبي على ضرورة توفير السلامة الكاملة للمواطنين الليبيين ، حتى لا تضطر السلطات الليبية لقفل المعبر الحدودي بطريقة رسمية ، ومن جانبه تعهد الوزير التونسي بمعالجة الأمر وإنهاء الإشكالية القائمة .

ولكن المعبر لايزال مقفل أمام السيارات الليبية حتى هذه اللحظة ولايسمح إلا بمرور سيارات الأسعاف ورجوع المواطنين إلى بلادهم من الطرفين ” سيب نسيب ” 

فهل ستضمن الحكومة التونسية فعلاً سلامة المواطنين الليبين ، ولماذا لاتوفر الحكومة الليبية البدائل لمواطنيها للسفر والعلاج ؟

ويبقى الحال على ماهو عليه