مجلة أمريكية تكشف عن حقائق حول تجنيد مكتبٍ “لارمو” لاسترداد الأصول الليبية شخصياتٍ أمريكية للبحث عن أموال القذافي

650

نشرت مجلة” فانيتي فير” الأمريكية تقريراً كشفت من خلاله عن العديد من الخفايا المتعلّقة بالأموال الليبية الموجودة في عددٍ من العواصم الأوروبية، والكثير من القضايا المروّعة!

حيث قالت: “إنّ السلطات النمساوية لم تستغرق وقتاً طويلاً للتعرف على هوية المتوفَّى الليبي الذي يبلغ من العمر 69 عاماً المدعو “شكري غانم”؛ على الرغم من أنّه ليس اسماً مأْلوفاً إلاّ أن “غانم” كان شخصيةً مُثّقفة وغامضة وقوية، وبعد حصوله على درجة الدكتوراة صعد ليصبح رئيساً للوزراء، ثُم وزيراً للنِّفط فيما بعد في بلد يتمتع بالذهب الأسود، والفساد!

قال محققٌ أمريكي -طلب عدم الكشف عن هويته- لمناقشة المعلومات الحساسة المحيطة بالمسألة: عندما توّفى “شكري غانم” كانت التقديرات تشير إلى امتلاكه المليارات كرئيس للمؤسسة الوطنية للنفط، كان يسحب الأموال وينقلها بموافقة القذافي، لا أحد يعتقد أن وفاة “شكري” كانت صدفة؛ بل ربّما كان مخططاً لها!

وأضاف المحقق أنّ “شكري غانم” كان جالساً داخل مطعم الفندق في النمسا، وكان يرتدي بدلته الزرقاء الأنيقة ونظارته ذات الإطار الأسود، مما يسمح له بالاندماج وسط صخب المدينة حيث يرتدي الكثير من الناس الأثرياء ملابس باهظة الثمن.

قال المحقق: لن أتفاجأ إذا كانت مئات المليارات وربّما التريليونات التي سُرقت من قبل النظام الذي أنشأه القذافي للتهرب من العقوبات ونقل الأصول والثروات خارج ليبيا وحول العالم؛ القذافي عرف كيف يلعب اللعبة، ربما كان القذافي الأكثر جشعاً في اختلاس الأموال والمحسوبية التي أبقته في السلطة لمدة 42 عاماً، مما أدّى إلى إثراء أولئك الذين كانوا في فلكهِ بطُرقٍ يصعب فهمها وقد تكون غير قابلة للحساب الدقيق الآن هناك مسعى عالمي لاستعادة بعض تلك الثروات.

وتابعت المجلة الأمريكية بالقول: إنّ هذه القصة بمثابة غوص عميق في هذه الجهود حيث التقى المحقق الذي طلب عدم الكشف عن هويته مع مجموعة متنوعة من الشخصيات التي ظهرت لمحاولة استعادة ثروة ليبيا، بما في ذلك الأعمال الفنية في الأسابيع الأخيرة، إضافةً إلى استكشاف كيفية عمل الجهاز الغامض الذي يشرف عليه “محمد منسلي”، وهو المكتب الليبي لاسترداد الأُصول وإدارتها “لارمو “الذي تمكن من استعادة قدر ٍ ضئيل من “الكرامة” للشعب الليبي.

وبناءاً على طلب من الأمم المتحدة جمّدت الدول في الفترة التي انتهى فيها حكم القذافي عشرات المليارات التي تنتمي إلى عائلة القذافي أو دائرتها الداخلية والشركات التابعة التي تقرها الدولة، ومع ذلك فقد تمّ إخفاء جزء كبير من تلك الثروة وفقاً لمصادر استخباراتية من قبل الموالين الذين وثقّتهم عشيرة القذافي، حيث أنّ هؤلاء الأفراد لديهم عملياتهم الخاصة كما هو واضح أنّ هناك جاسوس ومساعده ومترجم ونادل سابق في قرية صغيرة على الواجهة البحرية وهي ملك لأحد أبناء القذافي وعند وفاة القذافي في عام 2011 ، انهارت آليته المصممة بدقة للسرقة مع التهرب من العقوبات الدولية في كثير من الأحيان.

ومضت المجلة قائلةً أن هناك العديد من أولئك الذين كانوا يميلون إلى نهب القذافي وهم شخصيات كانوا يعملون معه في النظام آنذاك حوّلو هذه الأموال لأغراضهم الخاصة بما في ذلك بعض الشخصيات التي انحازت علناً إلى المعارضة بحلول عام 2012 ، منذ ذلك بدأ صائدو الكنوز بتحويل الثروات إلى مصالحهم حيث أبرم أحد المتعاقدين الدفاعيين الأمريكيين صفقة مع السلطات المؤقتة للبحث عن أموال وحسابات مخفية في مقابل العائدات وأطلق العنان لفريق من قدامى المحاربين في وكالة المخابرات المركزية ووكالة الاستخبارات الأمريكية ووكالة الدفاع الأمريكية ومصلحة الضرائب الأمريكية ومجلس الأمن القومي لدعم هذا الجهد؛ بدأ خبراء سرقة الأعمال الفنية في البحث عن القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن والتي تم سحبها من ليبيا و ظهرت على مر السنين في المتاحف البارزة والأيدي الخاصة.

وبحسب المحقق الأمريكي كان قد أخبره ضابط مخابرات ليبي مخضرم بأنّ كل هؤلاء الأشخاص بخلفيات استخباراتية وعسكرية ومالية وسياسية، كانوا يأتون إلينا ويقولون هناك مليار دولار نقداً في جمهورية بنين وعشرات المليارات في جنوب إفريقيا؛ لكنهم طلبوا دائماً مئات الآلاف من الدولارات مقدماً، وهي أموال تخص الليبيين.

تأسس مكتب “لارمو” التي استحوذ عليه “منسلي” في عام 2017، وعند هذه النقطة أصبح السباق للعثور على المسروقات مفككاً إلى حدٍّ كبير.

وقال المحقق الأمريكي: أخبرني مسؤول مخابرات أمريكي متقاعد بأنّنا قد حصلنا بالفعل على تفويض من وزير العدل لكن عندما وصلنا إلى سويسرا وزرنا أحد البنوك المشتبه في أنه يحتفظ بأموال قال المدير: من أنتم يا رفاق؟.

وقبل أسبوعين كان هناك أشخاص آخرون هنا يدعون نفس الشيء لذلك أبلغنا طرابلس بالأسماء واكتشفنا أن الرجال الآخرين كانوا يدعون بأنهم يتابعون أموال ليبيا، ولكن بعد ذلك تم الاكتشاف بأنهم يكذبون؛ ولكن استطاعوا الحصول على الكثير من المال!

يبدو أن “منسلي” قد حقق بعض النجاح من خلال تركيز البحث عن الأموال حيث قال بحماس ظاهر أنّ لدينا 32 مليار دولار في حسابات بالدولار في البنوك الأوروبية؛ و 58 عقاراً في باريس؛ وهذا مجرد غيض من فيض، أصبح الوعد والخطر الذي تنطوي عليه مهمته موضع التركيز وذات مرة كان يبرر اعتقال “أنور عارف” الرجل الذي كان يدير لارمو، وفي المرة التالية كان يتصل هاتفياً بأحد المقربين من القذافي المدرج على قائمة سوداء بالولايات المتحدة وسرعان ما جعل السفارة الليبية في واشنطن تناقش آخر ما يمكن أن يكون سلسلة من مصادرة مسؤولي إنفاذ القانون للآثار نادرة القطع التي لا تقدر بثمن والتي تم إخراجها من بلاده على مر السنين.

وأوضحت المجلة أنّ الولايات المتحدة أجلت دبلوماسييها من طرابلس في عام 2014، ومنذ ذلك الحين شغل “لورانس” وهو أمريكي مقعدا في الصف الأمامي لمكافحة الإرهاب، وبعد ذلك في الصيف الماضي انضم إلى مهمة مختلفة وهي مساعدة مكتب “لارمو” في محاولة استعادة أموال ليبيا.

كما تم عرض أربعة تماثيل مذهلة في متحف اللوفر سُرقت من مدينة قورينا أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو الواقعة شرق البلاد، وقال مسؤولٌ في متحف اللوفر الفرنسي إنّ الأعمال الفنية المعروضة في متحف اللوفر أودعتها الجمارك الفرنسية التي صادرت الآثار خلال عامي 2012 و 2016.

وقالت الجمارك الفرنسية أن القانون الفرنسي يسمح بعرض الأعمال الفنية التي تمّ الاتجار بها بشكل غير قانوني بهدف الحفاظ عليها، وأن هذه الآثار ستُعاد إلى” مالكها الشرعي” بعد تحقيق قضائي.

ابتسم “لورانس” الذي جنده منسلي للمساعدة في عملية البحث وهو يفكر في ما أحدثه عندما تكون القصص الخيالية والقصص بمئات المليارات من الدولارات، فإن هذا يولد ثقافته المضادة وعالمه المصغر.

في شهر أغسطس قام أحد معارفه الكنديين الذي كان يراقب البحث عن الأموال الليبية المفقودة للمساعدة في “فرصة مربحة” في غانا؛ لكنّه كان حريصاً على التفاصيل، وبعد موجة من عمليات التبادل المشفرة علم لورانس أن التعهد يتضمن استرداد واستخراج نقود القذافي التي تم تصنيفها على أنّها أشياء ثمينة للعائلة، وفي بيان جمركي مشهور من منطقة تخزين آمنة تم تقسيم هذه المبالغ وتوزيعها من قبل شخص يدعى “العم سام” في غانا الإفريقية.

ووفقاً للمجلة فإنّ “بن فيشمان” الذي شغل منصب مسؤول أوباما في مجلس الأمن القومي لليبيا وشمال إفريقيا قال: لقد قمنا بتجميد كل شيء واتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراريْن أمرَ الأول بمصادرة أصول محددة تعود للقذافي وعائلته وحلفائه الرئيسيين، أما الكيانات الثانية المستهدفة المملوكة للدولة مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار حتى يومنا هذا، لا يزال حوالي 70 مليار دولار من أموال المؤسسة للاستثمار الليبي وحدها “مُجمّدة”.

تولّت شركة Warshavsky قضية استرداد الأموال والتي قد تثبت بمرور الوقت أنها أكبر جهد دولي لاسترداد الأصول على الإطلاق وفي شهر ديسمبر ظهرت -قنبلة قانونية- في المنطقة الجنوبية في نيويورك، وتم تقديم نيابة عن مكتب لارمو يطلب قاضيٍ فيدرالي إجبار ثمانية من أكبر البنوك في العالم على تسليم سجلات تحركات أموال القذافي.

إن تفويض لارمو لشركة Warsnavsky هو لاستعادة أي شيء مسروق أو مختلس من ليبيا على مصادر عامة مثل الأمم المتحدة وويكيليكس وأوراق بنما وما إلى ذلك، وعملنا مع عدد قليل من المحققين المختلفين الذين تابعوا ليبيا والذين نثق بهم، قد يقول البعض أن ما يصل إلى 300 مليار دولار كانت قد سُرقت، وتشير هذه المصادر أيضاً إلى أن عائلة القذافي وحدها قد تصل من 40 إلى 200 مليار دولار.

كان “عارف” محتجزاً في ليبيا وأكد العديد من الأشخاص المطّلعين على الأمر أنه احتُجِز في مركزٍ بطرابلس تديره وزارة الداخلية، وأشارت هذه المصادر إلى أنه بينما سُمِح لعارف بالوصول إلى الغذاء والدواء، تمت مصادرة أجهزة الاتصال الخاصة به، ولم يُمنح سوى زياراتٍ متقطعة لعائلته.

“أخبرتني هذه المصادر أن المدعي العام الليبي لم يرد بشكل مرضٍ على طلباتهم لتوضيح سبب اعتقال عارف في المقام الأول وبناءاً على أوامره قالت مسؤولة أمريكية أنّها تعتقد أن ملف المحكمة الذي قدمته الشركة كان لفتةً علنية للغاية بالنسبة لبعض أعضاء النخبة الحاكمة في ليبيا، وربما كانت قلقةً من أنّ الإجراءات القانونية في نيويورك قد تقع في شرْكِ المسؤولين الحاليين الذين لعبوا بدورهم في هذه المسألة”.

لو أنّ “أنور عارف” واصل وراء الكواليس بعمله لما انتهى به الأمر في الاعتقال، قالت مصادر غربية على اتصال منتظم مع عارف أنّه تم إطلاق سراحه بعد قرابة شهرين عندما أيّدت محاكم الاستئناف قراراً سابقاً كان قد صدر عن هيئة الرقابة الإدارية، معلنةً أن مكتب رئيس الوزراء يفتقر إلى سلطةٍ تمكنّه من عزل واستبدال عارف.

بينما لم يوافق “عارف” على التعليق على هذه القصة، يعتقد البعض أنه تم إعفاؤه من واجباته في “لارمو” لأن الدبيبة أراد الاحتفاظ بمحفظة “عارف” في نطاق صلاحياته، في غضون ذلك لم يقدّم مكتب “الدبيبة” إجاباتٍ للأسئلة المتعلقة بإطاحة عارف أو دوافع “الدبيبة” لوضع لارمو تحت قيادة منسلي.