تعود الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج الى واجهة الأخبار من جديد لتحرك سيل الاتهامات والتعليقات والمخاوف من ضياعها ولكن هذه المرة على مستوى واسع كان أخرها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عزمة تمديد العقوبات المفروضة من قبل سلفه باراك أوباما على ليبيا ومن بينها تجميد الأصول الليبية في أمريكا
مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات على ليبيا 2011
نعود بالأحداث الى سبب تجميد الأصول الليبية في عدد من الدول الغربية فنجد أن القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 8/3/2011 المسجل برقم 1973 يحتوي على نقاط عدة بفرض عقوبات على النظام الليبي السابق بعد اتهامه بقمع حراك شعبي في منتصف فبراير من بينها تجميد الأصول الليبية وهو قرار شمل كل الأصول المالية والأموال والموارد الاقتصادية التي يملكها النظام السابق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في أراضي الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وقد طالب أيضا بتجميد أصول المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي بسبب صلاتهما برأس النظام السابق معمر القذافي
ووفق تصريحات “محمود جبريل” الذي تولى منصب رئيس الحكومة الانتقالية بالمجلس الوطني الانتقالي حينها فإن عدداً من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أعلنت عن القيم التي جمدتها من أرصدة النظام السابق لديها مضيفاً أن دولاً عربية وافريقية كثيرة لم تعلن عن القيم التي لديها، وأن إمكانية استرجاع الأموال المجمدة ستكون معقدة وقد تستغرق سنوات عديدة حسب قوله
في محاولة الوصول الى الرقم المجمد من الأصول المالية الليبية لدى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والتي أعلنت عن تجميدها وفق القرار 1973 فإننا نعود الى تصريحات ” محمود جبريل” في احدى البرامج التلفزيونية عام 2011 بعد الإعلان عن تحرير ليبيا من النظام السابق فقد قال بخصوصو الارقام التى جمدتها الدول الغربية إن :
الولايات المتحدة الأمريكية جمدت 37 مليار دولار
بريطانيا جمدت 30 مليار دولار،
فرنسا جمدت 12 مليار دولار
المانيا جمدت 10 مليار دولار
اليابان جمدت ما يقارب 4 مليار و400 مليون دولار
هولندا جمدت 4 مليار و300 مليون دولار
تركيا جمدت مليار دولار
سويسرا جمدت 570 مليون دولار
كما رصدت صدى أيضا تصريحات إعلامية لمحافظ مصرف ليبيا السابق “فرحات بن قدارة” في 29/8/2011 حيث قال ” أنا شخصيا وبالتعاون مع وزارة الخزانة الأميركية وبعض الدول الأوروبية قمنا بتجميد هذه الأصول في الخارج قبل حتى صدور القرار الدولي في 22 أو 23 من فبراير بعد اندلاع الثورة، ونسعى الان لفك هذا التجميد ميضيفاً في سياق تصريحاته ” أنه ربما يكون رفع الحظر تدريجياً قبل نهاية شهر 8 وسيتم رفع الحظر عن ما يقارب ثلاثة إلى خمسة أو ستة مليار دولار، ستعطي كدفعة للمكتب التنفيذي ” وهو الذي كان يترأسه في ذاك الوقت “محمود جبريل”
وعن الأموال المجمدة قال ” بن قدارة “ إنها تقدر بحوالي 168 مليار و438 مليون من النقد الأجنبي، وهذا مبلغ كبير جدا، منه حوالي 113 مليار هي أصول سائلة ما بين ودائع وسندات، ومنها 63 مليار ودائع, ولدي بريطانيا 15 مليار أصول سائلة ودائع وسندات, أما ألمانيا فلديها 12 مليار أصول سائلة ودائع وسندات، وفرنسا لديها ما يقارب 10 مليار دولار أصول سائلة ودائع وسندات. وكذلك 10 مليار لدى إيطاليا أصول سائلة ودائع وسندات
مرت 7 سنوات على سقوط النظام السابق في 23 من أكتوبر 2011 وقد زالت معظم العقوبات المفروضة على ليبيا إلا استيراد السلاح والمعدات العسكرية، وكذلك استمر تجميد الأصول الليبية بالدول الأعضاء بالأمم المتحدة لأسباب أعزي معظمها الى عدم الاستقرار السياسي في البلاد وبقي الغموض يلف مصير الأصول المالية والموارد الاقتصادية التي كان يملكها النظام السابق في دول كثيرة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وظل ملف الأصول الليبية عالقا في بحر السياسة بين مد وجزر الأطراف السياسية المختلفة في ليبيا كل حسب توظيفها للموضوع لخدمة مصالحها
ولكننا نجد تصريحات لنائب رئيس المجلس الرئاسي “احمد معيتيق” في 2016 مفادها أن الأموال الليبية المجمدة في الخارج تبلغ 67 مليار دولار معظمها من أصول المؤسسة الليبية للاستثمار حيث أن أموال مصرف ليبيا المركزي أُفرج عن معظمها
معلومات إذا قارناها بتصريحات محافظ مصرف ليبيا المركزي ” فرحات بن قداره “ ورئيس الحكومة الانتقالية ” محمود جبريل” في 2011 نستنتج منها إن صحت بأن ليبيا تكون قد فقدت حوالي 100 مليار دولار من أموالها المجمدة بطرق كثيرة وقد نجد ماهية هذه الطرق وأشكالها فيما قاله مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى ليبيا ” غسان سلامة” في نوفمبر 2017 في إحاطته لمجلس الأمن الدولي عندما حث على إعادة النظر في تجميد الأموال الليبية حتى لا تفقدها الأجيال القادمة مضيفاً أن تجميد الأموال شيء وإساءة استخدامها شيء أخر وعلينا إعادة النظر في كيفية إدارة استثمارات وثروات ليبيا الموجودة بالخارج حتى لا تتآكل في صمت وتضيع على الأجيال القادمة
تعويض ضحايا هجمات الجيش الايرلندي بأموال ليبيا
الحدث الأبرز والذي أعاد موضوع الأصول الليبية الى صدارة الأحداث وقع منذ أيام قليلة عندما أعلنت صحف بريطانية عن عزم مجلس اللوردات وهو أحد مجلسي البرلمان البريطاني تشريع قانون يسمح بتعويض ضحايا هجمات الجيش الايرلندي الذي أتهم فيه النظام السابق بدعمه بالأسلحة والذخائر وهو ما لاقي رفضا على مستوى الخبراء الاقتصاديين الليبيين وكان أبرزهم ” سليمان الشحومي” الذي قال عن أرصدة المؤسسة الليبية للاستثمار المجمدة بأنها مهددة من قبل الدول الحاضنة لها مضيفا وأن إجراءات جدية يعد لها من بعض الدول وخصوصاً بريطانيا لاستخدام الأموال الليبية مطالباً المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي والمجلس الأعلى للدولة وديوان المحاسبة بالإضافة الى المؤسسة الليبية للاستثمار بتوحيد الجهود والسعي بقوة إلى حماية الاموال الليبية بالخارج عبر تشكيل خلية ازمة لمتابعتها
وعقب “عبد الرحمن شلقم” الذي كان يشغل منصب سفير ليبيا السابق لدى الامم المتحدة ومن قبلها تولى منصب أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي وانشق عن النظام السابق أبان الحراك الشعبي في فبراير 2011 حيث قال إن ليبيا اغلقت جميع الملفات الخاصة بالخلافات الليبية مع امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا تمت تسويتها جنائيا ومدنياوأن أي حديث عن تلك الملفات خلفه مخطط للاستيلاء على الاموال الليبية بتواطوء من اطراف ليبية .
الادارة الامريكية تمدد تجميد الاصول الليبية لديها
أخر الاخبار بخصوص الأرصدة الليبية رصدت من الولايات المتحدة الامريكية ومن البيت الأبيض تحديدا حيث نقلت وكالة ” يو بي أي” أن الرئيس الأمريكي ” دونالد ترامب “ قام الجمعة بتمديد حالة الطوارئ والعقوبات التي كان قد فرضها الرئيس الأمريكي السابق ” باراك أوباما” في عام 2011 والتي من المتفرض أن تنتهي في 25 من فبراير الجاري، معللا سبب التمديد بمحاولة منع تحويل الأصول أو غيرها الى عائلة القذافي وشركائهم “
ملف كبير قد لا تكفيه تقارير كثيرة لكشف حجم الأموال الليبية المجمدة بالخارج وكم صرف منها حتي الأن أو ادير بشكل خاطئ وهل ستستفيد منها البلاد مرة أخرى في عملية دعم اقتصادها وإعادة الاعمار وما اذا دخلت في دوامة من الفساد بمشاركة خارجية وداخلية تنوي استنزاف ما تبقي منها .