كتب الخبير المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً قال خلاله:
لعل مصطلح الاستدامة المالية يعبر بشكل عام على مفهوم الاستقرار المالي طويل الأجل وبدون الولوج إلى التفاصيل الفنية فإن منهجية صندوق النقد الدولي في تعريف الاستدامة المالية تستند إلى تثبيت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي عند نسبة مقبولة، بالطبع تركيز صندوق النقد الدولي على هذا المؤشر ياتي في إطار اهتماماته بالإقراض الدولي وانعكاسها على مساعدة الدول المقترضة في إعادة هيكلة اقتصادياتها وضمان تسديدها لديونها المحلية والدولية وهذا من حقه وذلك في إطار وظائفه ومهامه .
ولكن إذا ما تحدثنا على الحالة الليبية فاننا (والحمد لله إلى الآن) لا توجد لدينا ديون خارجية ولا سلطة لصندوق النقد الدولى علينا إلا من خلال مشورة فنية غير ملزمة وحتى وإن كان الدين المحلي موجود إلا أنه غير واضح وغير مقنن .
ولذا فإن مفهوم الاستدامة المالية (في نظري) لدينا يجب أن يتم التعبير عنه بقدرة الدولة على تغطية نفقاتها التسييرية والتنموية وعلى مدى زمني طويل الأجل، وبدون عجز فكلما كنا قادرين على دراسة وتحديد قيمة انفاقنا وسبل تغطيته بايرادتنا المتوقعة وخلال فترة مستقبلية طويلة الأجل فإن استدامتنا المالية تكون ايجابية وذات مؤشرات إيجابية .
مصيبتنا الكبرى أننا لم نلق بالا أصلا لمفهوم الاستدامة المالية الذي يهم ( مسؤولينا ) هو فقط إشباع نهمهم الاتفاقي ( الدعائي أحياناً ) وبأي شكل وخلال السنة الجارية أو السنة القادمة على الأكثر لا أحد أكرر لا أحد منهم ( ومنا ) يريد التفكير في مصطلح الاستدامة المالية خلال سنوات قادمة طوال، وسبل تعزيزه بتنويع مصادر دخلنا وترشيد انفاقنا ومعالجة إخفاقاتنا في ( الدعم ) والتهريب ، وسوء الإدارة ومحاربة الفساد ومريديه الخ الخ .
وفي المقابل ( وللأسف ) نسعى ونقاتل في سبيل ( استدامة الكراسي ) بل نحاول أن نوظف كل إمكاناتنا المالية لخدمة هدف استدامة كراسي تربعنّا على السلطة وسيطرتنا على الغنيمة وذلك على حساب الاستدامة المالية لهذا الوطن المكلوم،
بل أننا نبني نماذج خلافية مقصودة من شأنها تعزيز استدامة الكراسي بأي شكل كل منا يقاتل ويختلف مع الآخر ومؤسساتنا منقسمة ولا نتصالح ولا نلتقي إلا تحت إشراف (الأكابر ) في هذا العالم كل ذلك يحدث بمحض إرادتنا وبنية استدامة كراسي حكمنا وتثبيتها ، وربما لعقد من الزمن أو أكثر ونخلق الأعذار والمبرارات التي من شأنها عدم تحقيق انتخابات نزيهة .
كل ذلك يحدث لوأد مفهوم الاستدامة المالية للدولة في مقابل استدامة الكراسي انطلاقاً من المثل الشعبي ( اللي قاعد في الدار يدفع الكراء ) .
تباً لتلك الكراسي التي تجعل مستقبلنا المالي واستدامته في غياهب الجب لا يعلمه إلا ربي العالمين اللهم لطفك اللهم وفق الصادقين في هذا الوطن لتبني مفهوم الاستدامة المالية لهذا الوطن والعمل على تعزيزه .