صراع دولي لإعادة إعمار ليبيا يؤجج الحرب الأهلية

514

إن التنافس على عقود إعادة الإعمار المربحة منعت العديد من الدول من الحصول على امتيازات العمل مثل الصين وإيطاليا وفرنسا وروسيا ، فبعد أربعة أشهر من بدء الهجوم على طرابلس ، أصبحت ليبيا بلدا شبه منهار .

في تقرير نشرته ” Foreign Policy ” الخميس ذكر أن هناك مجموعة من أصحاب المصلحة الدوليين بما في ذلك الصين وروسيا وإيطاليا وفرنسا ودول الخليج قد شاركوا في النزاع ، واستمروا فيه على الرغم من أنهم يبحثون سبل إبطاء تدفق المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا ويبحثون في استقرار ليبيا حتى لا توجد مبررات للتدخل الأجنبي رغم أنهم مدفوعون أيضًا باحتمال وجود عقود إعادة بناء مربحة.

إن العقود الأكثر تنافسًا هى عقود صناعة النفط الليبية والتي من المتوقع أن تضاعف إنتاجها بحلول عام 2023 وخاصةً في مشاريع البنية التحتية والتي تعزز موقع ليبيا الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط.

على سبيل المثال تطالب القوى الأجنبية بالسيطرة على حقلي الشرارة والفيل النفطيين واللذين يقعان في الهلال النفطي جنوب ليبيا وكذلك يبحثون طرق السيطرة على رواسب النفط البحرية التي تحتفظ بها حكومة الوفاق الوطني مع الوصول إلى الموانئ الحيوية مثل بنغازي ورأس لانوف.

ويضيف التقرير

أن توازن القوى في ليبيا يؤثر تأثيراً عميقاً على من سيفوز في الحصول على العقود وقد دعمت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وفرنسا الأنشطة العسكرية للجيش الوطني الليبي بقيادة “حفتر”، حيث أن مصالحها الاقتصادية تتوقف على نجاح مهمة حفتر في طرابلس.

وقد دعمت كل من إيطاليا وتركيا وقطر حكومة الوفاق الوطني باستمرار وساعدت الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في مقاومة هجمات حفتر الإقليمية بينما كانت خطوات روسيا والصين بحذر في ليبيا ، حيث راهنت على عدم حصول أي من الطرفين على ميزة الحسم.

ولكن الوضع الراهن يؤكد سيطرة حكومة الوفاق على العاصمة وضواحيها ، بينما يهيمن جيش حفتر على شرق وجنوب ليبيا وهنا فأن الأستفادة الأكبر ستكون بيد روسيا والصين .

وعلى الرغم من ذلك ، فقد تم انتقاد روسيا بسبب عرقلة قرار الأمم المتحدة الذي يدين حفتر وقد حافظت روسيا أيضاً على علاقات نشطة مع الجيش الوطني ، حيث أن استراتيجية التوازن هذه لها أسس اقتصادية فقد طبعت روسيا الدينار لتوزيعه من قبل البنك المركزي الليبي الموازي لحفتر بينما وقعت شركة روسنفت العملاقة للطاقة الروسية صفقة لشراء النفط من شركة المؤسسة الوطنية بنغازي في عام 2016.

وبالنظر إلى هذه المصالح الاقتصادية ، فإن السيناريو الأمثل لموسكو هو التوصل إلى تسوية سلمية تنهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا والذي يخلق نزاعًا متجمدًا.

فقبل الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في عام 2011 كانت لدى روسيا 4 مليارات دولار من عقود الأسلحة مع ليبيا وحتى اليوم يعتمد سلاح الجو في الجيش الوطني الليبي اعتمادًا كبيرًا على التكنولوجيا العسكرية الروسية لذلك ستستفيد موسكو بشكل كبير من إزالة حظر الأسلحة.

ويضيف التقرير :

إن قدرة روسيا على الموازنة بين العلاقات المواتية مع حكومة الوفاق الوطني وحفتر يمكن أن تساعد موسكو أيضًا في الحصول على بعض عقود البنية التحتية الوطنية المرغوبة ، حيث تهتم الشركات الروسية بشكل خاص ببناء خط سكة حديد يربط بين بنغازي وسرت ، الأمر الذي من شأنه أن يعزز النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي لروسيا على البحر الأبيض المتوسط ​​كما أن موسكو تأمل أن تساعد استراتيجيتها الدبلوماسية الفريدة في طلبها للحصول على انتصار مشروع بقيمة 2.5 مليار دولار على العروض المنافسة.

أما بالنسبة للصين والتي التزمت بسياسة عدم الانحياز الصارمة في ليبيا ، فإن الحفاظ على الوضع الراهن يمكن أن يساعد بكين في تأمين عقود إعادة الإعمار الكبرى.

ففي السنوات الأخيرة ، اتخذت الصين خطوات لترسيخ نفسها كقوة رئيسية في قطاع النفط والبناء في ليبيا و تلك التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي وتلك التي تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني.

وبعد سنوات من الركود ، تضاعفت صادرات ليبيا من النفط إلى الصين في عام 2017 حيث أكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط ” مصطفى صنع الله ” على أهمية التعاون في قطاع الطاقة مع بكين كما تعهد رئيس الوزراء الليبي “فايز السراج” بتوسيع وجود الشركات الصينية في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني ، لضمان مشاركة ليبيا في مبادرة الحزام والطريق الصينية ، حيث تعتبر منطقة شمال إفريقيا منطقة صغيرة ولكنها سريعة النمو تهم المستثمرين الصينيين ، حيث يعتبر حصول بكين على موطئ قدم في ليبيا عنصر أساسي في استراتيجية إسقاط القوة الاقتصادية الإقليمية.

ومع وجود ميزة واضحة بين روسيا والصين ، فإن القوى الأجنبية تستخدم أو تستغل حلفائها على الأرض لتسوية الملعب على الرغم من أن هدف حفتر والمتمثل الاستيلاء على طرابلس بعيد المنال إلا أن رعاة الجيش الوطني الليبي بما في ذلك مصر وفرنسا يأملون في أن يحصلون على مساحة كافية من المؤسسات الدولية لإضفاء شرعية سيطرتهم على شرق وجنوب ليبيا.

وفي هذه الأثناء ، يسعى الحلفاء الرئيسيون لحكومة الوفاق الوطني ، بما في ذلك تركيا وإيطاليا إلى إحباط هجوم حفتر وإعادة السيطرة على احتياطيات النفط في جنوب ليبيا إلى الحكومة المعترف بها دوليًا ، حيث أدى فشل هذه الفصائل إلى تفاقم الصراع بين فرنسا وإيطاليا ومصر وتركيا وتجدد الصراعات داخل الخليج من أجل الهيمنة في ليبيا.