في تقرير ديوان المحاسبة .. تحسن ملحوظ في ايرادات الدولة ووضعها الاقتصادي خلال عام 2017

209

منذ عام 2011 وليبيا بين مد وجزر ، أوضاعٌ سياسية متقلبة ، وإنقسام في هيكل الدولة ، وتردي في الأوضاع الأمنية ، وبالتأكيد أثرت كل هذه الظروف مجتمعة بشكل سلبي على الوضع الإقتصادي للبلاد ، حيث شهد اقتصاد الدولة تقلبا ما بين عام 2012 إلى عام 2017 ، بين ضعف ومحاولات للنهوض ، في ظل العديد من العوامل الغير مساعدة للتحسين و التطوير .

في 23 من شهر مايو وتحديدا يوم الأمس أصدر ديوان المحاسبة تقريره السنوي لسنة 2017 ، تحدث خلاله عن الوضع المالي للدولة في مقارنة بين عام 2017، و الأعوام الخمسة الماضية ، و قد أثبت هذا التقرير أن عام 2017 شهد تحسناً ملحوظاً في الإيرادات ، مقارنة بالعام الذي سبقه و الذي شهد انخفاضا غير معهود .،و تحدث هذا التقرير عن العديد من الجوانب الأخرى منها الوضع المالي للدولة و الدين العام و المصارف التجارية و سياسة النقد الأجنبي و غيرها .

وقد ابتدآ الديوان تقريره بالحديث عن الوضع المالي للدولة بشكل عام تم جزء هذا الفصل إلى عدد من النقاط منها الدين العام للدولة وظروف الأزمة الحالية وإنفاقات حكومة البيضاء و غيرها سنتحدث عن كل منهم بالتفصيل .

الوضع المالي للدولة:

كشف تقرير ديوان المحاسبة في فصله الأول أن إيرادات الدولة في عام 2017 وصلت إلى 22 مليار دينار بينما لم تتعدى التسعة مليارات في السنة الماضية، أما عن مصروفاتها فقد وصلت إلى 32 مليار دينار ليكون هنالك عجز بقيمة 10 مليار دينار، وقد شهدت هذه السنة انخفاضا في قيمة العجز أيضاً مقارنة بالسنوات الماضية حيث وصلت نسبة العجز إلى ما كانت عليه في عام 2013، في مؤشر لتقدم ملحوظ.

وبالرجوع إلى عام 2012 بإمكاننا التماس التردي في الوضع الاقتصادي للدولة، حيث كانت إيرادات الدولة في عام 2013 تقدر ب70 مليار دينار، أما الإنفاق الفعلي للدولة فوصل في ذلك العام إلى 49 مليار دينار ، ليكون هنالك فائض قدره 21 مليار دينار .

ومن عام 2012 لم تعرف الدولة مصطلح الفائض بل ألغي من قواميسها الاقتصادية فبدأ العجز في التضاعف سنةً بعد سنة ليصل في سنة 2015 الى 25 مليار دينار وينخفض في 2017 إلى 10 مليار دينار فقط.

اندرج تحت بند الفصل الأول عدد من النقاط سنعرضها لكم في الاتي …

الدين العام:

ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى إنخفاض الإيرادات إلى هذا الحد هي إغلاق الموانئ النفطية حيث لم تدرك الدولة التبعات و العواقب من هذا الإغلاق و لم تنقص من قيمة الانفاق ، مما أنتج عجزاً حاولت الحكومة تغطيته عن طريق عدة أساليب منها الدين العام أو سلف مصرف ليبيا المركزي ، فقد بلغ الدين العام التراكمي الناتج عن إقفال الحقل والموانئ النفطي نحو 58 مليار دينار ، حيث وصل الدين العام إلى قمة ارتفاعه في عام 2014 بعد اغلاق الحقول فوصل إلى قرابة ال22 مليار دينار.

وقد ذكر ديوان المحاسبة في تقريره السنوي أن هذا الدين تم بدون إطار تشريعي ينظمه وبالمخالفة مع مجموعة من الأحكام القانونية ، وأن الديوان قام بتنبيه مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية عدة مرات بدون فائدة تذكر .

حكومة البيضاء وإنفاقاتها :

الانقسام السياسي في ليبيا جعل الحكم ينقسم بين حكومتين إحداهما في المنطقة الشرقية و الأخرى في الغربية ، لكل منها مصروفاتها حتى وان لم تكن مركزية .

فبالإضافة إلى مصروفات الحكومة المركزية في طرابلس والتي تحدثنا عنها ، قامت الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء بصرف مبالغ في أوجه متعددة ، وكان إجمالي هذه المبالغ 21 مليار بين عام 2015 -2017 .

فقد إنفقت الحكومة المؤقتة حوالي 13 مليار في المرتبات خلال هذه الستوات ، و حوالي 3 مليار فيما أسمته بالمصروفات العمومية ، و3.3 مليار في المشاريع و البرامج التنموية ، أما لدعم وموزانة الأسعار فقد أنفقت مليار ونصف دينار .

ليكون إجمالي إنفاق الحكومتين في السنوات الستة الماضية 277 مليار دينار ، وذكر الديوان في نهاية حديثة ، لا زالت الضبابية تكتنف مصادر التمويل التي أتيحت للحكومة المؤقتة و التي يمكن بها تحديد قيمة الدين العام الناتج عن هذا الإنفاق والذي يتوقع أن يتجاوز 15 مليار دينار

ظروف الأزمة خلال عام 2017 :

بعد تحسن إنتاج النفط وارتفاع موارده التي كانت أفضل من الأعوام السابقة ، ظهرت مؤشرات تدل على أن الوضع الاقتصادي كان من الممكن أن يكون أفضل ،و أن الوضع الاقتصادي الذي عاشته الدولة خلال العام الماضي كان غير حقيقي .

وقد برر ديوان المحاسبة الوضع الاقتصادي السيء بسياسة التضييق التي انتهجها مصرف ليبيا المركزي ، وقد ألحق ديوان المحاسبة كلامه بمقارنة بين إيرادات النفط واستخدامات النقد الأجنبي مقوم بالدولار والذي اعتبره المؤثر الرئيسي في انعاش الاقتصاد وتخفيض الأسعار .

حيث أثبتت بيانات مصرف ليبيا المركزي انه خلال عام 2017 تحسنت إيرادات النفط وتحققت إيرادات بالنقد الأجنبي بأكثر من 13.77 مليار دولار بعد أن كان 4.7 مليار دولار فقط .

وبعد أن تولت وزارة الاقتصاد إدارة الموازنة الإستيرادية لم يستطع المصرف المركزي إنفاق أكثر من 8.9 مليار دولار على احتياجات الدولة أي أقل من الايرادات بخمسة مليار ، وفي المقابل عندما كانت الموازنة الاستيرادية تدار من قبل مصرف ليبيا المركزي انتهج المصرف سياسة توسعية في انفاق النقد الأجنبي بشكل تجاوز موارد الدولة بنسب تجاوزت التلاثة أضعاف .

ليبقى التساؤل المهم والذي يدور في أذهاننا جميعاً إلى متى سيستمر ويتراكم العجز بين الإيرادات و المصروفات ؟ ومتى سيكون هنالك فائضاً تستفيد به الدولة بدلاً من تضاعف رقم الدين العام سنة بعد سنة …
سؤالٌ لن تجيب عنه الا الأيام والزمن …