قراءة لدراسة بعنوان تغير دور الدولة في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 “الجزء الثاني”

371

كتب: د. عبدالله ونيس الترهوني – أخصائي اقتصاديات النقل

لقد استعرض القسم الثاني من الدراسة إتجاهات إدارة الدول في مجابهة أزمة فيروس كورونا، وقد اتسمت هذه الاتجاهات بالتباين الشـديد بسبب خصوصية وتباين الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم، وقد أوضح هذا القسم من الدراسة وبالتفصيل الأسباب التي جعلت من الولايات المتحدة أكثر عدداً للمصابين والوفيات في العالم، وفي مقابل ذلك فقد أوضح هذا القسم من الدراسة كيف احتوت الصين الفيروس في خمس خطوات صارمة، وكيف تم لها توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الوقاية والعلاج، وكيف استطاعت ألمانيا أن تحقق أقل عدد من الوفيات وذلك عبر خمس إجراءات صحيحة تم تطبيقها بعناية ووفقاً لتراتبية مُعدة سلفاً، وأوضح هذا القسم أيضاً ظواهر البلطجة والنهب والمتمثلة في: نهب المساعدات الإنسانية، واسـتهداف المساعدات الطبية، والإبتزاز وفرض الإتاوات، وإلى تأزم موقف الدول الداعمة لمسلحين خارج حدودها، وفي كل الأحوال فقد تم تجزئة القسم الثاني من الدراسة (وكما هو موضح بالصورة) إلى الاتي:


1- ظهور مفهوم “الدولة القوية والمجتمع القوي”.
2- صعود نموذج “الدولـة المهيمنة”.
3-  التباين الواضح في آداء الدول الفيدرالية.
4- عودة مفهوم دولة المراقبة مجدداً: سواء كانت الدولة (الحارسة/ الحماية).
5-  عودة دور “الدولة المتداخلة اقتصادياً” وتدخل الدولة المباشر في الإقتصاد ضمن هذا الدور.
6- تكريس معضلة الدول الهشة: وقد خص بالذكر بعض الدول العربية الهشة التي تمزقها الصراعات كليبيا واليمن وسوريا.

أما القسم الثالث والأهم من الدراسة فهو المخصص لملامح الدور الجديد للدولة في مرحلة ما بعد كورونا، ولكن قبل ذلك فقد استعرض الأنماط الخمسة للدول وهي : دولة الحماية، والدولة التعاونية، ودولة الشراكة، والدولة الحارسة، والدولة الضارية، كما استعرض أيضاً مساهمات (تبرعات) أبرز الدول في منظمة الصحة العالمية WHO مطلع العام الجاري، والتي تصدرتها الولايات المتحدة ب116 مليون دولار، تلتها الصين ب57 مليون ثم اليابان ب41 مليون ثم ألمانيا ب29 مليون ثم بريطانيا ب22 مليون ثم فرنسا وإيطاليا والبرازيل وبمبلغ قدره 21 و16 و14 مليون دولار على التوالي، أما الاتجاهات العشرة لملامح الدور الجديد للدولة في مرحلة ما بعد كورونا بحسب هذه الدراسة (وكما هي موضحة بالصورة) فهي:


1- ظهورالحاجة لحكومات ضخمة  “Big Government’s”.
2-  ظهور الحاجة أكثر من ذي قبل للقطاع العام.
3-  تحقيق الاكتفاء الغذائي للدول صار مطلب أكثر إلحاحاً من ذي قبل.
4- إنكفاء الدول داخل حدودها الوطنية “Borders” مجدداً.
5- تصـدر بعض السياسات والتي كانت تُعرف بأنها سياسات دنيا /وصغرى لبعض الدول “Low Politics”. وبالأخص سياسات الصحة العامة والتعليم والبحث العلمي.
6- لامناص من مواكبة التكنولوجيا ودعم البنية التكنولوجية.
7-  تنامي دور أحزاب الخضر “Green Peace” والداعمين للبيئة.
8-  تزايد المراقبة التشاركية أو المعروف بنموذج تايوان “Participatory Self- Surveillance”.
9- تصاعـد موجات الاحتجاجات والمظاهرات في كل دول العالم.
10- بروز و تطور دور الاسـتخبارات الوبائية لكل الدول.

ومن جانب آخر فإن الاقتصاد العالمي يتعرض هذه الأيام بسبب جائحة كورونا إلى تحديات غير مسبوقة، ودون الحاجة لتكرار مانشرته عن دور الصناديق السيادية في ظل جائحة كورونا وما بعدها فإن هناك 5 محددات سترسم الخطوط العريضة لعمل الصناديق السيادية في المستقبل، وهي التي ستحدد مدى قدرة الصناديق السيادية على الاستمرار، وهذه المحددات هي:

  1. تزايد دور الدولة في النشاط الاقتصادي المباشر وبما يتجاوز دورها الحالي كمشرع ورقيب فقط؛ وحيث أن الصناديق السيادية هي أحد أذرع الدولة الاقتصادية فإن ذلك سيزيد من أهميتها بالرغم من الأوضاع الراهنة التي تشير إلى الحساسية من الاستثمار الخارجي وفقاً لإعتبارات جيوسياسية.
  2. زيادة الوزن النسبي للموارد الاستثمارية المخصصة محلياً وإن كانت محفوفة بمخاطر أعلى وبإيرادات أقل من العملات الأجنبية بسبب جائحة كورونا، وهي نتيجة حتمية لإعادة رسم الخطوط العريضة للإنتاج العالمي وسلاسل الإمداد العالمية وبالتزامن مع زيادة التوترات والحروب التجارية، وسن المزيد من التشريعات بهدف الحمائية التجارية.
  3. سيظهر قريباً تمايز بين الصناديق السيادية حول العالم، وذلك بسبب تباين سياساتها وآلياتها في التعامل مع الآثار الاجتماعية والبيئية والصحية، ومع تغيرات المناخ وإن كانت ضمن معايير الحوكمة التي أقرتها مبادئ سانتياغو.
  4. بلا شك سيؤثر الاستثمار المباشر FDI على كل من: معدلات النمو الاقتصادي، وعلى توافر فرص العمل، ومدى الإلتزام بالحد الأدنى للأجور، وعلى توافر المناخ الآمن للعمل كنتيجة للركود الاقتصادي الذي خلفته (تخلفه) جائحة فيروس كورونا.
  5.  ظهور مشكلات إدارة الديون عالمياً وتحدياتها (ديون الدول أوالشركات) على السطح في ظل ركود اقتصادي عالمي بسبب تفشي جائحة كورونا، مع زيادة إحتمالات تعثر سداد هذه الديون من جهة، والحاجة لإعادة جدولتها من جهة أخرى.
    يتبع…

    رابط الجزء الأول

    https://sada.ly/2020/06/02/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%84%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a8%d8%b9%d9%86%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%81%d9%8a/