ذكرت صحيفة “كوريري ديلا سيرا” الإيطالية أن ليبيا تعاني من ضغوط مالية متزايدة ربما تنتظرها أسابيع من العذاب ومع اقترابها من نقطة الانهيار فإنها تهدد بإطلاق العنان لموجة جديدة من المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط .
الرسالة:
وقالت الصحيفة الإيطالية أنه ما ترونه أعلاه هو الرسالة الإلكترونية التي تواصل بها الفتاح غفار لسويفت بأنه المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي
ويوضح أنه بالتالي يتمتع بالتوقيع السيادي على العمليات المالية للبلاد وقبل ذلك بأيام أرسل رئيس والزراء عبد الحميد دبيبة جماعات مسلحة لإقالة المحافظ الذي يشغل منصبه منذ 2011 الصديق الكبير، بالقوة، واحتجاز الموظفين كرهائن في مبنى البنك ويحدد غفار في الرسالة أن الكبير الذي فر الآن إلى تركيا قد تم فصله و”إلغاء” صلاحياته بالتوقيع الرسالة مؤرخة في 26 أغسطس لكنها ظلت دون إجابة منذ ذلك الحين سويفت صامت وغفار معلق ومعه المركزي .
وبحسب الصحيفة إن سويفت هي شبكة مملوكة إلى حد كبير لبنوك غربية كبيرة بالإضافة إلى بنك الصين والتي تسمح بالمدفوعات المتبادلة بين الشركات المالية في السوق الدولية أما تلك التي انقطعت عن خدمة سويفت كما هو حال العديد من البنوك الروسية اليوم فقد أصبحت خارج نطاق المعاملات الدولية إلى حد كبير ولا يمكنها التداول في العملات الاحتياطية الرئيسية الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني أي شخص لا يستطيع الوصول إلى سويفت وهو في الأساس منبوذ دوليًا وبما أن سويفت لا يعترف بتوقيع غفار عن البنك المركزي فأنه التعامل مع المصرف لايزال في وضع مجهول .
لماذا حدث هذا وماذا يعني في الواقع؟
وأضافت الصحيفة الإيطالية أن ليبيا ليست دولة فقيرة ولكن الملايين من سكانها فقراء لكن لدى بنكها المركزي احتياطيات من العملات الأجنبية تبلغ 84 مليار دولار أي ما يقارب من 12 ألف دولار لكل مواطن وكلها تقريبًا موجودة في الخارج توجد خزانة طرابلس اليوم بشكل أساسي حوالي 64 مليار دولار مودعة بين بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وبنك سيتي بنك الأمريكي والمنصتين الماليتين كليرستريم في لوكسمبورغ ويوروكلير في بروكسل الأخيرة هي نفسها التي تمتلك اليوم أيضًا غالبية الأصول احتياطيات موسكو المجمدة .
وتابعت الصحيفة بالقول أنه من الناحية الرسمية لا تخضع الأصول المالية في ليبيا لعقوبات مثل العقوبات المفروضة على روسيا لكن حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة وبالتالي سويفت لا تعترف بشرعية المحافظ الجديد تعني أن البنك المركزي الليبي فقد القدرة على الوصول إلى ودائعه. الاحتياطيات، لجميع الأغراض العملية محظورة. وهو ثاني أكبر تجميد في التاريخ بعد التجميد الذي تعرض له موسكو قبل عامين ونصف ومن المدهش أيضاً أن احتياطيات ليبيا اليوم تبلغ 84 مليار دولار .
واطلعت الصحيفة على البيانات السرية للبنك المركزي قبل ثلاثة عشر عامًا في ظل الفوضى التي أعقبت سقوط العقيد معمر القذافي في ذلك الوقت كان هناك حوالي تسعين مليارًا مودعة بين إنتيسا سان باولو ويونيكريديت، وبي إن بي باريبا وسبعة أو ثمانية شركات أوروبية كبرى أخرى .
وأكدت الصحيفة إن حقيقة أنه بعد ثلاثة عشر عامًا ظلت قيمة الخزانة العامة الليبية على حالها أو حتى انخفضت على الرغم من تصدير النفط بحوالي 23 مليار دولار سنويًا بالإضافة إلى الغاز تعطي مقياسًا للنهب المنهجي الذي تتعرض له البلاد وتخضعها للعائلات الحاكمة حالياً في طرابلس وبنغازي .
العواقب:
وأوضحت الصحيفة أن تعليق سويفت لا يؤدي فقط إلى فقدان السيطرة على الاحتياطيات البالغة 84 مليار دولار هناك ما هو أسوأ والأثر المباشر هو أن البنوك الدولية لم تعد تتعامل مع البنوك الليبية وبالتالي لم تعد ليبيا قادرة على تحصيل عائدات بيع النفط والغاز ولكن حتى هذه ليست المشكلة الأكثر خطورة على نحو متناقض لأن حفتر رد على انقلاب الدبيبة على البنك المركزي من خلال منع جميع صادرات النفط الخام من ليبيا تقريبا ولكن كما سنرى قريبا ليس كلها تماما .
في الأسواق العالمية:
وتابعت الصحيفة بالقول أن المشكلة الأكبر والأكثر إلحاحاً هي أنه مع عزل بنوك ليبيا عن بقية العالم لم تعد ليبيا قادرة على دفع أي شيء في الأسواق الدولية وبالتالي لم تعد قادرة على استيراد المواد الغذائية وهي بلد لا تنتج أي شيء تقريباً فإن البلاد تسير على مستوى مائل بحسب وصف الصحيفة .
واليوم بالفعل لا نهاية لطوابير الانتظار للحصول على البنزين ولكن إذا لم يتغير شيء ما فسيبدأ نقص الغذاء بشكل خطير في الشهر المقبل ولن يتمكن الناس من علاج أبسط الأمراض في هذا السيناريو ستكون مسألة وقت فقط قبل أن يعتمد بعض مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة أو اللاجئين السوريين في البلاد على المهربين لمحاولة الوصول إلى أوروبا وفقا للصحيفة.