أبوبكر سعيد: “الكبير” لا يعترف بأي سلطة وإجراءاته أحادية ولم يقدم أي جديد في إحاطته

236

كتب: عضو مجلس النواب بطرابلس “أبوبكر سعيد”

في جَلْسَة إحاطة يوم الثلاثاء السادس من أكتوبر 2020 استمعنا لمحافظ مصرف ليبيا والفريق المصاحب له حول رؤيته في كيفية معالجة أزمة نقص السيولة النقدية بالمصارف، وما يواجه المواطن من أزمات خانقة عجز بسببها توفير أهم حاجياته اليومية.

تقييم لما دار من نقاش بشفافية:

محافظ مصرف ليبيا المركزي السيد الصديق الكبير مازال يعمل منفردًا وبدون مجلس إدارة موحد منذ انقسام المصرف وأصبح المصرف مركزه في طرابلس وموازي له في البيضاء، فالمحافظ ومنذ ذلك الوقت لا يعترف بأي سلطة وإجراءاته أصبحت أحادية الجانب والعلاقة بينه وبين الحكومة ليست في المستوى بل سيئة أحيانًا، وتصل لحد القطيعة بينه وبين وزير المالية المفوض.

ما أربك المشهد وأضعف أدوات المتابعة والرقابة هو استمرار حكومة الوفاق الوطني باستخدام ترتيبات مالية سنوية مؤقتة للإنفاق على أبواب الميزانية لمؤسسات الدولة، الذي أعتبره أحد الأخطاء الاستراتيجية التي قامت بها الحكومة، مما سبّب في ضعف التعاون بين مصرف ليبيا المركزي والحكومة، فلا يعقل أن يستمر الإنفاق بدون قانون ميزانية معتمد وصادر عن السلطة التشريعية.

تحدث المحافظ في جلسة الإحاطة الماضية بكلمات مختصرة دون الإفصاح عن التفاصيل، وكأنه لا يتحدث أمام أعلى سلطة في الدولة وتناسى أنه يخضع للسلطة التشريعية ويتبعها وليس العكس.

أوضح المحافظ أنه سعى لتغيير سعر الصرف من عام 2016، وهذا منافي للواقع وبشهادة أهل الاختصاص، أذكر جيدًا اجتماعات عدة عقدت في عام 2016 بطرابلس بعضها مع المدراء العامون للمصارف، وكان الهدف من الاجتماعات وضع حل لتدهور الدينار الليبي أمام العملات الأخرى الذي وصل في ذلك الوقت إلى ما يقارب 5 دينار للدولار الواحد، ما تم الاتفاق عليه ضرورة سرعة تعديل سعر الصرف وتوحيده لكافة السلع والخدمات ورفع التوصية لمصرف ليبيا المركزي وبدلًا من دراستها والعمل بها، قوبلت التوصية بالرفض والإهمال إلى أن وصل فيما بعد الدولار الواحد بعشرة دنانير ( كاش ) وأربعة عشر دينار (بالصكوك المصرفية) في تدني وانهيار لم يصل إليه الدينار بهذا المستوى من قبل.

في نهاية 2018 اتخذ القرار بتغيير سعر الصرف وهبط الدولار حوالي 50% في مرة واحدة.. السؤال الذي لم يستطع الإجابة عنه: لماذا تأخر قرار تعديل سعر الصرف ومعالجة الأزمة الخانقة للسيولة النقدية وتكدسها خارج المنظومة المصرفية.

محافظ مصرف ليبيا المركزي لم يقدم جديد في إحاطته بل لم يعطِ أرقاما حقيقية عن حجم الاحتياطيات بالنقد الأجنبي وما هو المتاح ولا معلومات وتفاصيل حول الودائع الليبية لدى البنوك والمؤسسات الدولية.

في بيان له مؤخرًا وصف لقائه يوم 06 أكتوبر 2020 أمام مجلس النواب بطرابلس، إنه لقاء مع أعضاء من مجلس النواب وهذه رسالة واضحة وتأكيد لما وصفته سابقًا، إنه لا يعترف بمجلس النواب لا طرابلس ولا طبرق، ربما جاء ذلك ردًا وغضبًا على مداخلات أعضاء المجلس بعد أن تحولت جلسة الإحاطة لجلسة مساءلة رسمية، وفشله في إقناع الأعضاء وعدم الرد على الكثير من الأسئلة الهامة التي في أغلبها تتعلق بكيفية معالجة الازمة المالية ونقص السيولة وكيفية وضع سياسات نقدية فاعلة.

ما لاحظناه بصراحة غياب السياسات النقدية والرؤية المتكاملة لتطوير النظام البنكي أو جعل المواطن فخور بما يقدم له من خدمات وتسهيلات مصرفية، أو على الأقل تمكين الزبون من الوصول لحسابه والصرف منه في أي وقت أراد، كل ذلك يؤكد صعوبة حل أزمة نقص السيولة النقدية في وقت قصير ما لم تعالج جملة من المشاكل والصعوبات وتوضع لها المعالجات المناسبة أهمها الاقفال المتكرر وغير المبرر لموانئ تصدير النفط.

بالتأكيد قفل النفط المتكرر واستعماله كسلاح للمساومة السياسية كارثة على الدولة، بنفس الوقت الفساد المالي بمؤسسات الدولة شرقًا وغربًا وجنوبًا وغياب الشفافية والنزاهة وعدم العدالة في فتح الاعتمادات أو المزاجية في توزيع السيولة النقدية على المصارف كذلك المركزية والسيطرة على القرار كلها ممارسات خاطئة وجب إيقافها والتصدي لها لينعم الشعب بخيراته ومقدراته.

استمرار الاعتماد على النفط كممول رئيسي للميزانية، وزيادة الإنفاق التسييري من عام إلى عام على حساب ما يخصص وينفق على التنمية، وضعف متابعة تحصيل الإيرادات غير النفطية، كل ذلك تشوهات ساهمت في زيادة الأزمة ومفاقمتها.

ذكر المحافظ أن قيمة ما تم تحصيله من عوائد بيع النقد الأجنبي حوالي 52 مليار دينار، وبدلًا من أن يذهب هذا المبلغ في التنمية ودعم المواطن وصرف علاوة الزوجة والأبناء المتأخرة تنفيذًا للقانون، تم تخصيص الجزء الأكبر من هذا المبلغ في إطفاء الدين العام دون أخذ الإذن من السلطة التشريعية أو استكمال عملية التدقيق المالي الدولي للتأكد من سلامة صحة أوجه الإنفاق السابق.

في اعتقادي، ولحل الأزمة بشكل نهائي أرى الآتي:-

ضرورة سرعة إنهاء حالة انقسام المؤسسات وأهمها مصرف ليبيا المركزي، وتكليف محافظ ونائب محافظ ولجنة ادارة متخصصة مهنية وطنية، بعيدًا عن المحاصصة الجهوية والقبلية والحزبية.

تكثيف الجهود لعودة إنتاج وتصدير النفط ورفع معدلاته وإبعاد مصدر دخل الليبيين الوحيد عن التجاذبات السياسية وأن لا يكون ورقة في يد أي طرفاً كان.

توحيد سعر الصرف لكافة السلع والخدمات الحكومية وغير الحكومية أسوة بما فعلته العديد من الدول.

استمرار بيع النقد الأجنبي لأرباب الأسر والأغراض التجارية وأن يكون متاحًا للجميع ووفقًا للسعر المحدد.

فتح المنظومة المصرفية لكافة فروع المصارف وعدم قفلها بين الحين والآخر وابعاد المصرف عن التجاذبات السياسية.

معالجة إشكالية دعم الوقود الذي يذهب اغلبه في التهريب ولا يستفاد منه خاصة في المناطق الحدودية.

ضرورة الاهتمام بالتنمية المكانية والقضاء على المركزية وتقليل الإنفاق التسييري.