أزمة السلع الغذائية .. نتاج قراراتٍ حكومية أم امتدادٌ للأزمة العالمية

302

حذّرت منظمّة الأمم المتحدة للغذاء في الآونة الأخيرة مِن أنّ الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع بما يتراوح بين 8 و20% نتيجة الصراع الدائر بأوكرانيا، حيث قالت أن الارتفاع الأخير في أسعار المنتجات الزراعية يجب أن يدق فيه ناقوس الخطر لأنه يأتي في سياق تعتبر فيه أسعار المواد الغذائية الأساسية بالفعل مرتفعة ويشكل تفاقم الصراع العسكري في أوكرانيا تهديدا للأمن الغذائي العالمي.

أمّا محلياً فقد أفادت بيانات صادرة عن المصرف المركزي بارتفاع معدلات التضخم في البلاد على أساس سنوي في العام 2021 إلى نسبة 2.8%، وقد مثّلت أسعار سلة الغذاء والمشروبات على النصيب الأكبر من الارتفاع في الربع الرابع إذ سجلت تضخمًا بنسبة 5.5%.

كانت الأخبار السابقة عنواناً للحدث الأبرز في الفترة وهو ارتفاع أسعار السلع التموينية في السوق الليبي بتسارعٍ كبير وازدياده يوماً بعد الآخر؛ فما هي العوامل المؤثرة في هذا التضخم وكيف يمكن اختيار السياسات الاقتصادية المناسبة سواء مالية أو نقدية أو تجارية لإيجاد حلول ناجعة وناجحة يمكن تنفيذها عاجلاً غير آجل.

للمزيد من الإستيضاح فيما يخص هذه المسألة تحدّث رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بنغازي “علي الشريف” وقال: إذا جئنا للحقيقة والشق الداخلي هو عدم اتزان حكومة الوحدة الوطنية في اتخاذ الكثير من السياسات الاقتصادية وخاصة المتعلقة بالسياسة المالية، بضخ الكثير من الأموال الغير مدروسة الجانب والموجهة بالتحديد للانفاق الاستهلاكي، أما من جانب الحلول فقد طالب “الشريف” الدولة بالتدخل بشكل عاجل لتشكيل شبكة حماية للمستهلكين ذوي الدخل المحدود واذا كان تدخل الدولة ب ‪ دينار للفرد للأطفال في الشهر، فإن المئة دينار تعتبر أقل من 20 دولار شهرياً هذه القيمة حددت منذ إن كان الدولار بـ 1.40 دينار، أمّا الآن عندما أصبح الدينار الليبي يساوي أكثر من 4 دولار يجب أن تتغير وفق هذا الارتفاع حتى يتم تعويض المواطن”.

وصرّح وزير الاقتصاد والتجارة “محمد الحويج” لـ صدى بقوله: “نهتم بدعم المواطن بالسلع المُستوردة التي ارتفعت أسعارها ويتم تعويضهُ سواءً عن طريق الدعم إمّا عن طريق دعم التُجار أنفسهم؛ وقد نضطر إلى إرجاع الجمعيات الاستهلاكية إذا كان هُناك ضرورة لنساعد المواطن خلال هذه الأزمة التي فيها الأسعار مرتفعة” لتتحصّل صدى الاقتصادية -حصــرياً- بعدها على قرارات “الحويج” بشأن تشكيل لجان إحداها لمتابعة دعم الأمن الغذائي ولجنة أخرى لمتابعة مكاتبات الوزارة بموضوع الأمن الغذائي لدى الجهات ذات العلاقة ومتابعة ديون الشركات الموردة للسلع الأساسية ومراجعتها، ومتابعة قرارات الوزير بخصوص توزيع الدقيق وكافة السلع الأساسية.

من جانب آخر صرّح مدير إدارة الشؤون التجارية “مصطفى قدارة” معلّلاً ما حدث بقوله :”إنّ بعض الدول منعت تصدير السلع من خلال الأزمة الحالية كالقمح والزيت، لأن الكثير منها تسعى الآن لتوفير وتأمين غذاء لشعوبها، وهذا يعتبر أمن غذائي، وغيابهُ يُعد مؤشر خطر؛ أمّا الوزارة والسوق الليبي حالياً يعمل على قانون “23” لسنة 201‪0 بتحرير الاقتصاد ومبدأ بالمنافسة والعرض والطلب، ولكن يوجد مادة في القانون التجاري تجيز و تسمح لوزير الاقتصاد في الأزمات بأن يتدخل ويقوم بتسعير السلع”.

وفي ذات السياق أجرت صدى الاقتصادية لقاءاً مع أحد موّردي السلع الأساسية بعد اجتماعهم مع مسؤولي وزارة الاقتصاد والذي قال: الحلول التي أُقترِحَت غير جدرية إلى أن يتدخل مصرف المركزي ورئيس الوزراء هم بتثبيت سعر الصرف لتخفيف عن المواطن وخاصة في شهر رمضان؛ الأسعار العالمية ازدادت وسعر الصرف مرتفع، وإذ لم يتم التدخل لتعديل سعر الصرف بما يتناسب مع التجار فلن يتم الوصول إلى حل؛ نحن دولة مستهلِكة وأغلب استيرادنا للسلع الأساسية من أوكرانيا التي فيها الحرب لازالت قائمة، ولن نتمكن من الاستيراد مع ارتفاع سعر الشحن من الدول الأخرى.

أيضاً أسلف أحد أصحاب المحال التجارية وقال: “نحنُ فقط نبيع بذات الأسعار التي تصلنا من الشركات المورّدة وحسب اختلافها، وفي اعتقادنا أنّ هذه الأزمة دولية المنشأ ولايمكن أن تُحل عن طريق التجار بل من الضروري اتخاذ إجراءات من الحكومة تحدّ من هذا الارتفاع الكبير في سعر الزيت خصيصاً الذي يعدّ جزء من شبكة سلع مهمة يحتاجها المواطن كالدقيق والسكر وغيره”.

كذلك صرّح رجل الأعمال “حسني بي” لصحيفة صدى الاقتصادية حيال الأسباب وراء ارتفاع الأسعار مؤخراً حيث قال: الحكومات المحترمة والصادقة و الشّفافة بالأزمات تمنح مواطنيها دعم نقدي وذلك لتغطية فروقات و ارتفاع أسعار المواد بالزيادة عن السعر النمطي العادل و منح دعم نقدي للمواطن لشراء الكميات المُقدّرة للاستهلاك، ‎ارتفاع الاسعار الخيالي مصدره تضخم مُستورد وسوء سياسات نقدية”.

وأضاف: “كما أنّ تأثير ارتفاع الأسعار نتيجة التضخم المستورد يمثّل 50% من تكلفة إجمالي السلة الغذائية، وهو ناتج عن ارتفاع الأسعار عالمياً ومنها تباعاً بالسوق الليبي”.

هذا وقد أفادت آخر الأخبار أن وزارة الاقتصاد نشرت قرارً لتحديد أسعار عدد من السلع الغذائية، على أن يتم العمل بهذا القرار من تاريخ إصداره وحتى نهاية شهر رمضان المبارك.

‎‎وهنا تعددت الآراء والحلول حول قضية ارتفاع الأسعار، ويبقى التساؤل المطروح متى ستُنفّذ كل هذه المُقترحات على أرض الواقع ولماذا كل هذا التأخير في اتخاذ القرار من قبل الجهات الحكومية وإلى متى سيبقى المواطن ضحية القرارات المتراكمة.