أسعار الأضاحي هذا العام تكسر قانون العرض و الطلب !

866

يكاد الليبيون أن يجمعوا أنه ما من عيد أضحى إلا وأهله ملزمون بنحر أضحيتهم، فرغم ضيق ذات اليد لبعض العائلات وعجزها عن توفير ثمن اضاحيها والارتفاع المضطرد في أسعار الأضاحي ، إلا أنهم لا يألون جهدا ولا يذخرون وسعًا في سبيل الحصول على الأضاحي ، بالرغم من قيام جمعيات خيرية وأفراد بتقديم عددٍ لابأس به من الاضاحي كإعانات للأسر محدودة أو عديمة الدخل.

هذا العام شهد ارتفاعا في المستوى العام لأسعار الاضاحي مقارنة بما سبقه من سنوات، فالأضحية المحلية بلغ متوسط سعرها 1300 حسب ما رأيناه في الأسواق ، كذلك ورغم توفر الاسواق على كميات من الخراف الاسبانية والرومانية الا ان متوسط اسعارها كان في حدود 900 دينار .

الاعتمادات كانت قد فتحت لاستجلاب أضاحي حية من اسبانيا والقيمة فاقت 200 مليون يورو، وهي قيم كان ينبغي أن تساهم في الحد من ارتفاع الأسعار، ولكن يبدو أنه كان للتجار رأي اخر.

الملاحظ هذا العام كثرة أماكن بيع الأضاحي و مستلزماتها حتى باتت تشكل عرقلة لحركة السير وازدحاما غير مطلوب في وقت ارتفعت فيه الاصابات بجائحة كورونا وبات من الملزم و الضروري التقيد بالتباعد الاجتماعي ، وحتى هيئة الأوقاف رأت هذا العام إلغاء صلاة العيد في المساجد والساحات حيث ترتفع فرص الاصابة بالكورونا.

وعوداً على بدء فإن أسعار الأضاحي لهذا العام قد تكون فتحت الباب امام ارتفاع أسعارها من عام لآخر بغض النظر عن نظرية العرض والطلب، فالمعروض يكاد يفوق حاجة السوق ان لم يكن قد فاقها فعلاً، ورغم عدم صرف مرتبات شهر يوليو قبل العيد من طرف مالية الوفاق إلا أن ذلك لم يجعل مؤشرات الأسعار تنحرف عن مساراتها حيث يتزامن ذلك مع صرفها بالمنطقة الشرقية و انخفاض الأسعار هناك .

إضاءات  على أسعار الأضاحي و أوضاع المواطنين :

يقول أحد المواطنين لصدى الاقتصادية أن أسعار الأضاحي الوطنية هذا العام تتناسب مع أصحاب الدخول العالية فلا يعقل أن يبدأ سعر الوطني ب1500 و ينتهي ب 3000 دينار .

و يرى المواطن بعدم وجود مبرر لارتفاع المواشي ، و أن ارتفاعها سبب أزمة و ربكة في ظل تأخر صرف المرتبات و عدم تمكنهم من سحب حتى مرتباتهم التي طالتها الخصم برأيه و لا تكفي لشراء أضحية .

اختلاف أسعار الأضاحي من تاجر إلى آخر بطرابلس:

قال تاجر مواشي “زياد عقل” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية أن قيمة أسعار الأضاحي لديه يبدأ من 1100 إلى 1800 و جميعها وطنية .

و أضاف بالقول: أن سبب ارتفاع الأضاحي هذه السنة تختلف من تاجر إلى آخر ، مضيفاً أن زيادة قيمة الأعلاف ساهمت في زيادة سعر الأضاحي بشكل كبير.

تاجر آخر تبدأ أسعاره من 1200 حتى 2900 دينار حيث أفادنا أن سبب رفع أسعاره يكمن في ارتفاع قيمة الأعلاف و تضرره الكبير جراء الحرب السابقة بطرابلس ، وتقلص عدد أغنامه .

وزارة الاقتصاد بالوفاق : أحد أسباب ارتفاع الأسعار يكمن في التهريب .

يقول مدير إدارة الشؤون التجارية بوزارة الاقتصاد و الصناعة بحكومة الوفاق الوطني “مصطفى قدارة” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية أن وزارة الاقتصاد لم تتدخل خلال 2019 و 2020 بخصوص استيراد الأضاحي بل كان الاستيراد حر ، وشكلت الوزارة لجنة و استكملت الإجراءات و أحالت الموضوع بالكامل إلى مصرف ليبيا المركزي .

و أضاف بالقول: إن سبب ارتفاع الأضاحي المستوردة يكمن في أن الكمية الموردة من الأغنام لا تكفي و لم تغطي احتياجات السوق الليبي ، وفيما يخص المواشي الوطنية فإن سبب ارتفاعها هو نقص الأعلاف و المراعي ، و الحرب التي جرت في ضواحي طرابلس و التي سببت في تقلص عدد الأغنام بالمنطقة .

و كشف “قدارة” خلال تصريحه “لصدى الاقتصادية” إن تهريب بعض الأغنام التي يتم توريدها من اسبانيا أو  من الدول الآخرى  إلى دول الجوار سبب في ارتفاع أسعارها كذلك .

و تابع “قدارة” بالقول: إن عدد الأغنام الموردة إلى ليبيا يقارب 203 ألف رأس ، و مقارنة سنوات ماضية يوجد نقص ، مضيفاً أنه خلال اليوميين القادمين ستشهد الأسعار انخفاضاً وذلك بسبب عدم وجود سحب كبير على الأغنام نتيجة نقص السيولة فالمصارف باشرت التوزيع بداية هذه الأسبوع.

كيفية احتساب تكلفة الأغنام الموردة عن طريق الاعتمادات :

و من جهته كشف مصدر يعمل بإحدى المصارف الليبية لصحيفة صدى الاقتصادية أنه عندما يقوم التاجر بتوريد الأغنام يقوم باحتسابها على سعر السوق ، أي نقول أن سعر “الكيلو” عند وصوله إلى البلاد 5 يورو ، مما يعني أن 30 كيلو تساوي 150 يورو ,

و تابع بالقول: أنه بسعر المصرف 44 دينار لليورو مما يعني أنه السعر 600 دينار و عند التحميل عليه المكسب و ثمن الأعلاف يساوي 800 دينار وهذا سعر طبيعي .

أسعار الأغنام بالمنطقة الشرقية :

و للذهاب إلى أسعار الشرق الليبي تواصلت “صدى الاقتصادية” مع مراقب اقتصاد البيضاء أحمد “سحيب” و الذي أفادنا أن أسعار المواشي بالمنطقة الشرقية يبدأ من 600 دينار إلى 1500 دينار ، مضيفاً أنها تكفي احتياجات السوق الليبي و لا يوجد أي نقص ..

نصير : هناك ديون خارجية على الشركات لم يسددها المركزي

و من جهته قال المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الليبية “علي نصير” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية إن عدد الأغنام الموردة خلال هذه السنة بلغ 183 ألف فقط مقارنة بالسنتين الماضيتين الذي تم خلالهم توريد من 350 ألف إلى 400 ألف رأس و هذا الآمر نتج عن ارتفاعها هذا العام .

و أضاف بالقول: إن التجار الممتهنين في تجارة المواشي واجهتهم ظروف هذه السنة و أصبح السوق مفتوح و منحو الفرصة للتجار الصغار الجدد بهذا المجال و هذا أحد أسباب ارتفاع الأسعار ، و كذلك العادات و التقاليد الليبية بشراء الأضاحي و زيادة نسبة الطلب عليها .

و كشف “نصير” أنه لعدم سداد ديون التوريد الأضاحي لسنتين فهناك انطباع من الدول المصدرة للمواشي على الليبيين بالسوء ، و ذلك لعدم منح المركزي الأموال للتجار لتسديدها ، بالإضافة إلى عدم توريد عدد من شركات الليبية للأضاحي هذا العام ساهم في ارتفاعها .

و تابع بالقول: لا يوجد مبرر لارتفاع أسعار الأضاحي الوطنية فلا يعقل أن أسعار كيلو اللحوم بالمحال 50 دينار بينما تبلغ هي بذاتها 2500 ، مضيفاً أنه الأسعار في الانخفاض ، أن الأغنام المحلية استطاعت تغطية العجز الحاصل في الأغنام الموردة من الخارج و يجب دعم الثروة الحيوانية الليبية ودعم السوق المحلي..

و ختاماً هل تقييد حرية حركة التجارة كان حلاً لاجبار الأسعار على النزول؟ ولماذا لم تساهم الكميات الموردة من الأضاحي في الحد من صعود الكبير في أسعارها ؟ وهل يقع اللوم على الحكومة؟ أم على التجار؟ أم على المشترين الذين باتوا مستعدين لبذل أي مبلغ مقابل تأدية شعائرهم الدينية؟