الإتصالات في ليبيا ثروة منهوبة.. أم قسمة محسوبة؟

373

يبدو أن شركة الإتصالات الدولية القابضة باتت تصنف من كبرى الغنائم عند مقتسمي الكعكة الليبية، فبعد الضجة التي صاحبت إقالة فيصل قرقاب بعد سنوات عدة من تعيينه وماقيل حوله ومازال حيث لم تجف أحبار ما كتب عن هذه الشركة وتابعاتها من شركات الإتصالات والتقنية، ها هو بن عياد رئيس مجلس إدارة الشركة يعود لاقتحام واجهة الأحداث الاقتصادية بفضائح فساد جديدة وكارثية بدأها باللعب في إعادة تشكيل مجالس إدارات الشركات التابعة وخاصة الشركتان اللتان تبيضان ذهبا ونعني المدار وليبيانا.

الفساد لم يكن فقط في حذف مجلس الإدارة ليبيانا الجديد لرفضهم منحه الأرباح بل حتى بقيامه بتشكيل مجلس إدارة جديد ضم في عضويته أحد أعضاء مجلس ادارة شركة LTT ( أبوزويدة) !!

وعودًا على بدء فقد طالب “بن عياد” شركتي ليبيانا والمدار بتحويل مئات الملايين من الدينارات لحسابات الإتصالات الدولية القابضة من أرباحهما دون أن يتبين الاعتماد النهائي لميزانيات وقوائم الشركة ودون مراعاة لأبسط قواعد توزيع الأرباح ، بالإضافة إلى أنه لا يجوز لرئيس الشركة القابضة للإتصالات بأن يتدخل في مهام وشؤون شركة أخرى لها شخصية إعتبارية منفصلة الذمة المالية المستقلة حتى ولو كانت ملكية تلك الشركة للقابضة .

حيث أن ليبيانا والمدار والقابضة لكل منهما جميعة عمومية وقد يكون أعضاء الجمعية العمومية لكل شركة من الشركات الثلاثة هم ذات الأشخاص والصفات إلا أن توزيع الأرباح يخضع لقرار منفصل لكل جمعية عمومية ولكل شركة على حدى ، وأن رئيس الشركة القابضة أو مديرها العام أو رئيس مجلسها لا يمثل الجمعية العمومية لا للشركة القابضة أو لشركة ليبيانا أو لشركة المدار لذلك لا توجد صفة المالك في شخص رئيس مجلس إدارة القابضة .

كما أن توزيع الأرباح لأي شركة ذات ذمة مالية مستقلة تتم من خلال اجتماع الجمعية العمومية العادية من خلالها تقر الميزانية وتعتمد الأرباح والخسائر وتدفع الضرائب التي عليها ومن ثم تتوزع للملاك ..

ونضع التساؤل هنا: هل تم دفع الضرائب على هذه المبالغ ، هل اجتمعت الجمعية العمومية في جلسة عادية وقررت ما جاء في المراسلات رغم عدم الإشارة لما ذكر ، وهل تم دفع ضرائب 20٪؜ ضرائب وأرباح و3٪؜ ضرائب جهات !!!

وفي سياق متصل تحصلت صدى الاقتصادية مراسلة القابضة للإتصالات إلى شركة ليبيانا ومطالبته ب35 ألف كرت دفع مسبق على أن تسوى على حساب القابضة للإتصالات ، كما طالب بمراسلة أخرى 37 باقة كروت الخمسة دينار ، حيث تشمل المعاملة الأولى 48 الف كرت فئة خمسة دينار باجمالي 240 ألف، والمعاملة الثانية 35 ألف كرت رالمعاملة الثالثة 37 باقه كبيرة بقيمة 28000 دينار وفق مصادرنا والوثائق.

كما تحصلت الصدى الاقتصادية على مراسلة شركة المدار للقابضة للإتصالات تفيد بتوفير 10 آلاف بطاقة تعبئة فئة 10 دينار بناءً على مراسلة مدير العام للقابضة للإتصالات،حيث تم تسليم المطلوب مع مطالبة المدار اعتماد وسداد قيمة فاتورة خدمات بالأجل بمبلغ وقدره 100 ألف دينار .

وتحصلت صدى كذلك على فاتورة مبدائية بالعملة المحلية محالة إلى شركة ليبيانا لشراء سيارة تويوتا فوزتشنر 2021 بسعر 240 ألف دينار لصالح القابضة للإتصالات برئاسة “بن عياد” .

كما رصدت صدى الاقتصادية عدداً من الآراء بخصوص هذه القضية ، حيث قال الخبير الاقتصادي “سليمان الشحومي” : عوائد الشركات الحكومية مثل الاتصالات و شركات الاسثمار الحكومية الآخري يفترض أنها تصب في الخزانة العامة للدولة كإيرادات و لا يجوز أن يفرض رئيس الحكومة علي هذه الشركات تغطية مصروفات يريدها رئيس مجلس الوزراء أو أن تحيل له مبالغ لحساب مجلس الوزراء ليتصرف بها رئيس الحكومة أو يطلب من هذه الشركات أن تخصص مبالغ للانفاق بناءً علي تعليمات مهما كانت الدواعي والأسباب فذلك يخرج الشركة عن الاطار الذي حدده القانون و يجعلها أداة في يد الإدارة الحكومية ويخرج مجلس إدارتها و جمعيتها العمومية عن دورهما المرسوم.

وأفاد بالقول: هذا باب واسع للفساد حتى وإن كانت النوايا حسنة وعلى ديوان المحاسبة أن يتحرك قبل فوات الآوان و أن لا يترك الآمر للعرض بتقريره السنوي القادم بعد أن يكون قد وقعت الواقعة و لم يعد لنا إلا التحسر على اللبن المسكوب في ردهات مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية .

ومن جهته كتب الخبير الاقتصادي “خالد الزنتوتي” : شركات الإتصالات في العالم وعلى مدار عقد ونصف الأخيرة تمثل مصدر دخل رئيسي لكثير من اقتصاديات الدول وتمنح التراخيص لشركات متنافسة بمليارات الدولارات سنوياً مع عوائد الضرائب العالية على المستهلك .

وتابع؛ وجدت من بعض الإحصاءات المنشورة ،لان مساهمة قطاع الاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول يتجاوز 10% ،، وهذه نسبة عالية لها إنعكاساتها الإيجابية على اقتصاديات تلك الدول .

وتساءل بالقول: فبماذا ساهمت شركة الاتصالات الليبية كمصدر للدخل الوطني وبالرغم من أنها محتكرة تماماً (وتحدد سعارها بالشكل الذي تقرره ولا حسيب ولا رقيب )للسوق الليبي ،والذي يعتبر إحد الأسواق ذات النسب العالية في استخدام وسائل اتصال المحمول والوسائل الأخرى وهي ربما الجهة الوحيدة في ليبيا التي تتعامل منذ بداياتها بوسائل الدفع المسبق ! وليس مثل شركة الكهرباء والمياه !

وقال: فمن ناحية اقتصادية الطلب على الإتصالات هو طلب غير مرن والقابضة محتكرة والليبيون ديدنهم ،المحمول والنت ،يفضفضوا على وضعهم المر ،متوسط عدد الساعات الشهرية لاستخدام الهاتف المحمول بين الليبيين من اعلى المعدلات العالمية !!؟؟

وأضاف: كل تلك المعطيات تمكن الشركة من الاستحواذ على اكبر نسبة من انفاق المستهلك ، لدرجة أن المستهلك الليبي يمكن يخّفض انفاقه على الخضار مقابل المحمول والإنترنت ،،،!!!

وتابع قائلاً؛ ومن هنا أتساءل ،هل هناك حوكمة في شركة الإتصالات ،،من حيث الإدارة والإنفاق ، رمن يعتمد الحسابات الختامية وهل هناك مراجع دولي خارجي ، ومن يعين مجلس الإدارة، ومن يختار رئيس المجلس وهل هو رئيس تنفيدي ، ومن يعتمد الميزانية التقديرية، وهل هناك معايير للرقابة والتكاليف المعيارية ومن يقر توزيع الأرباح ،، ولمن ،،،؟؟؟؟و من يقرر التبرعات والمساعدات وخرفان العيد ودعم المجموعات ،،،، وعلى أي أساس ،أسئلة كثيرة ، وما هو نطاق المسؤولية الاجتماعية للشركة وحدودها في إرضاء الحكام وأصحاب القرار وتقديم الأموال المجانية لطمس البصيرة أو للبقاء في الكرسي ( مثل غيرها )،،،!؟؟

وأفاد قائلاً: أليس من الأجدر ، وكما هو معمول به في كل العالم ،بيع تراخيص لمشغلين دوليين وبشروط مقبولة تتعلق بالبنية التحتية والعمالة الوطنية ، وتوريد رسوم التراخيص للخزانة العامة بدلاً من هذه الهردميسة ،، إنني بذلك لا أشكك في أطقم الشركة الفنية ،،ولكني ، أشكك في كيفية التصرف في دخلها .

وختم حديثه بالقول: كم نتمنى أن تكون الاتصالات ، أحد مصادر الدخل القومي ،مثل العالم الآخر ،لعلها تكون خطوة في تنوع مصادر الدخل ،وهذا ما قصدته في هذا الادراج ، فالقصد برئ ،ولا أعمم سلبياته ،،،!!!

كما حاولت صدى الاقتصادية التواصل مع رئيس القابضة للإتصالات “محمد بن عياد” ولم يستجيب أو يرد بالخصوص.

ختاماً: ليس بجديد على المتابع للشأن الاقتصادي الليبي وقائع الفساد الإداري الذي بات ينهش مؤسسات الدولة جميعا دونما إستثناء ، حتى صار الفساد كرة ثلج تزداد حجما باتساع دائرة تدحرجها، وما من حلول تلوح في الأفق لإجتثات هذا الفساد سوى محاولات تجري على استحياء بين الفينة والأخرى وربما أطاحت بحيتان صغيرة لكن المؤكد أن التماسيح والحيتان العملاقة مازالت تنشب أسنانها في جسد الدولة الليبية المنهك أصلاً بمشاكل اقتصادية وسياسية وإرث اجتماعي يصعب معه التحول من الثورة للدولة.

تظل شركات الاتصالات الماكينة التي تضخ المال فلا يخفي على أحد الآن مكاسب شركات الإتصالات فكيف لو كانت شركتين وحيدتين تستأثران بالسوق الليبي حصريًا ومايزيد الطين بلة كونها شركات حكومية ولم يفتح المجال أمام القطاع الخاص عن طريق منح رخص الاتصالات للمنافسة .

فهل بات الفساد أمرًا مستساغًا ومقبولًا عند العموم؟ ولماذا لا تكون السياسات الإدارية الفاشلة موضع إتهام لصانعيها باعتبارها تكلف خسائر بالملايين؟ وإلى أين يمضي بنا قطار الفساد والواسطة والمحسوبية؟