الصلح يكتب: “الحديث عن ضوابط الميزانية العامة”

225

كتب: الخبير الاقتصادي الدكتور علي الصلح

إن تنفيذ الميزانية ما لم يتم نصاً ( تطبيق الانظمة واللوائح) وجوهراً (تحقيق الأهداف الاقتصادية) كما اعتمدتها السلطة التشريعية، فإن الجهود المبذولة لمشروع الميزانية واعتماده لا قيمة لها، فلابد من تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتحقق منها عن طريق المؤشرات الكمية والمؤشرات الاقتصادية.

فجميع الجهود والإمكانات لتنفيذ مراقبة مستمرة من قبل السلطة التشريعة ( البرلمان) والأجهزة الرقابية هدفها رفع مستوى كفاءة تنفيذ البرامج المعتمدة وعدم خروج الحكومة عن السياسات المرسومة والتى اعتمدتها السلطة التشريعية تحقيقاً لأهداف المجتمع، حيث تعاني ليبيا بصفة عامة وجود عجز في الميزانية ونمو حجم الدين العام، ويرجع ذلك إلى النمو السريع في النفقات العامة خلال الفترات السابقة بما يتجاوز الإيرادات العامة، وقد اجتهد العديد في تخفيض أوجه العجز، وذلك في كثير من الأحيان عن طريق تخفيض النفقات العامة، باعتبار أن ذلك جزء من برامجها للتصحيح.

ورغم أن هذه التخفيضات شديدة الضرورة، فإن التحفيضات التى تتم بصورة شاملة دون تمييز ودون ضوابط تحكمها والتخفيضات غير الملائمة في النفقات العامة قد يكون لها تكاليف اقتصادية واجتماعية غير مقبولة، بالإضافة إلى أن اتجاه الحكومات إلى تخفيض عبء النفقات العامة من خلال خصخصة القطاع العام له تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة، مما يستلزم أيضاً إخضاع تخفيض النفقات العامة لضوابط.

وكنتيجة إلى أن الميزانية التقليدية توفر ضوابط للنفقات العامة تتمثل في: نماذج وتعليمات واضحة لإعداد الميزانية، قواعد الميزانية التقليدية من سنوية وشمولية، رقابة مستندية تعمل على إحكام الرقابة على النفقات من خلال التدقيق وتوقيع المستندات والتأكد من مسوغات الصرف، وذلك يعرض التساؤلات الجوهرية عند وضع السياسة المالية وكيفية عمل الميزانية: ماهو السبيل الأفضل لتخصيص الموارد بين الاستخدامات العامة والخاصة؟ ولماذا يقرر تخصيص مبلغ ما لنشاط حكومي؟

وللإجابة على ذلك من خلال جانبين : الأول أن الميزانية العامة إلى حد ما تعد مباراة يقوم فيها السياسيون في الحكومة بتعظيم اهتماماتهم حسب المفاوضات والتسويات والدعم السياسى للنفقات العامة، وفي المقابل حسب نظرة الميزانية التوجيهية أن ندرة الموارد بالنسبة للطلب تتطلب استخدام ضوابط للحكم على تخصيص الموارد بين الاستخدامات العامة والخاصة وللحكم على كفاءة النفقات العامة.

والخلاصة هنا أن الميزانية التقليدية توفر ضوابط للنفقات العامة مازالت تطبقها الحكومة الليبية والكثير من الدول النامية ولكنها غير كافية لتحقيق الضبط الجيد للنفقات.