الغارديان: “نبوءة القذافي تتحقق بتصارع القوى الأجنبية على النفط في ليبيا”

453

قالت صحيفة الغارديان البريطانية اليوم الأحد إن نبوءة العقيد “معمر القذافي” عام 2011 بقوله آنذاك إن هناك “مؤامرة للسيطرة على النفط الليبي وعلى الأراضي الليبية لاستعمار ليبيا مرة أخرى” تتحقق اليوم في ظل صراع القوى الإقليمية للسيطرة على ثروة ليبيا النفطية.

وبحسب الصحيفة فإنه في أغسطس 2011 عندما بدأ “الثوار الليبيون” وطائرات الناتو هجومًا على طرابلس، ألقى العقيد “معمر القذافي” خطابًا دعا فيه مؤيديه إلى الدفاع عن البلاد من الغزاة الأجانب قائلا إن هناك مؤامرة للسيطرة على النفط الليبي وعلى الأراضي الليبية لاستعمار ليبيا مرة أخرى، وأنه يجب القتال حتى آخر رجل وامرأة للدفاع عن ليبيا، قبل أن يغادر العاصمة مع اشتداد القتال إلى مسقط رأسه سرت ويُقتل هناك.

وأضافت الصحيفة أنه ومع مرور تسع سنوات وبعد اندلاع “حرب أهلية ثانية” لم يكن كلام “القذافي” بعيدًا عن الحقيقة، حيث أنه ومع تراجع دور الولايات المتحدة تدخلت القوى الإقليمية الداعمة للأطراف المتصارعة في ليبيا، وتلوح الآن في الأفق معركة مدينة سرت بوابة الهلال النفطي في البلاد، في مواجهة محتملة للسيطرة على ثروة ليبيا النفطية.

وتابعت “الغارديان” بالقول إن غالبية حقول النفط في البلاد تقع في حوض سرت والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويًا، وقد فرضت قوات الجنرال “خليفة حفتر”، المعين من قبل البرلمان في طبرق والتي تسيطر على سرت، حصارًا على صادرات النفط في يناير مما تسبب في انخفاض الإيرادات مع انخفاض الإنتاج اليومي من حوالي مليون برميل إلى 100 ألف برميل فقط في اليوم، الأمر الذي اضطر حكومة الوفاق في طرابلس إلى فرض تخفيضات على رواتب موظفي الدولة والإنفاق من الاحتياطيات الموروثة من حقبة “القذافي”.

الصحيفة البريطانية قالت إن الحلفاء الرئيسيين لحكومة الوفاق هم تركيا وقطر “الصديقة للإخوان المسلمين” وإلى حد ما إيطاليا التي تعتمد على حكومة الوفاق لوقف تدفق المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط ​​إلى شواطئها، أما “حفتر” فهو مدعوم من قادة الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن ، الذين يرون “الإسلام السياسي” على أنه تهديد لقوتهم، وروسيا التي تحاول أن تعكس نجاحها في سوريا بتوسيع بصمتها في المنطقة العربية، ورغم دور بريطانيا بقيادة “كاميرون” وفرنسا في عهد “ساركوزي” في إسقاط القذافي إلا أن المملكة المتحدة تعمل الآن دبلوماسياً فقط من الخطوط الخلفية، في حين تحاول فرنسا الحفاظ على تواجدها على الأرض من خلال دعم “حفتر” لحماية قواتها في الجنوب.

وأشارت “الغارديان” إلى أن القتال في ليبيا يزداد تعقيدًا بسبب النعرات القبلية وانتشار حرب الطائرات بدون طيار ووجود المرتزقة المتزايد باستمرار، حيث قدمت مجموعة “فاغنر” المرتبطة بروسيا الدعم التكتيكي الرئيسي للجيش الوطني الليبي شرق البلاد بقيادة “حفتر” منذ العام الماضي، ويقاتل الآن حوالي 10 آلاف سوري على جانبي الحرب، كما يواجه كل من أنصار حكومة الوفاق الوطني في الغرب والجيش الوطني الليبي في الشرق اتهامات بتجنيد رجال من تشاد والصومال والسودان للعمل كحراس أمن أو في وحدات خط الدعم الذين يجدون أنفسهم بدلاً من ذلك منتشرين في الخطوط الأمامية للقتال.

وتابعت الصحيفة؛ في نهاية العام الماضي كان “حفتر” على وشك السيطرة على طرابلس بعد حملة دامت أشهرًا وأسفرت عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وتشريد ما يصل إلى 500 ألف مدني من منازلهم، وفي يناير من هذا العام اتخذت تركيا إجراءات لمنع العاصمة من السقوط في أعقاب إعلان الدعم العسكري العلني لحكومة الوفاق الوطني عن طريق إرسال القوات التركية والطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي والمقاتلين السوريين لدفع قوات “حفتر” إلى الخلف، وأثمرت هذه الخطوة في غضون بضعة أشهر عن إجبار “حفتر” وقواته على التراجع عن جزء كبير من غرب ليبيا.

وأضافت أنه ومنذ ذلك الحين بدأت حكومة الوفاق السير نحو الشرق على أمل الضغط على “حفتر” للتخلي عن السيطرة على حوض سرت النفطي، ولكن داعمي قوات الجيش شرق البلاد الدوليين ضاعفوا تأييدهم لتصحيح التوازن، حيث أعلن البرلمان المصري الشهر الماضي أيضًا تدخلًا عسكريًا مفتوحًا في ليبيا، محذرًا من أنه إذا تقدمت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في سرت ، فإن القاهرة سترد “بعمل مباشر”، كما يقوم مرتزقة “فاغنر” الذين يعملون نيابة عن موسكو وأبو ظبي بتعزيز تواجدهم في قاعدة الجفرة الجوية وينشرون على الأقل 14 طائرة مقاتلة من طراز MiG-29 و Su-24 ، إضافة إلى وجود تقارير تتحدث عن سيطرتهم على أكبر الحقول الليبية “حقل الشرارة” وميناء السدرة النفطي.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن “كلوديا جازيني” المحللة البارزة بمجموعة الأزمات الدولية قولها إنه ومع استمرار الحشد العسكري حول سرت فإن الوضع في طريق مسدود بشكل أساسي والطريقة غير العسكرية الوحيدة للخروج من هذا المشهد هي اتفاقية بشأن تقاسم عائدات النفط، لكن من غير المحتمل أن يتراجع أي من الجانبين وسيكون من الخطر على تركيا أن تخاطر بصراع مباشر مع الروس أو المصريين، ومع ذلك فإن الوضع الراهن ليس مستدامًا طالما أن “حفتر” يجلس على النفط ولا توجد عائدات تسير في طريق طرابلس.

ومن المقرر أن تبدأ المراجعة الدولية التي طال انتظارها للمصرف المركزي الليبي في طرابلس والبيضاء هذا الأسبوع، وهو تطور يمكن أن يساعد في تمهيد الطريق لإنهاء الحصار النفطي المستمر منذ ستة أشهر، لكن العديد من المراقبين قلقون من أن هناك الآن الكثير من المصالح المتنافسة في صراع متعدد الطبقات يصعب الوصول فيه إلى حلول وسط، وفقا للصحيفة.

واختتمت “الغارديان” تقريرها بالقول إنه ومع توقف الأمم المتحدة عن المحادثات بين وسطاء النفوذ في ليبيا؛ يبدو أن خطر نشوب صراع مجمّد أو حتى تقسيم البلاد يتزايد، صحيح أنه لم يحدث بالطريقة التي تصورها القذافي في عام 2011 لكن بالتأكيد أن ليبيا باتت اليوم ملعبًا للقوى الأجنبية.