الفيتوري يكتب: “فلسفة الدعم الاقتصادي”

208

كتب: الدكتور والخبير الاقتصادي “عطية الفيتوري”

هناك نوعين من الدعم الاقتصادى، دعم الاستهلاك أو المستهلكين، ودعم الإنتاج أو المنتجين، هنا سنتناول دعم الاستهلاك أو المستهلكين، حيث أن لهذا الدعم فلسفة مبنية على دور الدولة فى حماية شرائح المجتمع الضعيفة اقتصاديا، والدولة هنا معناها السلطات الثلاث: السلطة التشريعية تصدر التشريع ( القانون)، والسلطة التنفيذية (الحكومة ) تقوم بتنفيذ القانون، والسلطة القضائية ( النيابة والمحاكم ) تقوم بمراقبة تنفيذ القانون وإصدار الأحكام على المخالفين.

أغلب الدول المتقدمة والقادرة تقوم بدعم شرائح المجتمع العاجزة عن توفير الحاجات الأساسية حسب اسعار السوق، وبالتالى فهى توفر لهم سلعا مختلفة، غالبا ما تكون سلع غذائية بأسعار اقل من اسعار السوق، وأحيانا توفر لهم سلعة مجانية بما فى ذلك المساكن الصحية والكهرباء والمياه …الخ.

فى ليبيا وحتى قبل الإستقلال وبعده تقدم الحكومة بعض السلع الغذائية بأسعار مدعومة، وكان ما يعرف ب “القرامات” وهى السلع الغذائية التى تقدم منها الدقيق والسكر والزيت والشاى والأرز…الخ وذلك بسبب الفقر المدقع لأغلب الليبيين فى ذلك الوقت لدرجة أن خبراء الأمم المتحدة أوصوا بضرورة منح تلاميذ المدارس وجبة فطور فى المدرسة.

ليبيا منذ ذلك الزمن وإلى الآن وهى الدولة النفطية التى تحتفظ بأكثر من 100 مليار دولار احتياطيات واستثمارات خارجية، وبالرغم من ذلك لازالت هناك حاجة إلى دعم أغلب السكان بسبب الظروف المعيشية والفساد وسوء توزيع الدخل.

يوجد الآن فى ليبيا نوعين من دعم المستهلكين : النوع الأول موجه لليبيين الذين يحملون الجنسية الليبية وهو دعم للسلع الغذائية الأساسية منها الأرز والسكر والدقيق والطماطم والزيت وغيرها فى بعض الاحيان، حيث يتم توزيع هذه السلع من خلال الجمعيات الاستهلاكية والتى تقتصر عضويتها على الليبيين فقط.

االنوع الثانى من الدعم يشمل جميع المقيمين على الأراضى الليبية بصرف النظر ليبيين أو أجانب، وهذا النوع من الدعم يشمل الخبز ( من خلال دعم الدقيق ) والكهرباء والبنزين المياه.

ونتيجة لأن هذه السلع تباع فى الاسواق ولكل من يطلبها فيمكن أن تباع للمواطن أو غيره وبنفس السعر قد يقول قائل لماذا ندعم المستهلكين الأجانب فى ليبيا، والفلسفة تكمن هنا فى تحقيق الهدف المتعلق بالمحافظة على انخفاض تكاليف المعيشة فى ليبيا، وبالتالى يفترض عند التعاقد مع الأجانب أن يؤخذ فى تحديد مرتباتهم انخفاض تكاليف المعيشة فى ليبيا مقارنة بتلك فى بلدانهم.

وبالتالى عند مقارنة مرتب الشخص فى ليبيا بمرتب شخص أجنبي يجب أن تؤخذ تكلفة المعيشة النسبية فى البلدين نعتقد بأن المواطن الليبي تحديدا لايزال يحتاج إلى الدعم السلعى، ولكن بسبب تفشي الفساد وعجز الحكومة وعدم قدرتها على إيقاف تهريب السلع للخارج، فإن الأمر قد يحتاج إلى إعادة النظر فى اسلوبه الدعم وليس إلغائه.