الوقود بين اتجاهين .. دعم فاتورة الحرب وإثراء بارونات التهريب

387

تهريب الوقود المدعوم أمر تعارف عليه الليبيون منذ زمن، حيث درج عدد منهم في تهريبه بصورة دورية وبكميات لا تبدو كبيرة مقارنة بما هو الحال عليه الآن إلى دول الجوار تونس ومصر وتشاد والنيجر ، ولكن مع ضعف سيطرة الدولة على منافذها البحرية خصوصاً ارتفعت وتيرة التهريب وصارت مقلقة حتى للحكومات الغربية حيث بات التهريب مورداً هاماً لعدد من بارونات التهريب وظهرت على السطح أسماء لم تكن معروفة فيما سبق.

“صدى” كعادتها لاحقت الموضوع ولملمت أوراقاً مبعثرة وحاورت عددا من ذوي العلاقة، ورصدت لكم هذا التقرير:

تهريب الوقود ظاهرة كانت خافتة إعلامياً نوعا ما، ولكن مع اندلاع الوضع الأمني بطرابلس خرجت للضوء مجدداً فكانت البداية (للقصب ) الذي افتتح مركزا طبياً في الزاوية وتليه “البيدجا” والذي خرج في مقابلة صحفية يوم الأمس مع صحيفة إيطالية، وأكد خلالها استمراره في العمل مع خفر السواحل التابع لحكومة الوفاق و أنه بريء من كل التهم التي وجهت إليه في تقرير الأمم المتحدة.

وزارة الداخلية تصدر بياناً تنفي انتماء البيدجا إليها:

أصدرت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني بياناً حول مهرب الوقود “عبد الرحمن ميلاد” الملقب بالبيدجا، أوضحت فيه أن “البيدجا” لا يتبع أياً من وحداتها و لا يتقاضى أي مرتب منها بل يتبع خفر السواحل التابع للقوات البحرية، كما صدر بحقه أمر ضبط و إحضار من قبل رئيس مكتب قسم التحقيقات بالنائب العام “الصديق الصور” بتاريخ 23 إبريل لسنة 2019 ، بالإضافة إلى أنه قد تمت مخاطبة القوات البحرية لإيقافه عن العمل و إيقاف مرتبه.

بالإضافة إلى قيام مصرف ليبيا المركزي بالتحفظ على حساباته المصرفية لدى المصارف التجارية، وأكدت الوزارة استمرارها في البحث عن “البيدجا” و التحري عن جميع المطلوبين ومنعهم من السفر إلى أن يواجهو التهم المنسوبة إليهم.

وفي تأكيد لذلك أفادنا مصدر مطلع بوزارة الداخلية أنه قد تمت مخاطبة القوات البحرية منذ 23 إبريل بإيقاف المدعو “عبد الرحمن ميلاد” عن العمل وإيقاف مرتبه ولا يرد إلى حد الآن إليهم شيئاً بالخصوص حسب المصدر.

القوات البحرية تكشف لصدى تبعية “البيدجا” :

كما تواصلت صحيفة صدى الاقتصادية مع آمر خفر السواحل و الموانئ بالمنطقة الوسطى “رضا عيسى” و الذي أوضح أن عبد “الرحمن البيدجا” يتبع القوات البحرية ولا يتبع لخفر السواحل بالمنطقة الوسطى و أنه لا خلفية له عن هذا الموضوع.

و في تصريح آخر ذكر المتحدث بإسم القوات البحرية “أيوب قاسم” لصحيفة صدى الاقتصادية أن “عبد الرحمن ميلاد” يتبع لحرس السواحل البحرية وليس الداخلية.

وتابع قائلاً : لا نعلم لماذا قامت وزارة الداخلية بإصدار هذا البيان حيث أن “عبد الرحمن ميلاد” كان آمر نقطة مصفاة الزاوية وقام بأعمال كبيرة في مكافحة الهجرة غير الشرعية و التهريب ولا يوجد دليل ضده حيث عرقل الآلاف من عملية الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى ضبط عدد من ناقلات النفط ولهذا هناك من يحاربه وهم صحفيون أجانب كانوا قد أصدروا تقريراً بحقه لأنه كان من أنشط النقط البحرية في خفر السواحل و أعماله كانت لصالح الدولة الليبية.

وكان تقرير الأمم المتحدة قد اتهم البيدجا بتهريب الوقود والمتاجرة بالبشر والمسؤولية عن نقل المهاجرين، بالإضافة إلى إصدار طلب بالقبض عليه من قبل النائب العام.

و ختاماً، لطالما راودت أحلام الثراء السريع الكثير الذين ظنوا أن فيه اختصاراً للوقت والجهد فلجأوا إلى أعمال غير قانونية في سبيل تحقيق ذلك، وبعد الثورة الليبية وما تابعها من تراخي سيطرة الدولة على مواردها ومنافذها بات الجو متاحاً لمن أراد تلك الوسيلة لجمع الأموال، فالوقود أحد أهم السلع ذات الطلب السريع والمتزايد.

يظل (البيدجا) أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل ، فهو يدعي تبعيته لجهات ضبطية حكومية، رغم أن الجهات القانونية لازالت تطلبه للمثول أمامها للتحقيق معه في قضايا عدة.

وبين هذا وذاك يشتد المد والجزر ويزداد الوضع غموضاً وإيلاماً في وقت يمني فيه الليبيون أنفسهم بوقوف المجتمع الدولي معهم لبناء دولتهم التي ينشدونها ولكن المجتمع الدولي حتى الآن لم يملك لهم سوى المناشدات، فهل يعي الليبيون الدرس بأن بناء الأوطان مرهون فقط بسواعد أبنائها ؟