بومطاري يكتب: حظر دخول أي بضائع إلا من خلال نظام التسجيل المسبق للشحنات بدءاً من يوليو – مصر

557

كتب وزير المالية السابق فرج بومطاري:

يعتبر الفساد واحد من أهم التحديات التي تقوض فعالية المؤسسات والحكومة بأكملها في ليبيا، وكذلك من المناسب القول بأنه سبب في فقدان ثقة المستثمرين وحرمان المواطنين من الحكم النزيه والديمقراطية والتنمية، حيث وصف الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، الأمر عندما قال: “إن الفساد يضر بالفقراء بشكل غير متناسب من خلال تحويل الأموال المخصصة للتنمية، وتقويض قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية، وتغذية عدم المساواة والظلم، وإعاقة الاستثمار الأجنبي والمساعدات”.

بالرغم من حجم هذه المشكلة، كون تصنيف ليبيا يأتي 173 عالميا بين 180 دولة، فانه يمكن القضاء على الفساد، فتجربتنا في وزارة المالية علمتنا بأن الأمر ممكن، ولكن صعب، ونظام التتبع الجمركي مثالا على ذلك.

حيث جاء نظام التتبع الجمركي أو ما يعرف بالمعلومة المسبقة للقضاء على عدة ممارسات مرتبطة بالفساد منها تهريب الأموال وغسلها، وتجارة المخدرات والممنوعات، والتهرب الضريبي والجمركي وغيرها، وبالرغم من ارتباط النظام بالبائع “المصدر” للتحقق من مصادر البضائع وطرق تمويلها والقضاء على الممارسات المشار إليها، فإن أول المعارضين لهذا النظام كان المخلص الجمركي وشركة النقل، ليعكس واقع وحجم الفساد في ليبيا، ويثبت أن تصنيفنا الحالي في مؤشر الفساد يعكس الواقع، إن لم يمكن أسوأ، ناهيك عن معارضة بعض أشباه التجار الذين وقفوا ضد هذا النظام بكل الوسائل، سابقاً وحالياً ، وباعتقادي هذا في حد ذاته فساد.

وبالرغم من تطبيق النظام لأسابيع قليلة ونجاحه النسبي قبيل خروجي من الوزارة، نجحت الأيادي السوداء، التي تستنزف موارد الدولة وتهربها للخارج تحت مظلة “رجل أعمال “، في إيقاف هذا النظام بعد تسليمي لمهامي بأيام قليله.

ومن الجدير بالذكر بأنه وقت خروج هذا النظام من ليبيا، هو نفسه وقت تبنيه في مصر ولنفس الأسباب والممارسات، والشخص المسؤول عن هذه الممارسات في مصر يسمى ” المستورد الكاحول” وهو الشخص مجهول الهوية الذي يكون الجاني في قضايا البضائع مجهولة المصدر أو الممنوع دخولها للبلاد أو تهريب وغسل الأموال، أما في ليبيا فإسمه “رجل أعمال وهمي”.

ولعله من المفيد نقل جزء من حديث وزير المالية المصري محمد معيط لصحيفة اليوم السابع “أنه لم يتم رفض طلبات إستيراد أي شحنة تمت عبر نظام «ACI» حتى الآن؛ بما يعكس حرص المستوردين والمستخلصين الجمركيين على إستيراد البضائع والمنتجات المصرح دخولها للأسواق المصرية، على نحو يتسق مع جهود القضاء على ما يعرف إعلاميًا بـ«المستورد الكاحول«”.

أنا هنا لست بصدد المقارنة بين ليبيا ومصر، فاختلاف العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية تفرض علينا إعطاء خصوصية من الناحية العملية، ناهيك عن الفارق على مؤشر الفساد، فبيننا 55 دولة، ولكن إنتصار رجال الأعمال الوهميين في إيقاف نظام تتبناه دولة أقل فساد، يعطل من العملية الإصلاحية في ليبيا ويعمق حجم المشكلة، ويعزز مكانتنا على مؤشر الفساد لسنوات قادمة.