حبارات يكتب : ( بيان المركزي بشأن صرف شهري يناير و فبراير مجرد مسكّن لأزمة المرتبات و ليس حل دائم لها ) و السؤال هو كيف و ما هو الحل ؟؟؟

309

كتب : نورالدين حبارات المهتم بشأن الإقتصادي مقالات

أصدر المركزي أمس بياناً أكد فيه على تنفيذه لأذونات صرف مرتبات شهري يناير و فبراير الماضيين و ذلك تفادياً لتأخرها و لإعتبارات الضرورة نظراً لعدم إعتماد الترتيبات المالية ( الميزانية ) للعامًالحالي 2021 م ( مرفق صورة من البيان ) و أكد المركزي إنه بادر بتقديم مقترح لترتيبات مالية مؤقتة موحدة لشهري يناير و فبراير 2021 م و تم الإتفاق عليه مع وزارة المالية و بمشاركة الأطراف الدولية إلا إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لم يصدر قراره بإعتماد تلك الترتيبات حتى تاريخ صدور البيان أي أمس .


و بالإمعان في مضمون و حيثيات البيان نستنتج ما يلي –
1- الحل الذي أقره المركزي مؤقت و ليس حل دائم و لإعتبارات الضرورة فقط فالبيان يشير إلى صرف مرتبات شهري يناير و فبراير فقط ما يعني إن أزمة المرتبات لازالت قائمة و ستعاود مجدداً مع نهاية مارس الجاري و مع قرب حلول شهر رمضان المبارك طالما بقيت أسبابها.


2- قيمة المرتبات المذكورة صرفت من خلال سلفة مالية من المركزي و ليس من إيرادات الحكومة ، فالحكومة و كما هو معروف ليست لها إيرادات في ظل تجميد إيرادات النفط مصدرها الوحيد تقريباً في تمويل ميزانيتها ، فالعجر في ميزانية أو الترتيبات المالية للعام الماضي 2020 قارب من 27 مليار دينار مول بموجب قرض حسن من قبل المركزي ، كما ليس لديها إحتياطيات مالية أو أموال مجنبة حيث أستفدتها منذ العام 2014 م ناهيك عن الدين العام المصرفي المتفاقم و الذي يقارب إجماليه من 150 مليار دينار.


3- مبيعات النقد الأجنبي التي تمت منذ منتصف يناير الماضي بعد تخفيض قيمة الدينار في إطار توحيد سعر الصرف و التي ناهزت حصيلتها أكثر من 3 مليار دولار أي ما يعادل قرابة 14 مليار دينار ، هذه الإيرادات لا تعتبر إيرادات للحكومة لإنها تمت من خلال السحب من رصيد الإحتياطي الأجنبي للمركزي الذي يعتبر جزء من أصوله و ليست من إيرادات مبيعات النفط التي جمدت قيمتها في حساب المؤسسة الوطنية النفط لدى المصرف الخارجي منذ أكتوبر الماضي تقريباً .


4- قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. رقم (93) لسنة 2021 م ( مرفق صورة ) الصادر في السابع من فبراير الماضي بشأن الإذن بفتح إعتمادات شهرية أي الصرف بمعدل 1/12 من إعتمادات الترتيبات المالية للعام 2020 م البالغة 38.500 مليار دينار، هذا القرار غير قابل للتطبيق لإنه يتعلق بالصرف في حدود ميزانية حكومة الوفاق للعام الماضي و لا يشمل الآنفاق المتعلق بالحكومة المؤقتة الذي يقدر سنوياً ب 11 مليار دينار .


5- إلتئام مجلس إدارة المركزي في ديسمبر الماضي بهدف تخفيض قيمة الدينار في إطار توحيد سعر الصرف، ضمنياً يعني إن مركزي طرابلس أصبح مسؤول على تمويل نفقات الحكومة المؤقتة في شرق البلادالتي كان ينظر لها على إنها حكومة موازية ، و تهديد السيد محافظ مركزي البيضاء أول أمس بالتقاعد بسبب تفاقم الدين العام و إنعدام مصادر التمويل سبب مباشر في عدول مركزي طرابلس و تنفيذه لتعهداته بتمويل مرتبات يناير و فبراير بعد أن حاول التراجع منها .


و بما إن إعتماد الميزانية يعني لنا قانوناً منح الإذن للحكومة بالإنفاق و جباية الإيرادات و إيداعها في حساباتها و ذلك بموجب وثيقة تصدرها السلطة التشريعية في شكل قانون ، و هذا بالطبع لايمكن أن يتأتى في ظل تجميد الإيرادات النفطية المصدر الوحيد تقريباً لتمويل الميزانية .


و حيث إن المركزي بالتأكيد لا يستطيع التمويل إلى ما لا نهاية فإحتياطياته مهما كانت محدودة، و إذا تمكن الْيَوم من صرف مرتبات يناير و فبراير قد يعجز غداً عن صرف مرتبات مارس و أبريل .


عليه و بناءاً على ما تقدم فإن الحل أو المخرج لهذه الأزمة يكمن في ضرورة إنعقاد مجلس النواب و إلتئامه بسرعة لمنح الثقة للحكومة الموحدة و المشكلة دون إبطاء في الجلسة المقررة الإثنين القادم ما سيسمح بإقرار قانون الميزانية للعام 2021 م و بالشكل الذي يضمن إستئناف تدفق الايرادات النفطية إلى حسابات الحكومة لدى المركزي و إنتظام صرف المرتبات و تنفيذ كافة الإلتزامات الماليةً الأخرى .
و عليه تحمل مسؤولياته التاريخية و الدستورية و الإخلاقية أمام الشعب الليبي في المرحلة الدقيقة و الحرجة التي تمر بها البلاد .


كما إن إعتماد أي حل أو مسلك أخر سيكون غير مضمون و محسوب النتائج قد يعيد إنتاج الأزمة و يقوض فرص الحل السياسي و عرقلة خارطة الطريق التي أعتمدتها الأمم المتحدة ما يعني العودة إلى مربع الأول .