خاص.. “حبارات”: من الصعب معالجة تشوهات مزمنة في الميزانية بين ليلة وضحاها

154

صرح الخبير والمهتم بالشأن الاقتصادي “نورالدين حبارات” لصحيفة صدى الاقتصادية قائلًا: الوقود كما هو معروف سلعة إستراتيجية أساسية لحياة المواطنين ولا يمكنهم الإستغناء عنها حتى ولو ارتفعت أسعاره ويتأثر بها سلباً أكثر محدودي ومتوسطي الدخول، كما أن إتخاذ قرار برفع الدعم في الوقت الحالي بالذات قرار من القرارات الصعبة وذلك لما له من تداعيات وآثار سلبية على الأسعار ما سيزيد من إرتفاعها ويزيد من معدلات التضخم ويفاقم من معاناة المواطنين في بلد لا توجد فيه بنى تحتية كشبكة الطرق والسكك الحديدية ووسائل النقل العام والمطارات وغيرهم، وفي بلدٍ شاسع المساحة ومترامي الأطراف ولعل جميعنا رأى ماذا حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول عدة مؤخراً من إرتفاع كبير لمعدلات التضخم وبشكل كبير بسبب إرتفاع فاتورة الوقود جراء الحرب الروسية والاوكرانية فما بالك بليبيا ؟ .

بالتأكيد ارتفاع الوقود يعني ارتفاع تكلفة نقل البضائع وتكلفة الإنتاج والتشغيل لارتفاع فاتورة الكهرباء والوقود وهذا كله سينعكس في إرتفاع السلع والخدمات سيما الأساسية خاصةً في ظل تآكل القدرة الشرائية لدخول المواطنين ومدخراتهم .

كما أن الحكومات السابقة والمتعاقبة تدرك تماماً تداعيات ذلك، وبالتأكيد فاتورة الدعم يعتريها الهدر والفساد نتيجة لأعمال التهريب التي تتم يومياً تقريباً لكن هذه مسؤولية الحكومة كان يفترض عليها حماية الحدود وضبط المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيالهم ، كما إنها تتحمل المسؤولية في عدم وصول إمدادات الوقود إلى مناطق الجنوب ومناطق عدة من البلاد .

رفع الدعم بالتأكيد سيخفض كثيراً من أعمال التهريب ويقلص فاتورة واردات الوقود ومن ثم تخفيف العبء على الميزانية العامة .

لكن بدلاً من رفع الدعم يمكن استبداله بمقابل نقدي لكن هذا الأمر صعب أيضاً يتمثل في كيفية تحديد هذا المقابل وفي مدى ضمان التزام الحكومة بصرفه في مواعيده وبانتظام لأنه هناك توجس وتخوف من معظم المواطنين في عدم إلتزام الحكومة بذلك وإعادة سيناريو الدعم السلعي حيث رفع الدعم عن السلع منذ 2015 م ولم يدفع ديناراً واحد للمواطنين كمقابل نقدي .

من وجهة نظري موضوع استبدال الدعم يحتاج أولاً لحكومة موحدة قوية في إطار حل سياسي شامل وفي إطار إصلاحات حقيقية اقتصادية شاملة يكون موضوع الدعم أحد بنودها وأن يتم الإستبدال بطريقة تدريجية مثلاً من 150 درهم إلى 250 درهم لفترة معينة ثم إلى 350 درهم .

كما يجب على الحكومة ضبط فاتورة الوقود وذلك بأن تكون تقديراتها دقيقة لحداً ما لإنه وكما يبدو هناك فائض كبير وهذا الفائض يتم تهريبه، كما يجب عليها تفعيل اجهزتها الضبطية وتنظيم استهلاك الكهرباء عبر الجباية الدورية وذلك بما يرشد الإستهلاك .

في الختام يجب التذكير لا يمكن مقارنة ليبيا بدول مصر أو تونس والمغرب وغيرها فجميع هذه الدول لديها بنى تحتية وشبكات طرق ولا يمكن لنا مقارنة انفسنا بها، ومن الصعب معالجة تشوهات مزمنة في الميزانية بين ليلة وضحاها .