خبير اقتصادي يكتب: سلسلة مراسلات بين الرئاسي والمركزي على الملأ تعكس أخطاء تاريخية معيبة في الإدارة العامة

557

كتب الخبير الاقتصادي ” محمد أحمد”

كنت قد أثرت في بوست سابق موضوع علنية المراسلات بين جهازين عامين هما الرئاسي والمصرف المركزي والتي تمثل في تقييمي خطأ إداري جسيم، لا تزال هذه المبادلات تجري على العلن، آخر هذه المراسلات هي رسالة موجهة من “الرئاسي” إلى المركزي بإصدار أمر لبيع المخصصات الشخصية للإفراد بالسعر الرسمي مضافا إليه الرسوم المقررة وبقيمة 5000 آلاف دولار أمريكي لكل مواطن سنويا.

لا أعرف المستشار القانوني الذي حرر هذه الرسالة أو المستشارين الاقتصاديين الذين تم الأخذ بنصيحتهم حولها ولأنها تم عرضها على الملأ أو للرأي العام فأني أود أن أبدي بعض الملاحظات الفنية حولها، وهي:

أولا: اعتماد الرسالة على فرض حالة الطوارئ أجده غريبا من ناحية الإدارة العامة، فغرض الرسالة هو الأمر التنفيذي للمصرف المركزي والذي يهدف إلى الحفاظ على ما تم تحقيقه من الإصلاحات الاقتصادية، وبغض النظر عن حقيقة “ما تم تحقيقه من هذه الإصلاحات”، فإن استعمال حالة الطوارئ لتمرير مثل هذا الإجراء يتنافى تماما أصول الإدارة العامة السليمة، وقد نجح المركزي بذكاء شديد في استغلال هذا الخطأ الجسيم كما هو واضح في رسالة مدير الرقابة على المصارف والنقد والتي حملت الرئاسي بصورة مطلقة التبعية القانونية لمثل هذا الاجراء الاستثنائي.

وبالرغم من تجنب الرئاسي استعمال تعبير “قرر” واستبداله بتعبير أقل حزما هو “يطلب اليكم” مع عدم تحديد زمن معين “على وجه السرعة” و “الشروع” بدلا من “البدء” لإشراك المركزي في المسئولية ألا أن استناد القرار لحالة الطوارئ يقطع الشك باليقين فيمن هو مسؤول عن هذا الإجراء.

ثانيا: لا أعرف أن كان الاقتصاديون أو المصرفيون قد أبدوا أي نصيحة حول هذا الإجراء، ألا أن طريقة تبادله العلني والطريقة التي رد بها المركزي على القرار الرئاسي تشير إلى عدم رضا المصرفيون على القرار.

عادة في العلم المصرفي أو البنكي فأنه عند انفجار أزمة سعر صرف أو سوق سوداء فأن التعامل معها يتم بطريقة المحاصرة ومن ثم الزحف حولها لمنع حدوث أي مضاربة قد تفقد الاجراء فعاليته. ورغم أننا نتمنى أن يحدث هذا الاجراء الاستثنائي أثرا إيجابيا على سوق سعر الصرف ألا أن هناك أسئلة حقيقية حول توفر اللوجستيات المناسبة لتنفيذه. الإشارة اللوجستية الوحيدة هي تلك التي أشار إليها المركزي هي إيقاف صرف مخصصات أرباب الأسر.

ثالثا: رغم ذكاء المصرف المركزي في رد الفعل بإلقائه المسئولية كاملة على الرئاسي ألا أن صياغة المكاتبة كان غير متزن لغويا. فالرسالة هي قص لصق بطريقة فجة بدون حتى تغيير الضمائر، ففرض حالة الطوارئ لا يخول المصرف مثلا بل يخول الرئاسي وعليه كان يجب أن تكون الجملة “بفرض حالة الطوارئ التي تخول الرئاسي” وليس “التي تخولنا”، أما الإضافة التي ذكرها المصرف عن “حماية اقتصاد البلاد” فهي غير مذكورة في رسالة الرئاسي، وادخالها هنا محل جدل اقتصادي كبير خصوصا هنا فيما يتعلق بالاستفهام حول لماذا لم يتخذ الاجراء المناسب لتوحيد سعر الصرف لكل الاستخدامات.

ربما قد يقول البعض أن هذا تصيد في المياه العكرة، ردي أن نشر الرسائل على الملأ هو ما يحفز الرد عليها، وهي بالمناسبة محل جدل ومتابعة للمختصين والمراقبين الدوليين من خارج ليبيا الذين يوجهون لنا الأسئلة حول هذه الأخطاء ونحتار كيف نجيبهم.تحياتي وتقديري العالي

ملاحظة: أشار أحد الأصدقاء المحترمين أن رسالة المركزي مزورة، أعتذر ولكن يبقى الكلام ذا صلة فيما يخص رسالة الرئاسي.