ضغوط خارجية تُجبر الرئاسي على الدعوة إلى توحيد المركزي، فهل ينجح؟

615

مع استمرار القتال بين قوات حكومة الوفاق والجيش التابع لمجلس النواب بطبرق على نطاق واسع جنوب طرابلس ومناطق أخرى غرب البلاد، تأتي دعوة المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق لتوحيد المؤسسة المالية الأهم في البلاد والتي عصف بها الصراع المسلح منذ سنوات.

وعلى الرغم من مرور ستة أعوام على انقسام المصرف المركزي بين طرابلس والبيضاء، يُظهر توقيت دعوة المجلس الرئاسي في هذه الظروف وجود ضغوط خارجية قوية أجبرت الأخير على اتخاذ خطوة في المسار الاقتصادي مقابل تراجع في الجانب الأمني والسعي نحو إيقاف الحرب الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة وحلفائها.

كشفت الميزانية الخاصة بالبلديات لمواجهة فيروس كورونا تغيرًا ملحوظًا في سياسية المجلس الرئاسي ووزارة المالية بطرابلس، خاصة مع تخصيص أموال فاقت المليون دينار لمدن وبلدات واقعة خارج نطاق الحكومة على غير العادة، إضافة إلى انخراط بعضها في الصراع جنوب العاصمة.

وعلى الجانبين، أصدر المصرف المركزي في طرابلس والبيضاء بيانين ردَا من خلالهما على بيان المجلس الرئاسي الداعي إلى الوحدة، لكن مركزي البيضاء ذهب بعيدًا عبر وضعه شروطًا من بينها إزاحة الصديق الكبير عن رئاسة المصرف إضافة إلى شروطٍ أخرى.

ومن الممكن الاستفادة من الاهتمام الواسع باصلاح المصرف المركزي للتوصل إلى بعض النقاط للاتفاق حول إدارة الاقتصاد ومؤسسات الدولة خلال الفترة الحالية، لكن دون السعي إلى استبدال الأفراد من المؤسستين المنخرطات في الصراع المسلح، مع وجود إمكانية أن يركز هذا الجهد أيضا على العمليات التي تؤدي إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين والحد من تراكم الدين العام وإنقاذ المصارف من شبح الافلاس.

ومع ذلك، يمكن أن تكون اللجنة الاقتصادية المشاركة في اجتماعات القاهرة والتي تضم أعضاءً من مختلف التيارات السياسية والمؤسسات المالية نقطة انطلاق عبر التنسيق التدريجي للسياسة الاقتصادية والمالية بين السلطات المتنافسة وتطوير توافق في الآراء بشأن عملية إعادة التوحيد المؤسسي في البلاد.

مفتاح الحل في طرابلس

وقال استاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي عطية الفيتوري، إن محافظ المصرف المركزي المتواجد في طرابلس هو من يملك الحل للأزمة الحالية من خلال سلطته على جميع الإدارات والمصارف.

وأوضح الفيتوري في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن مسألة توحيد إدارة المصرف المركزي شبه مستحيلة نتيجة لوجود انقسام في السلطات التشريعية والتنفيذية في البلاد، مشيرًا إلى أن دعوات الوحدة لن يكتب لها النجاح على الأقل في الفترة القليلة المقبلة.

وعلى الرفم من وجود أربعة من أعضاء مجلس الإدارة المكون من سبعة أشخاص في بنغازي، فإن جميع القرارات التي صدرت في الاجتماعات السابقة ذهبت أدراج الرياح بسبب غياب الصديق الكبير عنها ورفضها أيضا، وفق الفيتوري.

ويعتقد الخبير الاقتصادي بأن مسألة توحيد المصرف ليست مهمة في الوقت الحالي مقارنة بضرورة فتح الاعتماد وفتح المنظومة المصرفية عن المنطقة الشرقية لتجاوز الأزمة التي فرضها فيروس كورونا على البلاد.

الفيتوري الذي يعتبر أحد الأشخاص المدعوين إلى اجتماعات القاهرة الاقتصادية، أكد بأنه يمكن إجراء إصلاحات اقتصادية من خلال بعض القرارت التي تساهم في استقرار الوضع وانعكاسه إيجابيا على المواطن مع وجود احتياطي جيد من النقد الأجنبي يمكنه أن يحقق الاستدامة المالية إلى حين عودة إنتاج النفط الفترة المقبة.

صعوبات كبيرة

وقال الخبير في الاقتصاد عمر زرموح إن عملية توحيد المصرف المركزي الذي دعا إليها السراج في بيانه الأخير في غاية الصعوبة خاصة وأن العملية المعقدة تحتاج إلى وقت طويل.

وأضح زرموح في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن هناك قوانين وإجراءات تصعب عملية الوحدة، خاصة مع مرور ستة أعوام على انشقاق مركزي بنغازي عن طرابلس.

ويعتقد الخبير الاقتصادي بأن الجميع يرغب في توحيد المصرف أو بصورة أدق إعادة المنشقين عن مركزي طرابلس وتوحيد الإدارة، لكن تبقى عمليات طباعة العملة الروسية طيلة تلك السنوات إضافة إلى وضع المصارف في المنطقة الشرقية المنهكة من القروض تشكل تحديدا كبيرًا.

زرموح يرى بأن لجنة المراجعة التي طالب بها الصديق الكبير في السابق والتي ماطلت البعثة الأممية في تفعيلها هي الخطوة الأولى على طريق توحيد المصرف المركزي وإنهاء الانقسام رغم أنها مهمة محفوفة بالعراقيل والصعوبات.