“طه بعرة” يكتب مقالاً بعنوان : النزاع القانوني حول إدارة المصرف الليبي الخارجي وشرعية الحراسة القضائية

1٬053

كتب أستاذ القانون العام “د. طه بعره” مقالاً بعنوان “النزاع القانوني حول إدارة المصرف الليبي الخارجي وشرعية الحراسة القضائية”

أسس المصرف الليبي الخارجي بموجب أحكام القانون رقم 18 لسنة 1972 م بشأن الإذن بإنشاء المصرف العربي الليبي الخارجي شركة مساهمة ليبية، ليزاول أعماله وفقاً لما يحدده نظامه الأساسي، ويؤسسه مصرف ليبيا المركزي ويكتتب فيه بالكامل، ويعين رئيس وأعضاء مجلس إدارته من طرف مجلس الوزراء بناء على عرض من وزير المالية وفق مادته رقم 4.

بعد صدور القانون رقم 1 لسنة 2005 م بشأن المصارف وتعديلاته، عدل النظام الأساسي للمصرف استناداً على المادة رقم 100 من القانون الأخير التي ألزمت المصارف بتعديل انظمتها الاساسية بما يتوافق وأحكامه، وبالتعديل استبدلت الجهة المختصة بتسمية رئيس ومجلس إدارة المصرف من مجلس الوزراء إلى مصرف ليبيا المركزي.

ثار جدل عميق مؤخراً بين مصرف ليبيا المركزي الذي تمسك بإختصاصاته المشار إليها في تعديل النظام الأساسي، وبين رئاسة مجلس الوزراء بحكومة الوفاق الوطني التي تمسكت بإختصاصاتها الواردة في قانون إنشاء المصرف، لأسباب متراكمة لسنا هنا بصدد سردها فلا يحتملها المقال وانما تحتاج إلى سفر خاص.

وحيث أن النظام الأساسي للمؤسسة يعد دستوراً لها ويتضمن كافة القواعد التي تنظم عملها وأهدافها وعلاقاتها، إلا أن هذا النظام يجب أن يحترم قواعد الهرم التشريعي وأن لا يتعارض في أحكامه مع نص اعلى منه درجة، كما أن القوانين تظل سارية مهما طال زمن سريانها ومهما لحقتها من قوانين، طالما لم ينص صراحة على إلغائها أو يشتمل على نص يتعارض نصها القديم وفق نص المادة رقم 2 من القانون المدني.

ولما كانت جهة تعيين إدارة المصرف الليبي الخارجي قد نص عليها صراحة بموجب نص المادة رقم 4 من قانون إنشاء المصرف الصادر في العام 1972 وأن قانون المصارف الصادر في العام 2005 وتعديلاته لم يشتمل على اي نص خاص يلغي ذلك النص أو يتعارض معه صراحة، وأن تغيير القانون الأول لا يتأتى إلا بتشريع مساو له في القوة أو اعلى منه في الدرجة، وبالتالي فإن تعديل جهة التعيين المشار إليها بنص في النظام الأساسي المعدل للمصرف الليبي الخارجي بموجب مادته 35 يعد والعدم سواء، لتعارضه مع نص اعلى منه درجة وقانون سار المفعول لم يلغى صراحة واقر بسريانه بموجب المادة 62 من النظام الأساسي المعدل التي نصت على ( سريان القانون رقم 1 لسنة 2005 م بشأن المصارف وتعديلات، والقانون رقم 18 لسنة 1972 م بشأن الإذن بإنشاء المصرف العربي الليبي الخارجي، فيما لم يرد بشأنه نص)، ولا يتأتى تأويل قانون المصارف الأحدث بأنه قانون يمثل رؤية جديدة لكافة عناصر القطاع المصرفي في البلاد، لأن المصارف تنوعت في ملكيتها ما بين وزارة المالية ومصارفها المتخصصة مثل الإدخار والتنمية والزراعي وغيرها، والتي ظلت على حالها وخصوصيتها حتى يومنا هذا.

واياً كان مآل الجدل القانوني القائم وحججه، تبقى مكنة اللجوء إلى الحراسة القضائية لحفظ وكفالة وإدارة المصرف الليبي الخارجي قائمة للسلطان الأعلى المتمثل في القضاء الليبي وفق أحكام المواد 731 ، 732 من القانون المدني الصادر عام 1953 ، سواء كانت إتفاقية بين المتنازعين أو بحكم قضائي، طالما كانت حالة النزاع قائمة والخطر عاجل والحق غير ثابت، دون أن تنال من هذه المكنة النصوص الناسخة لحق تعيين مدير قضائي وفقاً لأحكام القانون التجاري رقم 23 لسنة 2010 م بشأن النشاط التجاري، لسبب رئيس يكمن في الفارق بين الحارس القضائي ذو الإختصاصات والمكنة الواسعة التي تخوله تعيين إدارة تنفيذية، والمدير القضائي ذو الإختصاصات التنفيذية المقيدة الذي يدير المال بنفسه دون سواه، المنصوص عليه في المواد 206 ، 207 من القانون التجاري، حتى يفصل قضائياً أو توحد المؤسسات سياسياً والله ولي التوفيق .