“قرارات الدبيبة”.. إهدار للمال العام؟ أم سد لحاجة الشعب؟

325

قال تعالى: إن اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿٥٨ النساء﴾

تزامناً مع صرف الزيادات والعلاوات التي يرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية بأنها قد تعالج عدة أزمات لفئة من الليبيين ، يرى الخبراء في ذات الوقت أنها تغييرات متتالية وقرارات مفاجئة وغير مدروسة فبدل من سعيه لإصدار جدول مرتبات عادل لايزال “الدبيبة” يصدر قرارات لفئات دون غيرها حتى وصل الآمر لضرب القطاعات ببعضها من باب المقارنة فالصحة لم تصرف زياداتها والداخلية كذلك ، الآمر الذي جعل هذه الجهات تلجأ إلى الاعتصامات ..

كان آمل الليبيون الآخير عند إعلان “الدبيبة” والقول أن لديه مفاجئة لهم والتي ظن بعضاً منهم أنه أصبح يملك مارداً لمصباح سحري حتى ، ليكتشفو في اليوم التالي أن سيادة الرئيس قد أفصح عن قرارات ما هي إلا إسترداداً لحقوق متأخرة ومؤجلة ، لتدور بعدها مباشرة أحداث الاشتباكات بطرابلس ليضع تساؤلات لدى عامة الناس: لماذا لا يعمل على فك التشكيلات المسلحة وانضمامها تحت سحابة واحدة بدلاً من الإنفاق عليها ، ولمّا تغيب العدالة دوماً على قراراته ؟ وما ضمناته لنجاح مسكناته؟

وفي ذات السياق تحدث عضو الصالون الاقتصادي “محمد الصافي” في لقاء له مع صحيفة صدى الاقتصادية فيما يخص آثار قرارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية بخصوص الصرف على الاقتصاد الليبي، حيث قال: بند المرتبات يشكل النسبة الأكبر من الميزانية في أخر عشر سنوات حيث بلغت كمية الأموال المصروفة على هذا البند بين عامين 2010 و 2020 قرابة 230 مليار دينار .

أضاف “الصافي” قائلًا: هذا الباب يشكل ثقل كبير على الميزانية العامة ويعد عائق هائل أمام إصلاح المالية العامة، وزيادة هذا الباب بدون وضع هذه النقاط في الحسبان ستؤثر بكل تأكيد بشكل سلبي على الاقتصاد الليبي، بينما مساعدة المواطن على تحمل تكلفة الغلاء أمر محمود، وهذا الإجراء يقوم بعكس هذا الغرض لأنه من المتوقع أن تكون له تأثيرات تضخمية وكذلك تأثير على قيمة الدينار الليبي .

أما بخصوص إن كانت هذه القرارات ستزيد من نسبة التضخم وتنقص من قيمة الدينار الليبي أم لا علّق “الصافي” بالقول: هذا أمر متوقع لأن زيادة الإنفاق الاستهلاكي بدون إنفاق تنموي يزيد من الإنتاجية وسينعكس سلبًا على التضخم وقيمة الدينار .

وفي سياق حديثه قال “الصافي” بخصوص تطبيق قرارات الإفراجات والزيادات على أرض الواقع بعد تأجيلها عدة مرات: يعتمد هذا كثيرًا على الإتفاق مع المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، هذا نجحت الحكومة في الإتفاق مع هذين الجسمين فإنه ستتمكن من تنفيذ الزيادات .

وبخصوص امتلاك المصرف المركزي الإيرادات الكافية لتغطية كافة هذه المخصصات ضمن بند المرتبات والمطلوبة من عدة قطاعات ومن عدمه، قال “الصافي”: يجب انتظار نشرة المركزي ووزارة المالية للإطلاع على حجم الإيرادات هذه السنة ولكن إذا لم يكن هناك مشاكل في إنتاج النفط وتحويل الأموال إلى المركزي فإن المركزي سيجد الإيرادات الكافية خصوصاً مع غلاء أسعار النفط نتيجة إلى الأزمة الاقتصادية الدولية .

أختتم “الصافي” حديثه متسائلًا: ولكن! كيف يمكن تمويل هذه الإيرادات إذا هبط سعر النفط؟ سؤال أثق أن الحكومة لم تفكر فيه .

كذلك صرح مصدر بوزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: بأن الإفراجات المالية لشهر يوليو لا توجد، أما لشهر أغسطس ليس معروفاً إلى هذه اللحظة ، وإذا أحيلت لجنة الإفراجات المالية حسب ضوابط إجراءاتها إلى وزارة المالية وتم تغطية المبلغ من الحكومة سيتم الإفراج عليها في أي وقت .

وأضاف المصدر بالقول: أما بخصوص قطاع الصحة لا يوجد زيادة لهذا القطاع بسبب عدم التزامهم بإحالة البيانات للوزارة، حيث أن الحكومة ووزارة المالية قد وجهو كتاب مراسلة لوزارة الصحة بإحالة البيانات واجراءات المطابقة إلى وزارة المالية لكي يتم تنفيذ قرار الزيادة، متى ما التزمت وزارة الصحة بإجراء المطابقة مع وزارة المالية يحيل الموقف إلى الحكومة ليتم إحالة الزيادة ضمن جدول المرتبات الموحد.

أما بخصوص الدفعة الثالثة قال:  لم يتم الإفراج عليها، حيث أنها تحت الإجراء إلى هذه اللحظة ،كما أن أل 80 ألف ما تم الإفراج عليه هو في سنة 2021، وكذلك أخر ما تم الإفراج عليه كان أكثر من 80 ألف .

كما قال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية أ.د. عمر عثمان زرموح في تصريح له لصحيفة صدى الاقتصادية: في ليبيا الإنفاق الحكومي هو المحرك الأساس للنشاط الاقتصادي، وأعتقد أن هذا الإنفاق ضروري حاليًا للتخفيف من حدة الركود أو التباطؤ في الطلب على السلع والخدمات الذي يشكو منه العديد من التجار ورجال الأعمال .

وأضاف بالقول: المشكلة في تقديري ليست في الإنفاق الحكومي في ذاته بل في توجيه هذا الإنفاق للمجالات الصحيحة وخاصة تلك التي تؤدي إلى تحفيز الدخل والإنتاج فإذا تحققت زيادات في الدخل والإنتاج فإن ذلك سوف يؤدي إلى امتصاص جزء من التضخم المحتمل الناجم عن زيادة الإنفاق الحكومي وتكون المحصلة هي زيادة حقيقية في الدخل والإنتاج وهذا شيء إيجابي .

مُضيفاً: المشكلة الثانية المتعلقة بالإنفاق الحكومي في تقديري ترجع للجانب التشريعي فيجب أن يكون الإنفاق وفقا للميزانية المعتمدة من السلطة التشريعية وليس خارجا عنها، وغني عن البيان أن مجلس النواب قد اعتمد ميزانية هذا العام 2022 مما يوجب الالتزام ببنودها بصرف النظر (وهذا رأيي) عن مسألة الشرعية وعدم الشرعية وبصرف النظر عن اسم الحكومة التي تقوم بتنفيذها وذلك على أساس أن الميزانية المعتمدة هي ميزانية للدولة لتحقيق أهداف معينة وليست ميزانية لشخص أو أشخاص، وأيضًا على أساس أن الميزانية المعتمدة تكون عادة واضحة ومحددة البنود والمخصصات منذ البداية ومن ثم أتوقع أن تكون أفضل من وجهة نظر مصلحة الاقتصاد الليبي من القرارات المفاجئة للحكومة التي قد تتماشى أو لا تتماشى مع الأهداف المرجوة للإنفاق .

كما أوضح “زرموح” قائلًا: قيمة الدينار الليبي مثبتة بسعر الصرف: 1.0 L.D = 0.1555 SDR بناءً على قرار مجلس الإدارة بمصرف ليبيا المركزي في 2020.12.16 وهذا يعكس قيمة منخفضة جدًا للدينار حيث أن هذا القرار قد خفضها بنسبة 70% دفعة واحدة رغم أني وكثير من الاقتصاديين الليبيين لم نكن راضين عن هذا الأسلوب، ومع ذلك فإنه من غير المتوقع أن يتقرر تخفيض أكثر في قيمة الدينار في المدى المنظور ما لم تحصل ظروف استثنائية ينخفض فيها إنتاج وتصدير النفط .

كذلك أختتم بالقول: لكن ما نراه من ارتفاع في سعر صرف الدولار لدى مصرف ليبيا المركزي هذه الأيام (وأقصد بعد الحرب الأوكرانية) فهو لا يرجع لأي سبب محلي داخل الاقتصاد الليبي بل يرجع لعوامل الطلب والعرض العالمية على العملات الدولية، فإذا ارتفع الدولار فسنجد أن اليورو أو الاسترليني أو غيرهما قد انخفض وتبقى قيمة الدينار ثابتة مقومة بسلة العملات الدولية .

صرح أيضًا النقابى “شاكر الفيتوري” حصريًا لصحيفة صدى الاقتصادية قائلًا: نحن نطالب بحلول جذرية لحل أزمة الشركات المتعثرة بإصدار قرارت وليس بتشكيل اللجان.

وقال كذلك: كما أننا نُطالب بضم العاملين بالشركات المتعثرة والمنسحبة إلى الخزينة العامة للدولة وضمهم إلى الوزارات التى يتبعونها وذلك حتى يتسنى لهم تطبيق قانون الضمان الاجتماعي وفتح باب التقاعد الاختياري وصرف جميع المرتبات المتأخرة وتطبيق جدول المرتبات الموحدة اسوة بكل العاملبن بالدولة الليبية.

وطالب “الفيتوري” من كافة العاملين الوقوف وقفة رجل واحدة لنيل جميع حقوقهم وحقوق أبنائهم.

ومن جهته قال وزير العمل والتأهيل ووزير الخدمة المدنية بحكومة الوحدة الوطنية “علي العابد” في تصريح حصري لصحيفة صدى الاقتصادية: تنفيذاً لتعليمات رئيس الوزراء وما تم إقراره في اجتماع مجلس الوزراء العاشر لسنة 2022م تم إحالة الدفعة الثالثة من الافراجات المالية لمصلحة الأحوال المدنية لمطابقتها.

وتابع قائلاً: ومن ثم إحالتها لمركز التوثيق والمعلومات بوزارة العمل والتأهيل بمطابقة الازدواج الوظيفي وبعد ذلك إحالتها لوزارة المالية للبدء في عملية منح الرقم المالي وصرف المرتبات.

تحدث أيضًا الخبير في اقتصاديات النفط “محمد الطاهر” في تصريح له لصحيفة صدى الاقتصادية مُعلقاً على القرارات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء، حيث قال: قرارات ردود الأفعال لا تصب فى مصلحة الاقتصاد المتوازن ولا تحقق هدف طويل المدى، وقرارات الإنفاق الحكومى سواء لإرضاء أو لاسترضاء هي ليست أكثر من مخفضات حرارة لحالة الغضب الحاصل بين الجموع .

وفي سياق حديثه قال “الطاهر”: فى كلمات بسيطة يمكن القول بأن القرار الرشيد يكمن فى زيادة كفاءة استثمار الموارد ورفع القوة الشرائية للعملة وخلق ميادين انتاج لكل فئات الأعمار من هم فى سن العمل، وتخفيض الإنفاق الحكومى، وإدخال الميكنة فى دواليب الدولة وخروج الدولة من مفهوم منافس للفرد إلى مفهوم متبنى لإبداعه وتحفيزه على التميز .

كما كشف نائب رئيس لجنة الإفراجات المالية “إبراهيم مسعود أبو المغاير” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية عن مطابقة قوائم الإفراجات مع منظومة الرقم الوطني بمصلحة الأحوال المدنية .

مؤكدًا أنه تم إحالة القوائم إلى مركز المعلومات والتوثيق وزارة العمل والتأهيل لإتمام المطابقة من حيث الإزدواج الوظيفي وأيضاً تمت إحالة القوائم إلى وزارة المالية.

وبعد كل ماذُكر.. هل ستُطبق العدالة بين فئات هذا الشعب أم سيتكرر هذا السيناريو ؟