منحة أرباب الأسر .. بديل اقتصادي أم توجه مصرفي؟

706

ال500 دولار شأن قد شغل الكثير من الليبين منذ إطلاق حزمة الإصلاحات الاقتصادية رغم رؤية البعض أنها مكسب للتجار إلا أن المواطن الليبي لايمل من الكر والفر جراءها ودفع ضريبة للحصول عليها مع أمنية ارتفاع سعر الدولار ليكسب العديد منهم أكبر فائدة ممكنة من بيعها ..

تطرقت” صدى” إلى هذه القضية لكشف مدى تأثيرها على احتياطيات مصرف ليبيا المركزي و الحد من غلاء المعيشة عند صرفها، وخرجت لكم بهذه الأراء :

المركزي يتمنى عدم استمرار منحة أرباب الأسر! 

صرح مدير مشروع أرباب الأسر بمصرف ليبيا المركزي بطرابلس “سالم السيوي” لصحيفة صدى الاقتصادية أنه بدون حساب لا يمكن تحصل المواطن على ال 500 دولار وعندما يأتي أي مواطن للمصرف للطلب عليها وبدون فتح حساب بالمصرف يقوم المصرف بطلب الإجراءات والأوراق المطلوبة منه لفتح الحساب ومن ثم يقوم بفتح حساب لطلب مخصصات أرباب الأسر. 

وعن قرب صرف مخصصات أرباب الأسر لسنة 2019 قال “السيوي” أن هذا الأمر تحدده الدولة ووضعها الاقتصادي والسياسي ونحن الآن نعمل على قاعدة بيانات السجل المدني والذي أوضح مسئولوه أنه في شهر يونيو القادم ستكون قاعدة البيانات جاهزة وصحيحة وحقيقية لكل الليبيين.

وأضاف أن مخصصات أرباب الأسر أقرّت بالدرجة الأولى لمساعدة المواطنين في الوضع الراهن ونحن لا نتمنى استمرارها بل نتمنى أن يرجع الوضع كما كان في سنة 2012 و 2013 و يعود سعر صرف الدولار أقل من دينار ونصف وكما كان متاحا بالمصارف وبالتالي لن نحتاج إلى منظومة أو هذا العمل و يستطيع المواطن عندما يريد المجيء إلى المصرف لشراء العملة الأجنبية وليس الذهاب للسوق الموازي كما هو حاصل الآن، وهذا معتمد على معطيات الوضع الاقتصادي في ليبيا. 

وفي تصريح لمدير إدارة تقنية المعلومات بمصرف ليبيا المركزي “عمران الشائبي” لصحيفة صدى الاقتصادية قال عن صرف مخصصات أرباب الأسر ومدى تأثيرها على احتياطيات المركزي ان طرح أي عملة عن طريق المصرف المركزي مباشرة سيكون لها تأثير إيجابي وهذا يوفر العملة و ينخفض الطلب عليها في السوق السوداء والغرض من الاحتياطيات بمصرف ليبيا المركزي هو أن تستعمل في الأزمات.

500 دولار ستساهم في ارتفاع قيمة الدينار وزيادة قوته الشرائية : 

وقال عضو مجلس إدراة بمصرف الليبي الخارجي سابقاً ومدير إدراة المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي حالياً “عز الدين عاشور” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية أن ال 500 دولار ستساهم في ارتفاع قيمة الدينار وزيادة القوة الشرائية له وأنها نوع من الدعم وأن المواطن سيستفيد من الفرق بين السعر الرسمي والسعر التجاري ولن تؤثر على احتياطيات البنك المركزي باعتبار أن وضع الاحتياطيات جيد ولن يكون لها أثر كبير وهي تعطي جزءا من الطلب على النقد الأجنبي لتوفير السلع والخدمات. 

ومن جهته أكد الوكيل المساعد بوزارة المالية بالحكومة المؤقتة “إدريس الشريف” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية إن هذه القيمه ليست ( منحة ) مجانية من المصرف المركزي للمواطنين، فالمواطنون يدفعون ثمن هذ المخصص بسعر الصرف الرسمي المحدد قانوناً وهو نفس السعر الذي اشترى به المصرف المركزي الدولارات المتأتية من بيع النفط من وزارة المالية، مع إضافة هامش البيع المقرر وفي الظروف الطبيعية من المفترض عدم وجود قيود على البيع بهذا السعر.

ونظراً للظروف الاستثنائية للاقتصاد الليبي، والتي يقول المصرف المركزي أنه لا يستطيع بسببها مواجهة الطلب على الدولار عند السعر الرسمي الحالي، قام المركزي بفرض قيود كمية مشدده على بيع العملة الأجنبية بسعر الصرف الرسمي مما أدى إلى ظهور السوق السوداء في العمله الأجنبية نظراً للطلب الكبير عليها لتغطية حاجات البلد من الواردات السلعية والأغراض الأخرى، من هنا جاءت فكرة فرض رسم على بيع العملة الأجنبية ليقترب سعرها من السعر الموازي على أن يتم تخفيض الرسم تدريجياً إلى حين الوصول إلى سعر صرف يستطيع المركزي الدفاع عنه بتلبية كل الطلبات من ناحية، ويكون متناسباً إلى حد ما مع مستويات الدخول من ناحية آخرى، باعتبار أن سعر صرف الدولار هو الذي يؤثر في أسعار كافة السلع والخدمات التي يتم تداولها تقريباً، وللأسف هذا التخفيض التدريجي في الرسم لم يحدث حتى الآن والسبب هو أن المصرف المركزي تخلى عن اختصاص تحديد وإدارة سعر الصرف للمجلس الرئاسي بشكل غير قانوني .   

وأضاف “الشريف” أنه من المؤكد أن صرف هذه القيمة قد استفادت منها الكثير من الأسر في مواجهة تكاليف المعيشة لأنها وفرت للكثيرين مبالغ مالية نتيجة بيع مخصصاتهم بأسعار السوق السوداء، كما أنها ستؤدي إلى انخفاض سعر الدولار في السوق الموازي مما يؤدي إلى انخفاض أسعار كثير من السلع والخدمات في السوق، وذلك على الرغم من فقدان أكثر من 10% من قيمتها نتيجة صرفها عن طريق بطاقات الفيزا وغيرها واستفادة جهات خارجية ( دول ومصارف وشركات ) من هذا الفارق الذي يصل إلى مئات الملايين من الدولارات نحن في حاجة إليه .

أما من حيث تأثير صرفها على احتياطيات المصرف المركزي فلن يكون لها أي تاثير نظراً لأن المصرف المركزي ( وحسب التقرير الصادر عنه ) حقق فائض من العمله الأجنبية قيمته 5.4 مليار دولار عن سنة 2018، وإجمالي قيمة المخصص المتوقع صرفه لعدد المواطنين الوارد بتقريره لن يزيد عن 3.8 مليار دولار، وبالتالي فإنه لن يتم اللجوء إلى الاحتياطيات، ويرجى ملاحظة أن هذا المخصص هو استكمال لمخصص سنة 2018 المتفق بشأنها ضمن ما سمي بحزمة الإصلاحات الاقتصادية .

مخصصات أرباب الأسر تسببب في ضغط على احتياطيات ليبيا : 

و في تصريح للخبير المصرفي” رجب المسلاتي” لصحيفة صدى الاقتصادية قال “أنا في حيرة ممّا يجري في الجهاز المصرفي وغير قادر على فهم أو استيعاب بعض إجراءاته في بلد لديه رقابة علي النقد لا تباع ممتلكاته من العملات الصعبة إلاّ لأسباب وجيهة وأغراض مفيدة، أما أن يباع الدولار هكذا كمنحة دون تحديد أسباب ولا أعراض فليس لهذا من نتيجة سوى الضغط على احتياطيات البلد من العملات الصعبة وتأزم السيولة.

وفي تصريح للخبير المصرفي “نوري بريون” لصحيفة صدى الاقتصادية قال: إن منحة أرباب الأسر ستؤثر سلباً على احتياطيات البلاد لأن البنك المركزي يجب أن يصرف أي دولار من الاحتياطيات على استيراد السلع والخدمات الضرورية فقط للشعب الليبي وليس حتى الكمالية في الوقت الحاضر، وربما يحتاج إلى سلع كمالية في أوقات كانت ليبيا تصدر على الأقل مليون و 600 ألف برميل يومياً ولكن اليوم بعدما أصبح المتوسط لا يتجاوز 200 ألف برميل في السنوات الأخيرة فهذا يعتبر صرف ال500 دولار إسراف و استنزاف للنقد الأجنبي، والحكومة والبنك المركزي يساهمان في إفساد الشعب ويجعلونه يأخذ المال ويتم بيعه في السوق السوداء. 

ومن جهته صرح الخبير المصرفي “محمود حمودة” لصحيفة صدى الاقتصادية أن منح مبلغ 500 دولار لأفراد الأسرة لا يجب أن يكون من منطلق ان يبيع المواطن هذا المبلغ ( الممنوح حسب الترتيبات المالية ) في السوق الموازي و يستفيد من ” فرق سعر الصرف ” هذا غير سليم للاقتصاد الوطني وهذا يجعل السوق الموازي مشرعن رغم أن ما لاحظناه سابقاً أن سعر صرف الدولار ينخفض، ويفترض تبعا لذلك أن تنخفض أيضاً الأسعار ولكن ليس بشكل قوي و للأسف الممارسات غير الشرعية و السوق الموازي لم ينتهوا بعد .

و قال الخبير الاقتصادي والمالي “محسن الدريجة” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية أن ال500 دولار لها دور في مساعدة المواطن ولكن هناك طرق أفضل لمساعدة المواطنين بحيث لا يضطر إلى بيع بطاقات أو السفر والوقوف أمام المصارف، وهي أقرت في مرحلة كان فيها سعر الدولار مرتفعا جدآ وكانت بالفعل مهمة ونافعة وساعدت الكثير من المواطنين على التعامل مع الغلاء في البلد لفترة وجيزة ولكن الأفضل أن يكون هناك حل دائم ويتطلب تعاون كامل مع السلطات في ليبيا والمتمثلة في وزارة المالية وزارة الاقتصاد والمركزي والحكومة وأن تكون سياسة شاملة تتعامل مع كافة المشاكل وليس حلول مؤقتة، وهذا يعتبر حل من المركزي لمشكلة غلاء المعيشة والصعوبات التي يواجهها العديد من المواطنين في ليبيا. 

وأضاف “الدريجة” قائلاً في اعتقادي أن العملة الصعبة ستسخدم في تغطية مصاريف السفر والبضائع وهذه تشجع الطلب على الاعتمادات و بسعر 3.90 والطلب على 10.000 دولار وهي ستكون البديل للعملة الصعبة في النهاية وأعتقد أن التأثيرات على الميزان التجاري واحتياطيات المركزي ستكون محدودة جداً. 

وختاماً مع تعدد أراء أهل الاختصاص في مدى تأثير صرف منح أرباب الأسر على صعيد الاحتياطي النقدي أو مواجهة المواطن لغلاء أسعار المعيشة، تظل الأحوال الاقتصادية للبلاد رهينة بحلول ظرفية قصيرة الأجل قد تحدث علاجاً مؤقتاً، لكن معظم الجروح الاقتصادية سرعان ما تعاود آلامها وتظل الآمال معلقة بانفراج الأزمة السياسية قبل انفجار الأوضاع الاقتصادية.