“ميزانية الاحتفالات والتبرعات”.. مضيعةٌ لحق المواطن!.. أم لتحسين صورة الوطن !!

777

في ذات العام.. تنظيمات لاحتفالات عدة من قبل الحكومة سواء لمناسباتٍ تخص الوطن أو فئة معينة من المواطنين، مبالغٌ غير معلوم حجمها سُيِّرت على هذه الاحتفالات وآخرها كان الاحتفال المُخصص لذكرى السابع عشر من فبراير بعروضٍ ضخمة وتجهيزاتٌ مسبقة ومدروسة من قبل اللجنة المختصة ، كذلك مبالغٌ خصصتها الحكومة للتبرع بها لدولة تركيا بعد فاجعة الزلزال التي هزت جنوب شرقي البلاد وبحسب ماصرحت به وزيرة الخارجية والتعاون الدولي “نجلاء المنقوش” فالمبلغ يُقدر ب 50 مليون دولار لإعادة إعمار المنازل المُدمرة، بالإضافة إلى المساعدات الأخرى ومطالبة المواطنين الليبيين بالتبرع سواء عن طريق الصناديق التي اصطفت في ساحات الاحتفال بذكرى السابع عشر من فبراير أو عن طريق شركات الإتصالات!!!

وما آثار حُزن الأغلبية العظمي من الليبييون الذين عبروا عن آراءهم فيما يخص التبرعات والاحتفالات هو شعورهم بالخذلان من قبل الحكومة ومسؤوليها، فوطنهم بحاجةٍ إلى العديد من الإصلاحات، البنية التحتية متهالكة والملفات المخصصة للعلاج متراكمة، بيوتٌ دمرت بسبب الحروب لازالت تصافح جدرانها الأرض، تأخرٌ في المرتبات والحقوق، وعودٌ بلا جدوى.

وبالرغم من إدعاء الحكومة للشفافية والإفصاح امتنع عدد من المسؤولين بالرد والإجابة عن القيمة التي صُرفت للاحتفال بذكرى السابع عشر من فبراير، حيث تواصلت صحيفة صدى مع أكثر من مسؤول لقطع الشك باليقين ووضع إجابة للتساؤلات التي تدور بين المواطنين بمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ولم تجد الرد، وتركت الحكومة ومسؤوليها الأقاويل تدور حول المبلغ من مليون إلى مئة مليون .

وفي ذات السياق صرح الخبير الاقتصادي “منذر الشحومي” فيما يتعلق بالمبالغ التي تم التبرع بها لإعادة إعمار دولة تركيا قائلاً: بالنسبة للتبرعات لإعادة إعمار تركيا، كان من الممكن التبرع بالإمكانيات وليس الأموال خاصةً أن ما تم التبرع به أضعاف مضاعفة لمخصصات إعادة إعمار المدن الليبية المتضررة من الحرب ووسط بنغازي دمار، هناك مهجرين غير قادرين على دفع الإيجار، وهناك مدن دمرة فيها البنية التحتية.

تابع بالقول: لو تم تخصيص خمسين مليون دولار، أي ما يعادل 250 مليون دينار ليبي لكانت النتائج إعادة إعمار والرفع من الناتج العام بسبب ضخ هذه السيولة في الاقتصاد الوطني، ما يحدث في سوريا وتركيا مأساة وتخصيص مبلغ لتركيا دون مساعدة سوريا بغض النظر عن السياسة هو عدم مراعاة لا إنسانية الأخوة السوريين.

نوه كذلك: مساعدة تركيا وسوريا واجب أخلاقي لكن بشكل مدروس وفيه مراعاة لمشاعر الليبيين المتضررين من الدمار في جميع ربوع ليبيا.

أما بخصوص المبالغ المُسيرة للاحتفالات واحتفالية ذكري فبراير قال “الشحومي”: أرى أنه يجب عدم المبالغة في الميزانية والاحتفالية بحكم أن ما قامت لأجله الثورة لم يتحقق بعد وأي ميزانية مخصصة ستكون إهدار ليس له مردود مستدام للاقتصاد الوطني وقد يؤدي لنهبها كما كان عليه الأخر قبل وبعد فبراير 2011 .

أختتم قائلًا: بعيدًا عن السياسة، الليبيين بحاجة لمشروع وطني لتطوير الاقتصاد، وإصلاح التشوهات الحالية والدفع لتحفيز الشركات المتوسطة والصغري لتكون دعامة الاقتصاد الوطني وشريك في إحداث التحول المطلوب لتخفيض ميزانية المرتبات كأقل شيء.

كذلك تحدثت المحامية “ثريا الطويبي” في تصريح لها لصحيفة صدى الاقتصادية، حيث قالت: أرى أن الاحتفالات التي تقوم الحكومة بالانفاق عليها بمبالغ كبيرة هي إهدار للمال العام مهما يكن لتلك الاحتفالات من معنى، خاصةً أنها عاجزة عن دفع مرتبات موظفيها في أوقات استحقاقها.

قالت كذلك: هناك أولويات يجب على الحكومة أن تنفق عليها، كعلاج المرضى، ومرتبات الموظفين، والبنية التحتية والتعليم.

كما أضافت “الطويبي” متحدثة: أما بالنسبة للتبرع بمبلغ 50 مليون دولار لإعمار تركيا، كان على الحكومة أن تقوم بإعادة إعمار مساكن المواطنين التي تضررت من الحروب، وتعويض المواطنين الملاك الذين تضرروا من قانون رقم 4، واللذين تضرروا من نزع ملكيتهم للمنفعة العامة خلال العام الماضي ولم تدفع لهم مقابل أملاكهم المنزوعة.

أما المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية “محمد شوبار” في تصريحه لصحيفة صدى الاقتصادية فيما يتعلق بالميزانيات التي تُسير من قبل الحكومة الليبية للاحتفالات قائلًا: عدم وجود قانون ميزانية منذ أكثر من ثمانية سنوات جعل من ظاهرة الفساد المالي والإداري تتفاقم لتصل ذروتها خلال تولي حكومة “الدبيبة”، وإن إختفاء 6 مليار دولار من حساب المؤسسة الوطنية للنفط هو أكبر عملية فساد أكد عليها المركز الأطلسي حيث لم تستخدم هذه الأموال في عمليات تتعلق بقطاع النفط .

مُضيفاً: الإنفاق على الأشياء الغير ضرورية كانت سمة المرحلة التمهيدية التي قامت بها حكومة “الدبيبة” على رأسها هدر المال العام على الاحتفالات والمؤتمرات وفي الوقت ذاته يعاني الليبيين من تدني في الخدمات الصحية وتوفير المواد الغذائية بأسعار تكون في متناول المواطن الليبي، كما أن حجم المعاناة التي يعيشها الليبيين اليوم سببها الرئيسي هو الفساد الذي تورطت فيه الطبقة السياسية المتواجدة في السلطة، ولوضع حد لهذه الأزمة يستلزم وجود قيادة حكيمة للحفاظ على أموال الليبيين وهذا ما يعمل عليه المجتمع الدولي .

كما صرح كذلك مصدر بهيئة الرقابة الإدارية التابعة لمجلس النواب حصرياً لصدى الاقتصادية بأن الهيئة تعرب استغرابها حيال التصريحات التي صدرت عن وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية بخصوص قيام رئيس حكومة الوحدة الوطنية بمنح 50 مليون دولار لتركيا دعم لها لمواجهة كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق بتركيا.

وبحسب المصدر فإن هذه قرارات تتطلب الموافقة من السلطة التشريعية بعد استطلاع رأي وزارة المالية والبنك المركزي وفقاً للقوانين المنظمة الأموال العامة ناهيك عن كونها بالعملة الصعبة الدولار فإن الهئية تطالب باتباع السياق القانوني في هكذا تصرفات .

ونوه أيضاً إلى أن هذا القرار له تأثيرات على علاقة ليبيا بالدول، وله بعد سياسي أكثر من أي بعد آخر، ولا بد أن تتم عن طريق السلطة التشريعية وفق القوانين المالية .

ذكرنا نقطة في بحر الحقوق الضائعة.. والسؤال هُنا هل ستستمر الحكومة بهدر المال العام على الهرج والمرج وعلى تسكين آلام الغير وترك المواطن الليبي ينتظر “كُرسيٌ عادل” لاسترداد حقه !!