Skip to main content
ألوان الاقتصاد بين التنوع والتداخل.. "الجزء الأول"
|

ألوان الاقتصاد بين التنوع والتداخل.. “الجزء الأول”

كتب: د. عبدالله ونيس الترهوني – أخصائي اقتصاديات النقل

منذ أن وطأت قدم الإنسان سطح هذا الكوكب وهو آخذ في تطوير حياته كي ينعم بالعيش، وذلك من خلال تطوير ذاته أو البيئة من حوله، وبما أن الاقتصاد لصيق بالإنسان فسيتطور حتماً هو الآخر، وبظهور وتوالي الثورات الصناعية المتعاقبة فقد ساهمت هى الآخرى في تطويرعلم الاقتصاد، فظهرت النظريات رافقتها آليات وبرامج متنوعة، لتعقبها الأدوات التي نعرفها في يومنا الحاضر والتي تشمل السياسات الاقتصادية المتنوعة كالنقدية والتجارية والمالية.

إن استخدام الألوان في كل مناحي الحياة ومنها الاقتصاد والإدارة هو ليس بالشئ الجديد، ويعزو هذا الاستخدام لسببين اثنين حسب وجهة نظري: الأول هو نفسي: حيث أن الألوان تؤثر بدرجات متفاوتة على السلوك البشري سواء بالقبول أو الرفض أوعدم الإكتراث وهو النادر، أما السبب الثاني فهو طريقة وسهولة التمييز باستخدام الألوان، وبشئ من التفصيل: فالاقتصاد العالمي الحديث قد تشعب كثيراً مدفوعاً بتطبيقات الثورتين الصناعيتين الثالثة والرابعة، ثم إن الألوان موجودة في كل مكان من حولنا بدءاً من إشارات المرور مروراً بالألوان المميزة للمطاعم والمقاهي وأسواق المال وصولاً إلى إنارة الشوارع، ولتوضيح أهمية الألوان في حياتنا نأخذ على سبيل المثال تجربة قامت بها سلطات مدينة غلاسكو الاسكتلندية في إحدى السنوات، حيث قامت بتغيير لون مصابيح الإنارة في الشوارع من اللون العادي المعروف والأقرب للون الأبيض إلى اللون الأزرق وذلك ضمن مساعيها لتخفيض عدد الجرائم وحالات الانتحار بالمدينة، وقد أظهرت النتائج أن معدل الجريمة قد إنخفض بنسبة 9% في المناطق المُنارة باللون الأزرق.

قبل الخوض في ألوان الاقتصاد دعونا نُشير في عُجالة إلى تفسير بعض الألوان، فاللون الأزرق مثلاً هو لون السماء وهو يمنحنا إنطباعاً عن النزاهة والثقة، أما اللون البرتقالي فيمنحنا إنطباعًا عن الابتكار والمخاطرة والمغامرة، وأن اللون البنفسجي يُعطينا إنطباعاً عن الإبداع والاختراع، في حين أن اللون الأخضر وهو لون النباتات والأعشاب التي تغطي سطح الأرض فيمنحنا انطباعاً عن البيئة وعن الاستدامة، هذا من زاوية، ومن زاوية أخرى وبالتحديد من منظور التسويق فإن أهم لونين من هذا المنظور هما الأزرق والأحمر، وبعبارات أوضح فمصطلح المحيط الأزرق يرمز إلى إنشاء أسواق جديدة وقطاعات خالية من المنافسة، وتتمتع فيه المؤسسات بالمبادرات على نطاق واسع، وبالتالي حصولها على أرباح ضخمة، في حين أن مصطلح المحيط الأحمر يرمز إلى وجود عدد كبير من المنافسين في قطاعات اقتصادية قائمة وأسواق تقليدية، يتسابق فيها المتنافسون للظفر بأكبر حصة في هذه الأسواق، وبالتالي فإن ما يميز المحيط الأحمر هو محدودية الكميات نتيجة لكثرة الطلبات.

لقد أجمعت أغلب المراجع تقريباً على أن للاقتصاد تسعة ألوان، في حين رأى البعض أن للاقتصاد لون عاشر ألا وهو اللون الأصفر، والذي يُعد كمرادف للاقتصاد القائم على الطاقة الشمسية كأحد مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، ولقد فسرواختيارهم للون الأصفر بالقول أنه يستخدم لوصف الآسيويين (الشعوب الصفراء)، وأن شعوب هذه البشرة كالصين والهند هي من ستقود العالم في المستقبل، ويهدف هذا النوع من الاقتصاد إلى الحفاظ على حق الأجيال القادمة في مجالات الطاقة غير المتجددة ومدى الاستفادة من الثروات الطبيعية وبالأخص الهيدروكربونية منها لفترات أطول في ظل تزايد الاستهلاك العالمي من الكهرباء، وتزايد التكاليف الناتجة عن استخدام الوقود الاحفوري في توليد الكهرباء.

أما فيما يخص الألوان التسعة الأخرى للاقتصاد فنبدأها بالاقتصاد الأزرق الذي نعنى به حسن إدارة وحماية الموارد المائية والبحار والمحيطات وبشكل مستدام، والذي يشمل الحفاظ على المسطحات المائية والحياة البحرية وتفعيل القوانين التي تمنع ممارسات الصيد البحري الضارة وغير المشروعة، والذي بدوره سيساهم في خلق تنمية مستدامة للموارد المائية العالمية، ورغم حداثة هذا المفهوم والذي ظهر للعلن في العام 2015 من قبل رجل الاقتصاد البلجيكي “غونتر باولي” إلا أنه يحظى باهتمام كبير تجاوز كل الحدود الأكاديمية والبحثية ووصل إلى دوائر صنع القرار الاقتصادي والسياسي لدول العالم.

يتبع…

مشاركة الخبر