كشف موقع” POLICY CENTER”الناطق باللغة الانجليزية اليوم الثلاثاء أن ليبيا تعاني من أزمة بطالة خانقة وخاصة بين الشباب ووفقًا لتقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2023 يعمل أكثر من مليوني شخص في الدوائر الحكومية وهو رقم يستثني الشركات المملوكة للدولة مثل شركات النفط والبنوك وشركات المرافق وبإجمالي قوة عاملة تبلغ 2.5 مليون .
وقال الموقع أن هذه القوى العاملة العامة الضخمة التي تستهلك 51٪ من الإنفاق الحكومي في عام 2024 توجد جنبًا إلى جنب مع معدل البطالة بين الشباب بنسبة 50٪ .
وبحسب الموقع استمرت هذه المعضلة لسنوات لطالما كانت مناقشات التنويع الاقتصادي لخلق فرص عمل خارج القطاع العام محورًا رئيسيًا في الخطاب الليبي ولكن بينما ازداد عدد المسؤولين الذين يتحدثون عن التنويع ولكن لم يتنوع الاقتصاد نفسه ويسود اعتقاد بين المسؤولين الليبيين بأن الدولة هي من يجب أن تقود هذه العملية ونتيجةً لذلك وضعت الحكومة من خلال مؤسساتها وبمساعدة من المنظمات الدولية العديد من استراتيجيات التنويع الاقتصادي .
وأشار الموقع إلى أن نظرًا لصياغة المسؤولين الحكوميين أن هذه الاستراتيجيات تتصور دائمًا دورًا محوريًا للدولة وتُملي كل شيء بدءًا من تحديد القطاعات ذات الأولوية وصولًا إلى كيفية تطويرها حيث يُمنح القطاع الخاص دورًا ثانويًا ويُتوقع منه المشاركة فقط بعد أن تُرسي الحكومة أسس العمل مشروع المناطق الصناعية الليبية ليس سوى مثال واحد علاوة على ذلك لا يثق العديد من البيروقراطيين الليبيين بالقطاع الخاص ثقةً عميقة ويعتبرونه مجموعة من الأفراد الأنانيين المتحمسين لاستغلال الشعب الليبي يعزز هذا التصور الاعتقاد بأن القطاع الخاص يجب أن يظل تحت سيطرة حكومية صارمة .
وأكد الموقع إن تغيير العقلية أمرٌ مُلحّ حيث تُشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أن المؤسسات متناهية الصغيرة والمتوسطة تُشكّل أكثر من 70% من إجمالي العمالة في العديد من البلدان لذلك يُمكن لقطاعٍ ليبيٍّ مزدهرٍ من هذه المؤسسات أن يُشكّل مصدرًا هامًا للعمالة ومع ذلك تواجه هذه المؤسسات الليبية العديد من التحديات .
وقال الموقع أن حاليًا يضطر رواد الأعمال الليبيون الطموحون إما إلى الاعتماد على مدخراتهم الشخصية أو الاقتراض من الأهل والأصدقاء لتأمين رأس المال اللازم لبدء مشروع تجاري ويخلق هذا الوصول المحدود إلى التمويل عائقين: أولًا يُقيّد دخول الأفراد من العائلات الثرية إلى السوق ثانيًا يُجبر أصحاب رؤوس الأموال المحدودة على السعي وراء مشاريع ذات رأس مال محدود ويرى البعض أن هذا يُفسر انتشار متاجر التجزئة بين الشباب في ليبيا لأن هذه المشاريع غالبًا ما تتطلب استثمارًا أوليًا أقل .
وأضاف الموقع أن عوامل عديدة تُسهم في ندرة تمويل المشاريع متناهية الصغيرة والمتوسطة في ليبيا عادةً ما تطلب البنوك التجارية ضمانات كاملة للقروض ولا يجوز أن يكون هذا الضمان عقارًا سكنيًا تشمل الضمانات المقبولة الأراضي أو المباني التجارية ولكن بسندات ملكية رسمية فقط والأسوأ من ذلك أن مكتب السجل العقاري الليبي مغلق منذ عام ٢٠٠٨ هذه الشروط تجعل من شبه المستحيل على الشباب العاطلين عن العمل الحصول على قروض لبدء مشاريعهم .
ردًا على ذلك، في يناير كلف مصرف ليبيا المركزي البنوك التجارية بتخصيص ما لا يقل عن 10٪ من محافظ استثماراتها لتمويل المشاريع متناهية الصغيرة والمتوسطة وهو رقم ارتفع مؤخرًا إلى 20٪ من خلال التمويل الإسلامي ومع ذلك فقد أسفرت هذه التوجيهات عن عدم وجود تمويل حتى الآن وتفتقر البنوك إلى الخبرة الداخلية لتصميم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية ومصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات التمويلية المحددة للمشاريع متناهية والصغيرة والمتوسطة .
إضافة لى ذلك يتطلب هذا تحولًا في العقلية داخل أقسام المخاطر المصرفية حيث يؤكد التمويل الإسلامي على تقاسم المخاطر بدلاً من الاعتماد الكامل على الضمانات يتم تدريب مجالس الشريعة التي تم إنشاؤها حديثًا داخل كل بنك ليبي فقط على الموافقة على المعاملات أو رفضها ولكن ليس على تطوير منتجات تمويل المشاريع متناهية والصغيرة والمتوسطة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية .
وأوضح الموقع أنه على الرغم من أن مصرف ليبيا المركزي يمتلك معظم البنوك في ليبيا إلا أن تنسيق عمليات الإقراض الجديدة واجه تحديات .
وأشار موظف في مصرف الجمهورية إلى أن المصرف ينتظر توجيهات بشأن التمويل المعتمد وتطبيقه.
في غضون ذلك أشار مسؤولو المصرف إلى أنهم يتوقعون من البنوك تطوير وتقديم منتجات مقترحة للموافقة عليها بناءً على أولويات كل بنك الاستثماري ويسود غموض كبير فيما يتعلق بتقسيم المسؤوليات في هذا المجال .
وقال الموقع أيضا أنه ينبغي على المصرف فتح حوار مع البنوك التجارية لمعالجة هذه المسألةوتُعد المناقشة التفاعلية التي تتيح للبنوك طرح أسئلة توضيحية أمرًا بالغ الأهمية وسيكون هذا النهج أكثر فعالية من الاعتماد الحالي على التوجيهات الأحادية الجانب المعروفة في الأوساط المصرفية الليبية .
وتطرق الموقع أنه حتي لو بادر مصرف ليبيا المركزي بتمويل إسلامي جاهزة للاستخدام فمن المرجح أن تواجه البنوك صعوبات في تقييم طلبات القروض فعلى عكس التمويل التقليدي الذي تركز فيه البنوك بشكل أساسي على تقييم الضمانات المقدمة يتطلب التمويل الإسلامي تقييمًا شاملًا لخطط الأعمال وتوقعات الإيرادات ومهارات رواد الأعمال في إدارة الأعمال .
لكن تعاني البنوك الليبية حاليًا من نقص هذه الخبرة كما يُعد فهم هياكل الحوافز القائمة أمرًا بالغ الأهمية فقد أدى إلغاء أسعار الفائدة عام 2013 إلى إزالة حافز رئيسي للبنوك لإصدار قروض بدون هامش ربح فلماذا تُخاطر بإقراض شركة صغيرة في حين أن تمويل شراء السيارات بدون مخاطر عبر المرابحة للأفراد مربح للغاية؟ على سبيل المثال، يشتري بنك سيارة من تاجر مقابل ١٠٠,٠٠٠ دينار ليبي ويبيعها لعميل مقابل ١٢٥,٠٠٠ دينار ليبي من خلال خطة سداد مع خصم الأقساط الشهرية مباشرةً من راتب العميل الحكومي مما ينتج عنه ربح خالٍ من المخاطر بنسبة ٢٥٪ للبنك ويحظى هذا البرنامج التمويلي بإقبال كبير لأنه الشكل الوحيد للقروض المتاحة للأفراد في ليبيا ببساطة يبيع الكثيرون سياراتهم فورًا بسعر أقل من قيمتها السوقية ليحصلوا على المال نقدًا .
يشير أحدث تقرير صادر عن مصرف ليبيا المركزي حول القطاع المصرفي إلى زيادة في أرباح البنوك بنسبة 145% بين الربع الثالث من عام 2023 والربع الثالث من عام 2024 وبالتالي فإن إقناع البنوك بخوض داخل أسواق جديدة وتطوير خيارات تمويل منخفضة التكلفة للشركات الخاصة والتي تنطوي بطبيعتها على مخاطر وقد لا تحقق ربحية فورية سيشكل تحديًا كبيرًا .
وتابع الموقع بالقول أن التمويل الإسلامي للشركات الخاصة في ليبيا يتطلب جهودًا تعاونية كبيرة من مصرف ليبيا المركزي والبنوك التجارية كما يتطلب دراسة متأنية لأسعار الفائدة الفعلية التي قد تفرضها بعض المنتجات الإسلامية نتيجةً للتكاليف الإدارية الباهظة للبنوك تتمثل إحدى الخطوات الفورية للتغلب على هذه العقبات في الترخيص القانوني لشركات الاستثمار للعمل كوسطاء وتوجيه التمويل من البنوك إلى المشاريع متناهية الصغيرة والمتوسطة فبدون إعطاء الأولوية لهذه القضية على أعلى المستويات والاستفادة من الخبرات الخارجية من غير المرجح تحقيق تقدم ملموس .
أخيرا يُفيد نظام خطابات الاعتماد الليبي الحالي الذي يُتيح الحصول على العملات الأجنبية تجار التجزئة بشكل غير متناسب مقارنةً بالقطاعات ذات القيمة المضافة حيث يُتيح مصرف ليبيا المركزي للشركات الكبيرة التي تستورد السلع إلى السوق الليبية الحصول على العملات الأجنبية بسعر الصرف الرسمي ومع ذلك ونظرًا لطبيعة نظام سعر الصرف غير المستقر تُسعّر العديد من هذه الشركات سلعها بناءً على سعر السوق السوداء وهو أعلى بنحو 30% اعتبارًا من فبراير 2025 هذا يعني أن مصرف ليبيا المركزي يدعم أرباح تجار التجزئة فعليًا من خلال تحكيم سعر الصرف حاليًا ولا تتلقى القطاعات غير قطاع التجزئة أي دعم .
وفي واقع الأمر فإن سياسات البنك المركزي الليبي على الرغم من نواياها تعمل على عكس تنويع الاقتصاد وفقا للموقع .