الفيتوري يكتب: عودة على تغيير سعر صرف الدينار الليبي وآثاره

2٬572

كتب: عطية الفيتوري المحلل الاقتصادي مقالاً

أنا هنا لن أتحدث عن التضخم الذي سببه تخفيض قيمة الدينار في بداية عام 2021 ، ولن أتحدث عن الإنخفاض في القيمة الحقيقية لمرتبات وأجور العاملين ، وإنما سأتحدث عن آثار أخرى لم يراعيها ويأخذها في الإعتبار من قام بتخفيض قيمة الدينار  ب 70% .

هناك آثار متعددة ولكن الآن سيتم تناول اثرين منها فقط هما :

  • الأثر على رؤوس أموال المصارف التجارية الليبية .
  • الأثر على نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.
    أولاً- لأثر على رؤوس أموال المصارف التجارية ،
    نعرف أن كل المصارف الليبية لها أعمال مع المصارف الأجنبية وهي تتعلق بالاعتمادات والضمانات والائتمان..الخ المصارف تقيم بملاءة المصرف من حيث حجم رأسماله وأصوله.. الخ حتي يمكن التعامل معه ، مصارفنا الليبية منخفضة رؤوس الأموال بالمقارنة مع المصارف الاوربية أو غيرها من المصارف الأجنبية. 

وتقييم المصارف وترتيبها من حيث رأسمالها أو إجمالي أصولها يتم غالبا بعملة الدولار، فإذا أخذنا على سبيل المثال مصرف الجمهورية وهو أكبر مصرف محلي في ليبيا،  باستثناء المصرف الليبي الخارجي لأنه  offshore bank , ولو افترضنا أن رأس المال المدفوع هو 140 مليون دينار ، يعني رأسماله بالنسبة للمصارف الأجنبية = 100 مليون دولار حتي يوم 2021.1.2 ، أما يوم 2021.1.3 فإن رأس مال مصرف الجمهورية أصبح  حوالي 31 مليون دولار فقط بسبب تخفيض قيمة الدينار . بالرغم من أن رأسماله بالدينار لم يتغير .

أصبح مصرف الجمهورية برأسمال 31 مليون دولار مصرف قزم قد لا ترغب المصارف الكبيرة في الخارج التعامل معه مثل السابق ، وهكذا بالنسبة للمصارف الليبية الأخرى الأقل منه في رأس المال  .

نتيجة لذلك فإنه على مصرف الجمهورية وغيره من المصارف الليبية زيادة رأسمالها بمعدل لا يقل عن 220% حتى يمكن الرجوع إلى القيمة السابقة لرأس المال اذا أرادت أن تحافظ على وضعها وتعاملها مع البنوك الأجنبية  

ثانياً – الآثر على نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي
يردد محافظ المصرف المركزى دائما ويقول أن الدين العام وصل إلى 250% من الناتج المحلي الإجمالي ،  وقيمة الدين  حوالي 150 مليار دينار ،  وهي أسطوانة حفظها دون أن يدرك أن هناك أمور تغيرت منذ 201.1.3 ، صحيح ربما وصل الدين العام المحلي إلى تلك النسبة عندما كان الدولار يساوي 1.4  دينار ،  ولكن بعد ذلك التاريخ أصبح الدولار يساوى 4.48 دينار ، ونتيجة الارتفاع قيمة الصادرات النفطية بالدينار بسبب تغيير سعر الصرف فهذا أدى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي مقيم بالدينار بأكثر من الضعفين ، وبالتالي فإنه يقدر أن الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 يتجاوز 150 مليار دينار بسبب زيادة مساهمة إيرادات النفط بالدينار .

هذا يعني أن نسبة الدين  العام الآن هي اقل من 100% وليس 250% كما كانت في السابق قبل 2021، هذا أدى إلى خسائر حقيقية  لأصحاب الودائع المصرفية التي مولت هذا  الدين  .

كل ذلك يشير إلى أن الجهاز المصرفي أصبح في وضع ضعيف أمام المصارف الأجنبية ويحتاج إلى دعم من المصرف المركزي حتى يكون قادر على تقديم الخدمات الجيدة للاقتصاد
كما أن ذلك يشير إلى أن تخفيضات قيمة العملة الوطنية استخدمت في غير محلها واضرت بشرائح كثيرة  من المجتمع .

كما أن التوسع في الإنفاق العام سيقود حتماً إلى المزيد من التخفيضات في قيمة الدينار .