“حبارات” يكتب :حول إعتماد سعر صرف خاص لأغراض الميزانية عند احتساب إيرادات النفط

574

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

إحتساب الإيرادات النفطية على سعر 4،48 يشجع الحكومات على التوسع في الإنفاق وإهمال الجباية ويقوض أي مساعي لنمو الإحتياطي العام ورفع قيمة الدينار، لكن يبقى السؤال كيف ؟

من الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الحكومة والمركزي منذ مطلع العام 2021 م هو إحتساب قيمة الإيرادات النفطية وفق للسعر الرسمي لصرف الدينار عند 4.48 لكل دولار بدلاً من إعتماد سعر صرف خاص لهذا الغرض يكون أقل من السعر المذكور .

حيث أدى إحتساب قيمة الإيرادات النفطية عن عامي 2021 و 2022م وفق لسعر 4.48 إلى إرتفاع قيمتها بشكل كبير لتتجاوز عثبة 105 مليار دينار و 130 مليار دينار على التوالي وفق لبيانات المركزي والحكومة ).

ملاحظة يتضمن إنفاق العام 2022 م المقدر ب 130 مليار دينار المبالغ المخصصة للمؤسسة الوطنية للنفط والمقدرة ب 34 مليار دينار ) .

وفي المقابل تزايدت وثيرة الإنفاق العام لتتجاوز حاجز 90 مليار دينار يرافقه إهمال واضح لجباية الإيرادات السيادية من ضرائب وجمارك وفوائض شركات عامة حيث بقت حصيلتها دون 3 مليار دينار فقط .

ولم تبين الحكومة بالدرجة الأولى ولا المركزي إي إجراءات متخذة بشأن فوائض الإيرادات عن العامي 2021 و 2022 م المقدرة ب 18 مليار دينار و 6 مليار دينار على التوالي، بالإضافة إلى قيمة الإيرادات النفطية المجمدة عن العام 2020 م المقدرة ب 17 مليار دينار .

حيث يفترض قانوناً إحالة كل تلك الفوائض إلى حساب الإحتياطي العام وذلك عملاً بأحكام القانون رقم 127 لسنة 1971 م وتعديلاته بشأن تخصيص بعض الموارد لحساب الإحتياطي العام .

فبموجب هدا القانون يتم إستقطاع ما نسبته ‎%‎15 من ايرادات النفط والغاز إلى حساب الإحتياطي العام .

لكن في ظل عدم إعتماد قانون للميزانية العامة ولا حتى آلية لترتيبات مالية خلال العامي 2021 و 2022 م يحدد من خلالهما سقف الإنفاق العام والأوجه والأغراض المخصصة له وآلية تمويل العجز أو التصرف في الفوائض فضلاً عن عدم إعتماد سعر صرف خاص تحتسب على أساسه الإيرادات النفطية وفق ضوابط محددة جعل مسألة تنامي حساب الإحتياطي غير ذي أهمية ، فالحكومة والمركزي لم يشيرا لهذه المسألة نهائياً في بياناتهم الشهرية المعتادة عن الإنفاق العام والإيرادات ، كما إن اليوم جل الليبيين لا يعرفون أي شيء عن حساب الإحتياطي العام لا عن طبيعته ولا عن رصيده رغم مدى أهميته القصوى بالنسبة لهم .

فهذا الحساب ضمان لمستقبل أبناؤهم ومصدر لتنويع دخل بلادهم المعتمد كلياً على النفط .

وللتوضيح أكثر ، بلعت قيمة الايرادات النفطية عن العام 2021 م ما قيمته 23 مليار دولار تقريباً أي ما يعادل 103 مليار دينار وفق سعر الصرف 4.48
وفي العام 2022 م بلغت الايرادات النفطية بما فيها قيمة الضرائب والاتاوات قرابة 27.5 مليار دولار أي ما يعادل 129 مليار دينار وفق السعر المذكور ، وجل هذه الإيرادات لا توجد أي ضوابط تلزم الحكومة بإستقطاع جزء منها لحساب الإحتياطي العام .

وهذا النهج ستسير عليه الحكومة أيضاً حتى خلال هذا العام الذي يتوقع أن تناهز فيه الايرادات النفطية عثبة 30 مليار دولار وذلك وفق الكميات المنتجة يوميا المقدرة ب 1.200 مليون برميل وإستقرار الأسعار عند 75 دولار للبرميل في المتوسط .

لكن إعتماد سعر خاص بموجب قوانين أو قرارات تصدر من قبل الجهات ذات العلاقة يكون أقل من سعر الصرف الحالي يتم على أساسه إحتساب الإيرادات النفطية من شأنه أن يضمن تقيد الحكومة والمركزي وإلتزامهما به عند إعداد مشروع الميزانية العامة وهذا بدوره سيؤدي إلى تنامي حساب الإحتياطي العام .

فلو أفترضنا إن السعر الخاص حدد ب 3.5 دينار للدولار وإن إيرادات النفط لهذا العام تقدر ب 30 مليار دولار وفق للكميات المنتجة وبمعدل 1.200 برميل يومياًً وبسعر 70 دولار .

فإن بيع قيمة النقد الأجنبي ( الإيرادات النفطية ) في شكل إعتمادات مستندية وفي كافة الأغراض على سعر 4.48 تقدر ب 134 مليار دينار أي 30 مليار $ * 4.48 = 134 مليار دينار .

وعند إحتساب قيمة الإيرادات النفطية لأغراض الميزانية عند 3.5 فإن قيمتها تقدر ب 105 مليار دينار أي 30 مليار $ * 3.5= 105 مليار دينار .

وعليه فإن الفرق في قيمة الايرادات النفطية وفق السعر الرسمي 4.48 و السعر 3.5 تقدر تقدر ب 29 مليار دينار أي 134 ~ 105 = 29 مليار دينار ، هذا الفرق يفترض إحالته مباشرةً إلى حساب الإحتياطي العام ، وبالتأكيد تقيد الحكومة وإلتزامها بذلك من شأنه أن يرفع و يسرع من وتيرة نمو الاحتياطي العام الذي يعتبر أداتها ووسيلتها في مواجهة الازمات المالية جراء تقلب أسعار النفط وفي تنويع مصادر دخل البلاد عبر توظيفه في أوجه إستثمارية مختلفة وفي إعادة إعمار ما دمرته الحروب وفي تحسين مستوى معيشة مواطينها عبر الإنفاق على التنمية وفي رفع قيمة عملتها المحلية أمام العملات الأجنبية و في دعم جدارتها الائتمانية ، كما إن الإحتياطي يبقى ضمان لمستقبل الأجيال القادمة .