“أبوسنينة” يكتب: الإيرادات النفطية بين المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي ووزارة المالية

638

كتب الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة”.

سألني بعض المهتمين والمتابعين عن الآلية المتبعة حاليا في التعامل مع الإيرادات النفطية، بين المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي ومصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية، والحسابات التي تقيد فيها ومن يديرها وكيفية التصرف فيها؛ وكان توضيحي، على حد علمي، كما يلي:

طالما أن المؤسسة الوطنية للنفط هي الجهة التي تقوم ببيع النفط الخام ( تصدير النفط ) بموجب حوالات خارجية مباشرة ترد اليها او بموجب اعتمادات مستندية ( اعتمادات تصدير )، لذلك يدفع تمن مبيعات النفط، من قبل الجهات الأجنبية التي تستورد النفط، لصالح المؤسسة الوطنية للنفط.

وباعتبار المصرف الليبي الخارجي هو مصرف المؤسسة لذلك تودع إيرادات النفط في حساباته لدي المصرف المراسل بالخارج، وتبقي إيرادات النفط في هذه الحسابات فترة محدودة لا تتجاوز 48 ساعة، تم يقوم المصرف الليبي الخارجي بتحويل هذه الأموال لحساب المؤسسة الوطنية للنفط الخاص بالإيرادات النفطية لديه، ومن تم يقوم المصرف الليبي الخارجي بتحويل الإيرادات النفطية من حساب المؤسسة الوطنية للنفط إلى حساب مصرف ليبيا المركزي لديه.

وهو عبارة عن حساب وسيط مخصص لإيداع إيرادات النفط، تم يقوم المصرف المركزي بايداع هذه التموال المقومة بالنقد الأجنبي بحساب مقابل لديه، هو حساب الإيرادات النفطية بالمصرف المركزي ب value date، بمعنى أن المصرف المركزي يقيد الإيرادات النفطية في حساب معلق لديه، وهذا الحساب بطبيعته لاتديره وزارة المالية او جهة معينة في الدولة الليبية باعتباره حسابا معلقاً، ويمكن القول أنه حساب الدولة الليبية “باعتبار المصرف المركزي الذى يحتفظ بالحساب هو مصرف الدولة” .

وفي هذه المرحلة، وطالما ظلت الإيرادات النفطية مقيدة في الحساب المعلق لدى مصرف ليبيا المركزى فإنها لا تعتبر ملك لوزارة المالية ولايمكنها المساس بها لانها لم تقيد بعد في حساباتها بالدينار الليبي، و لايتم التصرف فيها ايضاً من قبل المصرف المركزي او تسييلها او صرفها مباشرة “اي تحويلها لدينار ليبي” الا بناءً على قانون ميزانية يصدر عن السلطة التشريعية، او وفقا لترتيبات مالية على النحو المعمول به مند عام 2016 والمتعارف علي.

حيث يقوم المصرف المركزي بناءً على قانون الميزانية او الترتيبات المالية المعتمدة بتحويل الإيرادات النفطية لدينار ليبي، باستخدام سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي وفقا لتواريخ استحقاق ورود الإيرادات النفطية ( value date) وايداع القيمة في حسابات وزارة المالية لديه، يصبح بعدها النقد الأجنبي، الذي تم تسييله بالدينار الليبي، ملكاً لمصرف ليبيا المركزي ، وتصبح الإيرادات النفطية المسيلة للدينار الليبي ملكًا لوزارة المالية.

وحيت أن المصرف المركزي هو مصرف الدولة، وتدير وزارة المالية حساباتها لديه، يتم ايداع الدينار الليبي الذي تتحصل عليه وزارة المالية بالحسابات المخصصة لكل بند من بنود الميزانية ؛ مثلا حساب الباب الأول ( المرتبات ) وحساب الباب الثانى ( التسييري ) وحساب التنمية وحساب الدعم ، … الخ ،

ووفقا للنسب او المبلغ المحددة بقانون الميزانية او الترتيبات المالية، وتجري هذه العملية كلما وردت للمصرف المركزى إيرادات نفطية ، شهر بشهر على امتداد السنة المالية، وتجري مطابقة أرقام إيرادات النفط بين الموسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي ومصرف ليبيا المركزي كل خمسة عشرة يوما على امتداد السنة.

والفائض في الإيرادات النفطية المقومة بالنقد الأجنبي “الزيادة في الايرادات النفطية عن الايرادت النفطية المقدرة في الميزانية” إن وجد ، لا يتم التصرف فيه الا وفقا لتشريع او قانون، حيت ينص قانون الميزانية او الترتيبات المالية على اضافته لاحتياطيات المصرف المركزي بالنقد الأجنبي.

وفي السابق كان يضاف إلى ما يعرف بحساب المجنب، كما تقوم وزارة المالية بايداع إيرادات الميزانية العامة الاخرى المثمتلة في الضرائب والرسوم الجمركية ورسوم تقديم الخدمات العامة وحصيلة بيع المحروقات في السوق المحلي التي توءول للخزانة العامة وغيرها من موارد الميزانية العامة ، بحساب الإيراد العام لدي المصرف المركزي ، ويكون الصرف من حسابات وزارة المالية بناءً على طلب وزارة المالية والاولويات التي تحددها ، بموجب أذونات صرف، عندما تشرع في تنفيد الميزانية.

وعندما يكون هناك عجز في إيرادات النفط ( نتيجة لانخفاض سعره او توقف تصديره ) او عجز في الايرادات المحلية ، عن تقديرات الميزانية ، خلال السنة المالية ، يجوز لمصرف ليبيا المركزي تغطية حسابات وزارة المالية ، بناءً على طلبها وبعد الاتفاق معها ، بموجب سلف مؤقتة لتغطية اي عجز وقتي في إيرادات الميزانية العامة، وفقا لما ورد بالمادة 11 من القانون رقم 1 لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم 42 لسنة 2012، والتي يجب الا تزيد هذه السلف على خمس مجموع الايرادات المقدرة في الميزانية العامة على ان تسدد في نهاية السنة المالية التي قدمت فيها ، مالم تكن الميزانية العامة للدولة قد اقرت اصلا بعجز.

وهنا يقوم المصرف المركزى بتمويل حسابات وزارة المالية في حدود التمويل بالعجز المقرر بموجب قانون الميزانية، بناءً على أذونات صرف تصدرها وزارة المالية، ويعتبر التمويل بالعجز الذي يقوم به المصرف المركزي متمم للإيرادات النفطية والإيرادات المحلية في هذه الحالة، وعندما يتأخر إصدار الميزانية العامة للدولة او الترتيبات المالية ، وفقا المتعارف عليه والمعمول به ، يضطر المصرف المركزي لتمويل حسابات وزارة المالية ، خصوصا المرتبات، والدعم بواقع 12/1 من تقديرات الانفاق على كل بند في السنة المالية السابقة، وفقا لما يقضي به القانون المالي للدولة، وهذا هو المعمول به في الأوضاع العادية.

والجدير بالذكر أنه وفقا لاحكام المادة ( 42 ) من قانون المصارف لايجوز لاية جهة عامة “وحدات ادارية شركات موسسات عامة هيات او مصالح عامة” الاحتفاظ بالنقد الأجنبي الا اذا كان متأتيا من عائد نشاطها ، وفي هذه الحالة عليها الاحتفاظ بالنقد الأجنبي في حسابات طرف المصرف المركزي، او لدى أحد المصارف التجارية الوطنية العاملة داخل ليبيا بعد موافقة المصرف المركزي.