أزمة فيروس كورونا تلقي بظلال ثقيلة على المنطقة الجنوبية

226

من الواضح أن المنطقة الجنوبية تأثرت بشكل أكبر بكثير من المنطقتين الغربية والشرقية من البلاد بسبب الأزمة التي تسبب بها خطر فيروس كورونا خلال هذه الفترة.

على مدار السنوات الماضية، أظهرت منطقة فزان أنها أكثر الأماكن عرضة للتأثر بالأزمات المتلاحقة التي مرت على البلاد، في ظل افتقار المنطقة إلى مقومات اقتصادية تساعدها على مواجهة المشاكل والخروج باضرار أقل أثرًا.

وأدت الحرب على العاصمة طرابلس إلى قطع غالبية الطرق المؤدية إلى الجنوب، إضافة إلى وجود صعوبات ومخاطر عالية للأشخاص الراغبين في اجتياز المنطقة عبر مدن مثل غريان وبني وليد وترهونة.

خلال اليومين الماضيين، ساهمت جهود قبلية ومسؤولين محليين في الإفراج عن شحنة من المعدات الطبية الوقائية ضد فيروس كورونا كانت متجهة إلى الجنوب عندما قامت قوات محلية في غريان بمصادرة الشحنة التي كانت مرسلة عبر وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

مثلت هذه الحادثة واحدة من بين العديد من المشاكل التي تواجه  إيصال المساعدات أو الأشخاص الراغبين في العمل مثل التجار أثناء الذهاب إلى فزان، إضافة إلى التكاليف المالية المرتفعة للنقل لتلك المنطقة في ظل نقص الوقود الحاد وارتفاع أسعاره.

وعلى الرغم من توجه البلديات وأصحاب الأعمال من التجار إلى التواصل مع الحكومة المؤقتة في بنغازى والاعتماد على موانئ المنطقة الشرقية إلا أن تكلفة النقل وطول المسافة تشكل تحديًا كبيراً لهم، إضافة إلى أن احتياجات الجنوب من السلع التموينية والوقود والغاز لاتستطيع الحكومة هناك تأمينها بصورة مستدامة.

الأوضاع كارثية

قال عضو المجلس البلدي بمدينة غات أحمد هيمة إن الأوضاع في منطقة الجنوب الغربي كارثية خاصة مع الظروف التي فرضتها أزمة فيروس كورونا على البلاد.

وأضاف هيمة في مقابلة مع صحيفة صدى الاقتصادية، بأن الأمور ازدات سوءًا حيث كانت المنطقة تمر بأزمة مع استمرار نقص الوقود والغاز، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

إضافة إلى ذلك، تشهد المصارف التجارية في المنطقة نذرة في السيولة النقدية منذ عدة أشهر، مما أضطر السكان هناك إلى الحصول على الأموال بطرق مختلفة لكنها أكثر صعوبة.

وقال عميد بلدية أوباري أحمد ماتاكو إن مصارف المدينة انقطعت عنها السيولة النقدية منذ ثمانية أشهر على الأقل، دون وجود حلول خلال الفترة المقبلة.

وأوضح عميد البلدية في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية بأن الأزمات المتكررة أرهقت الجنوب، حيث أكد أن امدادات الوقود والغاز إضافة إلى السلع التموينية المدعومة لم تعد تصل للمنطقة سواء من العاصمة طرابلس أو من بنغازي حيث مقر الحكومة المؤقتة التي يتبعونها.

محاولات مستمرة

عميد بلدية غات أشار إلى أنهم يحاولون التوصل إلى اتفاق عبر القبائل في سبها ومناطق أخرى مع بلديات مصراتة والمناطق المجاورة لها والتابعة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس لإيجاد طرق امداد جديدة.

ويتوقع أحمد هيمة بأن تساهم هذه الجهود في كسر الحصار المفروض على تدفق السلع التموينية والمحروقات إلى المنطقة لتخفيف وطئ الأزمة على المواطنين.

وكانت المنطقة الجنوبية تعتمد بشكل كبير على مستودعات مدينة مصراتة للحصول على الوقود والغاز، إضافة إلى الاعتماد بشكل كلي على موانئ المنطقة الغربية لجلب البضائع والمنتجات الأخرى.

تحدي الانقسام

على الرغم من الجهود المبذولة من قبل المسؤولين عن البلديات في المنطقة الجنوبية، إلا أن مسألة انقسام البلاد بين حكومتين وبرلمانين في الشرق والغرب شكل تحدي آخر لنجاح مساعي التغيير نحو الأفضل.

وقال مراقب اقتصاد سبها عتيق موسى، إن البلدية ضلت فترة طويلة لم تستقبل سلع تموينية مدعومة من الحكومة المؤقتة بسبب عدم وجود ممثل يتبع وزارة الاقتصاد والتجارة التي مقرها في بنغازى.

وأوضح موسى في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن الانقسام الحاصل في سبها ومدن الجنوب الغربي صعب المأمورية على المسؤولين للعمل من أجل إحداث تغيير إيجابي في المدينة والمنطقة الجنوبية بالكامل.

مراقب اقتصاد سبها يرى بأنه يجب أن تكون هناك نوع من المرونة في التعامل مع حكومة طرابلس وبنغازي للحصول على أكبر فائدة ممكنة للمواطنين في الجنوب والابتعاد عن الاصطفاف والمواجة.

ووفق مراقبين، يمكن أن تحمل الأيام القادمة أخبارًا غير جيدة بالنسبة للسكان في سبها تحديداً مع وجود نية لحكومة الوفاق الوطني بإنشاء مجلس بلدي آخر موالٍ لها، بعد إعلان المجلس البلدي التابع للحكومة المؤقتة تفويض قوات الجيش التابع للبرلمان في طبرق بالسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد.