إبراهيم والي : الإصلاحات التي تُدعم سعر الصرف الجديد للوصول الى سعر الصرف التوازني

540

كتب: الخبير الاقتصادي إبراهيم والي

— السياسة المالية اختصاص وزارة المالية وتأثيرها الزمني طويل لأنها تحتاج إلى صياغة وقوانين وتشريعات وتحتاج إلى آلية وتتطلب في بعض الإجراءات قرار من مجلس النواب.

*– أما السياسة النقدية تأثيرها فوري لماذا؟ لأن مصرف ليبيا المركزي مطلوب منه فقط اجتماع مجلس إدارته بالمحافظ ونائبه واتخاذ قرارات فورية ولا تحتاج هذه القرارات إلى تشريعات واعتماد مجلس النواب، لأن قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 أعطى كل الصلاحيات فى السياسة النقدية إلى مجلس الإدارة والتي تتمثل فى معالجة سعر الصرف والسيولة وطبع الأوراق النقدية ومعالجة ارتفاع الأسعار والتضخم والإشراف على القطاع المصرفي بموجب قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته.ان الوصول إلى سعر الصرف (4.48 دينار للدولار) حسب ما وضعه مصرف ليبيا المركزي , الذى أدى الى ارتفاع الدينار الليبي مقابل الدولار لا يعتبر طمأنة لإصلاح الوضع الاقتصادي في ليبيا حيث أن المصرف المركزي لا يستطيع إصلاح الوضع بالكامل والصحيح أن المصرف المركزي يستطيع أن يقود قاطرة الإصلاح بحسب ما يتحصل عليه من إيرادات النفط لإحداث نوع من التغيير وليس الإصلاح وخاصة عند تحسن إيرادات النفط التي هي المصدر الوحيد التي من خلالها يقوم بتوزيع وبيع الدولار لغرض تخفيض المستوى العام للأسعار نظراً لقياس مستوى الأسعار بالدولار في السوق الموازي .

وبالتالي ليس أمام المصرف المركزي إلا اتخاذ حزمة من الإجراءات بعد تعديل سعر الصرف مباشرة وهو بيع الدولار عن طريق المصارف التجارية وشركات الصرافة المرخص لها من مصرف ليبيا المركزي , وفتح الاعتمادات ومن خلال المبيعات للإفراد عبر الأدوات التي حددها للأسر ولأغراض الدراسة والعلاج , وتفعيل كل الأدوات الأخرى المتوقفة مثل الاستثمار والتنمية والإقراض والعمل على إنشاء وتأسيس المشاريع الصغرى والمتوسطة ودعمها من القطاع المصرفي ,التي تقلل من البطالة وتجلب السيولة للمواطن الليبي وتنعش الاقتصاد وغيرها من أدوات التي كانت متوقفة ولا تعمل وكلنا نعرف الأسباب .والجدير بالذكر قد كتبت في مقالي في سنة 2018 بشأن المبلغ الذى طرحه مصرف ليبيا المركزي البالغ 3)) مليارات خلال الربع الأول من سنة2018 وهي جزء من الموازنة السابقة لسنة 2017 والتي تستهدف تغذية السوق الليبي خلال الربع الأول من تلك السنة وقُلت فيه أن هذا الإصلاح مؤقتا وليس دائما , ولذلك ليس فى مقدور المصرف المركزي إلا أن يطرح الموازنة ولو فصلية لفتح الاعتمادات وبيع الدولار للإفراد للأغراض المختلفة , وعلى المصرف المركزي الموقر أن يستفيد من التجارب السابقة بشأن فتح الاعتمادات التي حصل فيها فساد وتزوير وتهريب , أو قفل باب الاعتمادات لفترة طويلة وتبقى معطلة لسبب أو لآخر أو بسبب خلاف مع وزارة الاقتصاد أو تدخل جهات أخرى إذا حدث هذا سوف ترجع الأمور كما كانت فى السابق انخفاض فى قيمة الدينار وإذا تم فتح الاعتمادات وعرض مستفيض جداً للدولار فى السوق الليبي فجأة وفى وقت واحد بعد عدة شهور تنخفض قيمة الدولار وترتفع قيمة الدينار كما حصل في 18/1/2018 وبالتالي تنخفض الأسعار لأننا نقيس كل شيء بالدولار وهذا هو الاقتصاد والاقتصاد مضاربة وهو مبنى % 100 على واردات ليبيا من النفط .

– التخوف الكبير من المضاربين وبعض التُجار الفاسدين وإقفال أو حرق حقول النفط لرغبتهم الإجرامية في تدهور الدينار الليبي وارتفاع الدولار ليعود كل شيء كما كان فى سنة 2017.

+ ولكي ننجح فى استمرار هذا الحل هو أن يكون مجلس تشريعي واحد، وحكومة واحدة، وجيش واحد، ومصرف مركزي واحد، بهذا الحل السياسي سوف ينفرج الوضع الاقتصادي لأننا لا نستطيع أن نعمل تنمية اقتصادية فى ظل خلاف سياسي مقيت من أجل المناصب ووضع أمنى خطير وهو الركيزة التي تُبنى عليها التنمية والاعمار ودخول الشركات الأجنبية للاستثمار وهو ما يسمى بمناخ الاستثمار الجيد، لمعالجة السيولة والبطالة والتضخم ومراقبة أسعار الصرف وغلاء الأسعار وغيرها من الاختناقات الاقتصادية.

+ وفى هذا الإطار وبعد تعديل سعر الصرف على المجلس الرئاسي أن ينتهز فرصة انخفاض الدولار الآن قبل غدٍ أن يتخذ قراراً شجاعاً لاستبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي واستهداف المواطن مباشرة من خلال حسابه المصرفي لقفل الطريق على المرابين والمهربين للسلع المستوردة وإذا لم يفعل المجلس الرئاسي شيء بهذا الشأن فإن السلع التي سوف تستوردها الدولة سوف تهرب إلى الخارج ولم يستفد المواطن منها شيء وسوف يرجع الوضع الاقتصادي إلى التدهور كما كان من قبل، وهذا قلته في مقالي المنشور في سنة 2018 ولا زلت أكرره الان.

لابدً من إصلاحات مصاحبة لهذا الحل من أهمها : + توفير مقومات الحياة التي تضمن توفير الحاجيات الأساسية للمواطن الكريم (طعام – تعليم- وعلاج – وسكن لائق – وكل ما يخرجه من دائرة الفقر والعوز والتخلف) كما تكمن رفاهية المواطن الليبي من خلال الصرف والإنفاق على الصحة والتعليم والثقافة أما على المستوى الفردي الاهتمام بالمشاريع الصغرى والمتوسطة التي تقلل من البطالة , وتوفير السيولة لدى المواطن وتخفيض القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص الجناح الأساسي لنهضة الوطن.ii.

احترام المواطن لنفسه ولذاته من خلال الاعتماد على نفسه لتلبية متطلبات الحياة وتطوير موارده ومؤسساته من خلال آماله في حياة كريمة وفقا للمعايير الصحية والتعليمية والاجتماعية وبالتالي المادية والثقافية.Iii .

القضاء على الطغيان السلطوي والاستبداد، وخاصة أن ليبيا دولة غنية الموارد وذات موقع استراتيجي وموروث ثقافي وحضاري ولكنها للأسف الشديد فقيرة بفعل الفساد الإداري وعدم الشفافية واختلال آليات السوق وغياب تطبيق القوانين الصارمة ,في ظل عدم وجود قضاء وأجهزة قضائية تحميها شرطة قضائية قوية تمكنها من تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضد المجرمين والخارجين على القانون , بالإضافة إلى تحالف رأس المال غير المنتج والفاسد مع غاسلي الأموال ومهربي أموال الشعب إلى الخارج , وعليه أن حرية المواطن بدون حل هذه التشوهات لا تستطيع الدولة فرض العدل والمساواة وتوفيرهما للمواطن بحيث يكون لديه الإحساس بالقدرة على التغيير عن ذاته وآرائه وحقه في الاختيار.vi.

كنت قد كتبت فى منشور سابق في سنة 2018 على المصرف المركزي أن يعلن بسعر صرف عال أولاً قبل تخفيض سعر صرف الدولار بمبلغ 4.48 ويبدأ بسعر 6 دينار للدولار بحيث كل المهربين وتجار العملة ورجال الأعمال المحتفظين بمبالغ كبيرة من الدينار الليبي سوف يقومون بتوريدها للمصارف وبذلك يتم شراء كل الأرصدة الموجودة طرفهم والتي تصل إلى 80% من السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفي في ذلك الوقت.

+ إذا بدأ المصرف المركزي بتعديل سعر الصرف بسعر عالي وهو 6 دينار من المؤكد أن مبلغ 12 مليار دولار بسعر 6 دينار التي سيطرحها المصرف المركزي ستُرجع أكثر من 72 مليار دينار فى ميزانية الدولة بفائض 30 مليار دينار تستطيع الحكومة بها مواجهة صرف علاوة العائلة وزيادة المرتبات في ذلك الوقت.

+إلا أن تخوف المواطن الليبي بمجرد الإعلان على زيادة المرتبات وعلاوة العائلة سوف يرفع التُجار أسعار السلع الاستهلاكية وبهذا العمل لا يستفيد المواطن من هذه الزيادات وعليه أن دور الحكومة الرقابي بشأن مراقبة الأسعار وضبطها من خلال أجهزتها الرقابية وبهذا الإجراء نصل تدريجيا إلى السعر العادل المتوازي وهو 3 دينار للدولار في ذلك الوقت..vii.

بعد هذه المرحلة سوف نشهد ارتفاعا فى قيمة الدينار الليبي وانخفاضا فى قيمة الدولار حتي ينخفض إلى السعر العادل التوازني وهو 3 دينار ليبي ولذلك سوف لن نجد إشكالية فى إعداد الميزانية العامة البالغة أكثرمن 42 مليار دينار ليبي وسوف لن يكون هناك عجز فى هذه الميزانية حتى ولو تم رصد علاوة العائلة بمبلغ 100دينار لكل فرد من الأسرة بل حتى وإن تم رفع الحد الأدنى للمرتبات.ix.

من الممكن والمؤكد وليس من المستحيل أننا سوف نصل إلى سعر صرف الدولار السابق وهو 1.28دينار للدولار عندما تتوفر شروط مناخ الاستثمار الثلاثة المعروفة:

– 1- استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.

2- وجود قوانين ولوائح ثابتة وواضحة المعالم تحدد للمستثمر ماله وما عليه. 3- وجود ضمانات فعالة وممنوحة لحماية المستثمر في حالة تعرضه لمخاطر.

*وفى حالة توافر العناصر الثلاثة لمناخ الاستثمار وهى (المعاملة – والحماية والضمان) سوف نحقق اقتصاد السوق وتحرير التجارة وتشجيع الاستثمار وتقليص الاعتماد على النفط والغاز في إيرادات الخزينة ، وإصلاح الرواتب والأجور، إضافة إلى إتباع الإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن تعمل عليه حكومة ليبيا الموحدة لدفع القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني والوصول إلى معدلات نمو مستدامة والاستمرار في تطوير القطاع المصرفي وأسواق الأوراق المالية لتطوير بيئة الأعمال والأداء الحكومي وتفعيل دور القطاع الخاص أهم جناحي التنمية والاستثمار فى ليبيا والتخلص من سيطرة القطاع العام وما يرتبط به من ظواهر اقتصادية سلبية من بيروقراطية وانعدام الحوافز الإنتاجية وتدنى الإنتاج وارتفاع التكاليف وغيرها من الظواهر السلبية للقطاع العام الجناح الأول والقطاع الخاص الجناح الثاني للتنمية والاستثمار في ليبيا , بتحقيق هذه الأهداف سوف نصل بإذن الله تعالى إلى سعر الصرف العادل والمتوازي السابق وهو 1.28 دينار للدولار الواحد..

 الخلاصة والرأي عند اجتماع مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بمحافظ ونائبه1-. عدم وضع قيود وإجراءات على الاعتمادات المستندية واتخاذ قرارات لتغطيتها النقدية للحفاظ على السيولة وذلك عن طريق إيداع مبالغ نقدية في المصارف أو تحويلها بموجب صكوك من طرف فاتح الاعتماد المستندي.2.

جميع الاعتمادات يجب أن تتم عن طريق المصارف التجارية ويمنع إجراءُها عن طريق المصرف المركزي (لأن المصرف المركزي مهمته إشراف ورقابة فقط) .3.

السماح للمصارف التجارية ببيع وشراء العملة الأجنبية عند السعر المعلن والحد من شركات الصرافة الغير قانونية.46. مصرف ليبيا المركزي هو الوحيد المختص بتحصيل جميع الإيرادات والمتحصلات من النقد الأجنبي.

4. التأكيد على أن جميع أغراض العملة تكون من خلال المصارف التجارية والتي تمكنها من السيطرة على السوق الليبي على أن تقوم ببيع جزء إلى مكاتب الصرافة المرخصة حيث أنها تشتغل بعد الدوام الرسمي للمصارف التجارية طيلة اليوم وحتى فى الليل.

5. يلتزم مصرف ليبيا المركزي بتوفير النقد الأجنبي لمتطلبات الحكومة والمصارف التجارية فقط على أن تتولى المصارف التجارية البيع للأفراد والمؤسسات وشركات الصرافة المرخصة.

6. يقوم مصرف ليبيا المركزي من خلال لجنة فنية متخصصة (Professional comity) لتكون أساس هذا العمل بالاستهداف والمراقبة الدائمة لسعر صرف العملة الخاص والمعلن وتذبذباته خلال الفترة.

7 . تحديد مؤشر السعر اليومي limitation Mark Cheng Rate ) ) من خلال لجنة فنية مختصة تكون اجتماعاتها يوميا لتحديد سعر الصرف اليومي .

8. تحديد السعر الهدف (target price) باعتباره السعر الرسمي التوازني , وبناء منظومة الإصلاحات المكملة .

9. أهم شيء هو وجود ثلاثة لجان فنية متخصصة تديرها كفاءات مصرفية مميزة وهى:-*لجنة السيولة — لجنة السعر المعلن – لجنة البحوث المختصة بالتضخم وغير ذلك من السياسات النقدية..

10- مجموعة اللجان الفنية المذكور أعلاه هي التي تقوم بتسيير مصرف ليبيا المركزي وليس المحافظ , حيث أن للمحافظ أهداف عُليا يقوم بمراقبتها والتحكم فى مؤشراتها من أهمها العمل على تخفيض البطالة , واستقرار سعر صرف العملة , والسيطرة على المستوى العام للأسعار مثل سعر الصرف والتضخم والسيولة هذه المؤشرات أو الأهداف العليا تكون محل مراقبة ومتابعة من المحافظ من خلال اللجان الفنية بالتنسيق والتعاون مع جميع مؤسسات الدولة , كما يجب تحت هذه الظروف الصعبة والاستثنائية أن يكون مجلس الإدارة في حالة انعقاد دائم للخروج من هذه الأزمة النقدية.