الترهوني: هناك ضرورة لإعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة الاستثمار والإبقاء على تجميد الأصول هو لحمايتها

404

قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي “عبد الله الترهوني” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية إن تجميد أصول المؤسسة الليبية للاستثمار قد أثر بشكل كبير على نشاط المؤسسة وأذرعها الاستثمارية الخمسة، وإن لم يطال هذا التجميد فوائد أو عوائد هذه الأصول ولكن في الوقت نفسه فإن التجميد في حد ذاته يُعد سبباً واحداً من بين عديد الأسباب التي أدت إلى انحدار سُمعة وقيمة أصول المؤسسة الليبية للاستثمار، وتبقى الطريقة الصحيحة لإدارة هذه الأصول هي المعضلة الكبرى بل وأم المشاكل كلها. 

وأضاف الترهوني قائلاً: “بدون أدنى شك كانت فكرة إنشاء محفظة طويلة الأجل والشركة الليبية للاستثمارات الخارجية (لافيكو) فكرتين رائعتين ، كما أن تبعية الاستثمارات النفطية (أويل انفست) للمؤسسة الوطنية للنفط  قبل 2006 كانت فكرة سديدة ايضاً، وان عودتها إلى حضن الأم بعد أن يتم تقييمها قد صارت ضرورة فالنزيف فيها لم يتوقف ولسنوات طوال، وفي المقابل فإنني لا أتفق بالمطلق مع فكرة إنشاء محفظة  ليبيا افريقيا للاستثمار، والتي تزاول نفس نشاطات الأجسام الثلاثة التي سبق ذكرها ، بالإضافة إلى البعد السياسي لها والذي هو أكبر بكثير من بعدها الاقتصادي ، وأرى أن تتم إعادة تقييم أصولها ، ثم انصهار مساهماتها واستثماراتها الناجحة في الأجسام الثلاثة سالفة الذكر أيضاً، في حين أن الصندوق الليبي للتنمية والاستثمار الداخلي هو جسم لازال في المهد وأرى أن يتم ضمه لصندوق الإنماء ، فمكانه ضمن شركات الإنماء هو أكثر واقعية من تبعيته لصندوق سيادي من المفترض به أن يدير أصولا ليبية مشتركة بالخارج .

وأكد إن المخاطر الناجمة عن الاقتصاد الريعي، وتكدس الأموال (العامة) دون إدارتها بشكل صحيح وفق معايير الحوكمة وضمن نظرة الغنيمة (رزق حكومة وربي يدومه) هو جوهر المشكلة في ليبيا عموماً وفي المؤسسة الليبية للاستثمار خصوصاً، وهو الذي جعل أيضاً كل من هب ودب يرى أن العمل بالمؤسسة أو أحد أذرعها أو حتى الاكتفاء بعضوية مجالس الإدارة في إحدى الشركات أو المساهمات بالخارج هو حق مكتسب ، وبالمختصر فإن هذا الحق المكتسب يأتي بطريقتين :- الأولى وهي الأقصر والأوضح وتأتي عن طريق فرض أشخاص من أعلى سلطة في الدولة أو حتى من النافذين في الدولة وتنزل تدريجياً إلى أن تأخذ طريقها للتنفيذ عن طريق رئيس مجلس إدارة المؤسسة أو مديرها التنفيذي. 

وأوضح “الترهوني” أن مجلس إدارة  المؤسسة الحالي يُعد الأسوأ في تاريخ المؤسسة رغم قصر عمرها الزمني، حيث أنه وبحسب وجهة نظري فإنه من الضرورة أن تتم محاسبة مجلس الأمناء الذي لم يحافظ على الأمانة وأتى بهذا المجلس الجهوي البائس قبل نحو عامين من الآن والذي بدوره فاقم من جراح المؤسسة وزاد من خسائرها بدل أن يديرها بطريقة صحيحة ويحافظ عليها، “ولا أريد الخوض في طريقة اختيار اعضاء مجلس الادارة الحاليين فهي معروفة لدى الجميع، كما لا أرغب في الخوض في تفاصيل من هم الآن على رؤؤس المساهمات الليبية بالخارج ، ولا احبذ الخوض في العضويات فتلك قصة وأي قصة قبل أن تكون صداعا لمن عرفها أو لمن وصل إلى شئ من حقائقها ، أما الطريقة الثانية فهي الفرض بالقوة (وان كانت نادرة) وهي محكومة بمقر او مكان نشاط المؤسسة ، وفي رأيي الخاص فإن نقل الادارات الرئيسية للمؤسسة الى الخارج وبالاخص الى مقرها في مالطا سيحل بعض المشاكل”.

وتابع قائلاً : أعتقد أن الحلول (المؤقتة ) لهذه المؤسسة المهمة تكمن  في حصر الأصول وتبويبها وتوثيقها من قبل الدولة الليبية في سجلات رسمية ، ثم يتلو ذلك حل مشكلة إداراتها والتي هي تشريعية في المقام الأول ، فمجلس الإدارة من المفترض ان يكون موسعا وأن يعمل وفق شروط الحوكمة، وان ينشر نتائج أعماله بانتظام ، وان لا تكون الادارة التنفيذية مكون من مكونات مجلس الادارة ، وكل هذا يحتاج لتعديلات جوهرية، وبالمناسبة فإن عرضي هذا لا يمثل الا حلاً واحداً ومؤقتاً بين مجموعة من الحلول التي طرحها ويطرحها المختصون في داخل المؤسسة وخارجها على حد سواء، وفي مقابل ذلك فإنني أرى ضرورة قصوى في أن لا يتم منح أي ميزات او علاوات او مكآفآت لأعضاء مجالس الادارات او من في حكمهم إلا بعد إنجازهم لكافة الاعمال المكلفون بها ووفق تقارير إنجاز رسمية تعرض على مجلس الامناء ليقوم بفحصها ودراستها ويقرر مدى استحقاق هذا العضو المنتدب من عدمها ، ومدى أحقيته في الاستمرار كعضو مجلس إدارة او مندوب (اي كان مسماه) ، وبالتالي فسوف لن نجد احد يفكر في عضوية مجلس ادارة او لجنة لانه يعلم ان مكافئته او حتى بقاءه مرهون بكفائته وجديته في إنجاز عمله، وأن عضويته ليست 3 او 4 سنوات كما جرت العادة بل هي مؤقتة وقابلة للإسقاط في أي لحظة.

وأفاد “الترهوني” أنه بحسب ما تمخض عنه الاجتماع الاول لمجلس الامناء للعام 2019 فانه من المرجح ان يُعقد الاجتماع الثاني قبل نهاية مارس الجاري ، والذي أتمنى ان يدلي فيه الجميع برأيه وان لا يقتصر فيه القرار على شخص أو شخصين فقط (وهذا ما شهدناه في الاجتماع الأول) ولا اريد أن أسبق الأحداث وأن أحكم على الاجتماع الثاني قبل عقده ، ولكن ما يدفعني للكلام في مقامي هذا هو أنه ومنذ عقد أول اجتماع لمجلس الأمناء برئاسة السراج في 2017 وحتى آخر اجتماع في 2019 لم نرَ إلا تخبط ومحسوبية وجهوية فجة في كل اجتماع ، وأن هذه العقلية (سواء في مجلس الأمناء او في مجلس الادارة) لن تأتي بحلول على الإطلاق ، فالكل متمترس خلف موقعه ومتمسك به لحصد أكبر مكاسب في أطول فترة ممكنة”.

كما أضاف أنه لو ثمة من يقدر الأمور حقاً قدرها،  ويمتلك القرار لأدرك أن المؤسسة واذرعها الخمسة مجتمعة أمام خيارين لا ثالث لهما:- إما إدارة الصندوق السيادي الليبي بحسب الأعراف المتعارف عليها دولياً في إدارة الصناديق السيادية ، ما يعني بالضرورة أن تكون نسبة 80-85% من إجمالي الاستثمارات في صورة سندات وعقارات فقط ، وال 15% في شكل نشاط خدمات أيا كان نوعها ، وهذا أيضاً يعني تقليص جيش الموظفين بالداخل والخارج وبالأخص الذين فرضوا فرضاً في السنوات الأخيرة وتقليص اعضاء مجالس الادارات الى الحد الادنى ووفق شروط صارمة، ويتم هذا بالتوازي مع تصفية الأصول والاستثمارات غير المجدية وبالأخص محفظة ليبيا أفريقيا وانصهار استثماراتها ومساهماتها في الاستثمارات المشابهة لها في باقي أذرع المؤسسة ، او أننا أمام خيار أصعب ويحتاج لقرار استراتيجي وهو إلغاء المؤسسة والإبقاء على اللافيكو ومحفظة طويلة الأجل فقط وعودة شركة الاستثمارات النفطية (أويل انفست) إلى مؤسسة النفط وضم شركة أويل ليبيا لها ، وأيلولة الصندوق الليبي إلى صندوق الإنماء ، وفي كل الاحوال فإن الابقاء على التجميد الحالي لاصول المؤسسة ومساهماتها هو اسلم الحلول واهون الاضرار للمحافظة على ماتبقى من اصولها في ظل الفوضى الحالية وتخبط مجلس الامناء ، وفي الوقت ذاته فإن ماعرضته هي حلول ضمن سيناريو او اثنين فقط ، وفي الوقت ذاته فانه هناك وجهات نظر مختلفة وحلول أخرى ضمن سيناريوهات مختلفة .

واختتم” الترهوني” حديثه بالقول أنه يأمل أن يكون الاجتماع القادم لمجلس الامناء مهني وتسوده الروح الوطنية التي تُغلب مصالح المجتمع على المصالح الضيقة، وان يفضي هذا الاجتماع إلى تشكيل مجلس إدارة أكبر من الحالي تقوده خبرات وأسماء وطنية لامعة في الاستثمار بعيداً عن المحاصصة وجمع المغانم والمكاسب، و ان تتم مشورة لجنة الاقتصاد والاستثمارات بمجلس النواب  وأخذ رأيها ، وأخذ رأي أي شخصية مشهود لها بالمعرفة الجيدة بالاستثمارات بشرط أن تكون نظيفة اليد.