الترهوني يكتب عن “حقيقة المؤشرات الدولية”

316

كتب: د. عبد الله ونيس الترهوني

 

كلنا نقرأ ونسمع يومياً عبر وسائل الإعلام والتوجيه عبارات مثل: (خبر حصري، ومن المصدر، وبحسب تقارير عالمية، وبحسب نشرة صادرة عن، ووفقاً لإحصائية حديثة منشورة) .. إلخ من هذه المفردات.

وهذا الكمّ الموجه يمكن حسب وجهة نظري تقسيمه إلى ثلاثة أنواع :-

1- أخبار (معلومات) مؤكدة؛ وهي التي تنقل من مركز الحدث أو مكان الخبر وتتم عبر أكثر من وسيلة في نفس الوقت، وهي عفوية وبالتالي ستكون صادقة ومؤكدة، كما أن بعض المراكز وبالأخص الجامعية منها هي مصادر موثوقة وصحيحة.

2- معلومات صادرة عن الشركات وبالأخص الخاصة منها، وهي أقل مصداقية من النوع الأول، والسبب في ذلك أن الشركات تسعى إلى الربحية، وقد تخفي معلومات هامة أو أنها تقوم بتحريف (بعض) البيانات لغرض دفع ضرر أو جني مزيد من المكاسب.

3- معلومات صادرة عن الجهات الحكومية والشركات متعددة الحنسيات ومراكز الأبحاث المربوطة بطريقة أو بأخرى بمراكز صنع القرار ودوائر الاستخبارات، وهي معلومات على الأرجح صحيحة ولكنها بحاجة لقراءتها أكثر من مرة وبتمعن، حيث أنها تهدف لتوجيه الجميع نحو نقطة أو اتجاه معين بطريقة غير معلنة.

 

وأنا وعلى مدار أشهر قد استعنت بمصادر وطنية (أشخاص)، والذين أتواصل بشكل مباشر معهم، وساعدتني أراؤهم ووجهات نظرهم في صياغة بعض المقالات بصورة أفضل، وفيما يخص قطاع النفط الليبي فلا يمكن أن نكتب حرفاً فيه دون المرور أو أخذ رأي فطاحلة القطاع، والذين لا يزالون على قيد الحياة، منهم الأستاذ عبدالله البدري ومحمد طاهر بن يوسف والقائمة تطول، أمدهم الله جميعاً بالصحة وطول العمر.

كنت دائماً أشير إلى الدكتور محمد سالم الشحاتي (المجبري) والذي استفدت منه كثيراً من خلال ما ينشره عبر صفحته والتي تعتبر وبدون أدنى شك أحد أهم المراجع العلمية في صناعة النفط الليبية، حيث تتناول وبتوسع وإسهاب حقائق عن ماهية وتاريخ النفط الليبي، وفي الأثناء قام الدكتور محمد بنشر منشور عن الغرض غير المعلن للمؤشرات النفطية، والتي تصب بكل تأكيد في اتجاه النقطة الثالثة (أعلاه) ، ،

يأتي كلام الدكتور محمد ساعات بعد نشر منظمة أوبك مقالها الافتتاحي لشهر فبراير اختصرته لكم في الآتي :-

استقراء الغرض غير المعلن من إحصائيات المؤشرات النفطية.

هناك ثلاث منظمات دولية رائدة تنشر الإحصائيات النفطية شهريا؛ هي منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية ووكالة معلومات الطاقة الأمريكية، كما أن هناك منظمات وشركات مستقلة تقوم بنفس العمل مثل شركات وود ماكينزي وآي إتش إس وإيكونوميست وغيرها ولكن نتائجها يؤخذ بها أقل اهتماما.

ومن باب التعريف بهذه الأجسام الثلاثة، فإن منظمة أوبك وهي منظمة تشمل المصدرين الأساسيين للنفط من الدول النامية، أما وكالة الطاقة الدولية فهي منظمة تشمل المستهلكين الأساسيين للطاقة من الدول الصناعية، ووكالة معلومات الطاقة الأمريكية هي منظمة حكومية أمريكية ولكنها تعتبر مصدرا أساسيا للمعلومات عن الطاقة في المستوى الدولي كونها تصدر تقريرا أسبوعيا عن حالة المخزونات النفطية في الولايات المتحدة، وهو مؤشر هام تتحرك وفقا له الأسعار نزولاً وصعوداً، وهي منظمات حكومية، وبهذا نستنتج أن لكل منها هدف سياسي معين يعكس مصلحة أعضائها.

 

التقرير الشهري الذي يصدر عن هذه المنظمات يعتبر الأهم بالنسبة للسوق، ولابد من الإشارة إلى أن وكالة الطاقة الدولية كانت هي السباقة لنشر هذا التقرير في منتصف الثمانينات، وهي التي حفزت بقية المنظمات على نشر الإحصائيات، حيث كانت هي الوحيدة التي توجه حركة الأسعار، وسارعت بعدها هذه المنظمات لنشر تقاريرها والتي أصبحت مطلوبة بشدة من قبل وكالات الإعلام العالمية.

بعد مراجعة الأرقام لشهر فبراير أقول لكم والكلام للدكتور محمد أن الغرض المعلن لكل وكالة هو:

بالنسبة لأوبك؛ فهناك رسالة للأعضاء بأن يخفضوا الإنتاج في 2019، وإلا فإنهم سيواجهون أسعارا منخفضة، ورسالة للعالم أن هناك تخطيطا من قبل الأعضاء لمعدل التخفيض، ولابد أن يكون الرقم هنا مقنعا لأنه لو كان أقل من المتوقع “لمسايرة الأعضاء غير الراغبين في تقليص الإنتاج” سيسبب ذلك ضغوطا تنازلية على السعر، أما إذا كان مرتفعا “لمسايرة الأعضاء الراغبين في قطع الإنتاج فأنه سيسبب ضغوطا تصاعدية على السعر”.

أما فيما يخص تفرير وكالة الطاقة الدولية فهي تلمح أن 31.6 مليون برميل يوميا سيكون كافيا لتحقيق التوازن، طبعا هذا غير منطقي وفقا للحقائق الموجودة في السوق اليوم، ولكن الوكالة تطرح هذا الرقم لتحمل أوبك المسئولية عن أي ارتفاع كبير في الأسعار نتيجة شحّ المعروض، وأخيراً فيما يخص وكالة معلومات الطاقة الأمريكية فهي وللغرابة أقرب إلى موقف أوبك، وترى أن الاستمرار بنفس معدلات إنتاج سنة 2018 أي عند 31.6 مليون برميل يوميا سوف يسبب “لا توازن” في السوق وسيقود إلى انخفاض سعر النفط وهو ما سيقود أيضا إلى تأثر منتجي النفط الصخري في أمريكا.