“الحاسي” يكشف لصدى المصادر التي تم الاعتماد عليها في اصدار الصالون الاقتصادي لاصلاح ملف الدعم … و يفصح عن آثاره الحالية

421

قال رئيس مجلس إدارة شركة بيت الخبرة للخدمات و الاستشارات المالية و عضو بالصالون الاقتصادي الليبي “عبد الله الحاسي” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية حول مقترح الصالون الاقتصادي لاصلاح الدعم أن القيم المنفقة على الدعم تعتبر من من أكبر التحديات للاقتصاد الليبي خاصة في الوقت الحالي في ظل توقف انتاج النفط وازدياد نفقات الحرب والفساد والنهب المشتري في القطاعات الحكومية.

و أضاف بالقول أن الدولة تنفق ما يفوق 6 مليار دينار سنوياً على الدعم يصرف منها 50% على دعم المحروقات والذي جله يهرب خارج البلاد.

و تابع بالقول: حيث يتم توجيه معظم الوقود المهرَّب برّاً إلى تونس بكميات صغيرة من الوقود (حيث سعر الوقود في السوق التونسي 0.75 دولاراً أمريكياً تقريبا) أو بلدان أخرى، ويتم بيع بعضها الآخر بأسعار السوق الموازي بدلاً من الأسعار المدعومة خاصة في المناطق الجنوبية والغربية ، كما يتم تهريبه بحرا بكميات أكبر إلى دول مثل مالطا وإيطاليا.

و تابع “الحاسي” قائلاً: يتحصل المهربين على هذه الكميات بطرق ملتوية منها انشاء محطات وهمية واستخدام النفوذ في الحصول على الكميات فعلى سبيل المثال وجدت اللجنة المكلفة من المؤسسة الوطنية للنفط للتحقق من محطات الوقود أن هناك 87 محطّة مسجّلة تتلقى شحنات وقود في حين أنّها غير عاملة و كما أصدر النائب العام لائحة بأسماء مجموعة من مالكي محطات الوقود للتحقيق في مسائل التهريب في 2019.

و كشف بأن تهريب الوقود كلف الدولة مليارات الدولارات حيث وردت ليبيا في سنة 2017 حوالي 3 مليارات للوقود والمحروقات وكانت قيمة الدعم للعام ذاته وصلت إلى 4.2 مليار دينار تم تهريب منه ما نسبته 30‎%‎ ولم تتلقَّ الدولة سوى 15 في المائة من الدخل المتوقع طبقا لتقرير ديوان المحاسبة، 2017 .

و أفاد إن هذا النوع من الأعمال يوفّر بيئة خصبة للشبكات الإجرامية وللفاسدين من موظفي القطاع العام و رجال الأعمال والنخب السياسية لمواصلة أنشطتهم مسخرين الإمكانيات المحلية والوطنية ومحافظين على ديمومتها وتحمل هذه النفقات الضائعة على المواطن البسيط الذي يسعي لتوفير حياة كريمة.

و كشف أن المستفيد الرئيسي من إيقاف هذا السرطان الجاثم على الاقتصاد الليبي (والمسمى الدعم) هو المواطن, لعدة أسباب تتمثل في ايقاف هذا الدعم سيوفر ما يقدر بستة مليار دينار سنويا يمكن أن تضخ في الاقتصاد الوطني أو تستبدل للمواطن بشكل مباشر أو غير مباشر, خاصة و أن كمية هذه القيم جلها يستفيد منه المهربين والشبكات الاجرامية وتهرب هذه المبالغ خارج البلاد و لا يستفيد منها المواطن.

و إن القيم المقترحة للوقود تعتبر الأسعار التي يدفع فيها المواطن الليبي (بإستثناء الشرق) للحصول على هذه المحروقات من السوق الموازية خاصة في الجنوب وجل المناطق الغربية ، مضيفاً أن الاقتراحات المنشورة من الصالون تشير إلى عدة خطوات يجب اتخاذها لبناء جسور الثقة بين المواطن والحكومة شاملة إمكانية استبدال قيمة الدعم على المحروقات (غير الديزل المستخدم بشكل كبير في الصناعة) وتوفير القيم للمواطن سواء بشكل نقدي مباشر او عن طريق بطاقات ذكية.

و تابع “الحاسي” بالقول: الغاء الدعم سيوفر مبالغ بالعملة الصعبة تمكن المصرف المركزي والحكومة من دفع علاوة العائلة ومخصصات ارباب الاسر ويمكن لبناء جسور الثقة أن يشترط البدء في دفع مستحقات ارباب الأسر وعلاوة العائلة تزامناً مع رفع الدعم.

و أفاد بالقول: من المتوقع أن يؤثر رفع الدعم في انخفاض أسعار الصرف في السوق الموازي لما يوفره من عملة صعبة (إن لم يسئ استخدامها) والتي ستساهم في وضع افضل للمواطن ، و إن الشبكات الاجرامية المترزقة على الدعم بشكل عام أفسدت في البنية المجتمعية والقيم الوطنية وذلك بتشجيع المواطنين للانخراط في عمليات النقل والتخزين والتهريب الغير مشروع وبذلك تؤثر في القيم المجتمعية التي تنعكس على المواطن وابناءه مستقبلاً, فبدلاً من خلق بيئة تحفيزية للأجيال القادمة أساسها الابتكار و الإبداع والتطور يمكن أن نساهم في خلق بيئة إجرامية تحول الأراضي الليبية إلى منطقة عبور للجريمة بين أفريقيا وأوروبا, فمن دون تجفيف مصادر الارتزاق لهذه الجماعات ستستمر الأعمال الإجرامية وتتوسع.

و قال “عبد الله الحاسي”: نتفهم انعكاسات سياسة رفع الدعم على المواطن في المدى القصير ومخاوفه من ارتفاع الأسعار على السلع والمنتجات والخدمات, لكن إيجابيات رفع الدعم أكبر بكثير من سلبياته وستساهم هذه السياسة بشكل كبير في بناء الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل وتوفر قيم مالية يمكن ضخها لدعم التنوع الاقتصادي مع مراعاة ضرورة التوزيع العادل لهذه المشاريع التنموية على المناطق والمدن ليشعر المواطن بالأمان وتعزز بناء الثقة بينه وبين الدولة.

و أفاد بالقول: إن هذه المقترحات الصادرة من الصالون غير ملزمة للدولة, حيث أن الصالون هو مؤسسة مجتمع مدني ليس لها علاقة باتخاذ القرار ويقتصر دورها على التوصيات وتقديم المقترحات لمتخذ القرار, بل أن هذه المقترحات الهدف الأساسي منها هو المساهمة فيخلق اثراء حوار مجتمعي جاد يشارك فيه المواطن والدولة والقطاع الخاص لمعالجة ملف الدعم الذي يستنزف قوت الليبيين وتستفيد منه دول الجوار والجماعات الاجرامية.

وكشف “الحاسي” عن المصادر التي تم الاستعانة بها في ملف توصيات الدعم وتتمثل في تقارير قطبي ديوان المحاسبة ، و تقارير هيئة الرقابة الإدارية بفرعيها الشرق و الغرب ، و منشورات مصرف ليبيا المركزي ، و تجارب بعض الدول.