“الشكري” يوضح ما يجب أن يكون بخصوص الديْن العام والرسم أو الضريبة

1٬404

كتب: الخبير المصرفي “محمد الشكري” المنتخب من مجلس النواب في ديسمبر 2017 كمحافظ للمصرف المركزي

الدين العام والرسم ( الضريبة ) وتوضيح لابد منه ،،،

أذكر أنه في زمن الألفينات قام أمين اللجنة الشعبية للمالية بشعبية بنغازي ( الشيخي ) وآخرون بصرف صكوك بما يزيد عن 700 مليون دينار بالتجاوز على حساب اللجنة في مصرف ليبيا المركزي في ذلك الوقت و قد تم التحقيق مع الرجل وحكم عليه ب 13 عاماً سجناً تقريباً. أما المبلغ فلازال ديناً على وزارة المالية ومعلقاً في دفاتر المركزي وأعتقد أنه مازال قابعاً كذلك إلى يوم الناس هذا.

اليوم تم صرف مبالغ من الحكومتين بدون وجود موارد مالية كافية للصرف منها وقيدت المبالغ كدين عام عليهما بالمصرفين ( أخذاً في الاعتبار أن ترتيب الدين العام له ضوابطه وشروطه التي يحددها القانون ).

في كل الأحوال هو دين داخلي أهون كثيراً من الدين الخارجي الذي كان سيكلف الدولة الدين بالعملة الأجنبية مضافاً إليه فوائد ومصاريف خدمة الدين. وقد بينت تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية حجم الفساد الذي شاب مصروفات الدولة والتي قيدت كدين عام.

إن ما ينادي به البعض اليوم – بحسن نية أو بدونها – من ضرورة إطفاء الدين العام يستدعي ملاحظة ما يلي:

إنه لا يمكن إطفاء هذا الدين قبل مراجعته من خبرات محاسبية ومالية وقانونية نزيهة وكفؤة وفرزه وتصنيفه إلى مصروفات /يمكن قبولها والإقرار بها كالمرتبات ومصاريف إدارة المرافق العامة – جامعات ومستشفيات على سبيل المثال – والجزء الثاني مصروفات / يمكن القبول بها وفقاً لمعايير المرحلة والتي يتفق عليها، أما الجزء الأخير فهي مصاريف / وهمية أو مبالغ فيها أو لا يمكن تبريرها، وهذه يجب أن يتم إخضاعها ثانية للتحقق والتأكد، ومن ثم تحال إلى الجهة التشريعية لاتخاذ ما يراه مناسباً حيالها من إجراءات، بما فيها إحالتها إلى السلطات القضائية المختصة.

يتم تحديد الرقم النهائي بعد استرداد ما يمكن استرداده مما صرف منه بدون وجه حق، حينها يمكن للحكومة بالاتفاق مع البنك المركزي مطالبة الجهة التشريعية بتقنين هذا الدين باستصدار تشريع يحدد استراتيجية إطفاء هذا الدين، إما بتخصيص 5% من إجمالي مبيعات النفط السنوية ولعدة سنوات أو بإعادة تقييم الأصول الأجنبية لمصرف ليبيا المركزي كما حددها قانون المصارف لسنة 2005.

أما الرسم على مبيعات العملة الأجنبية والذي يقدر ب53 مليار دينار هو في الواقع ضريبة دفعها التجار وتحملها الليبيون عن ما قاموا باستيراده وانعكست في الزيادة المشطة في أسعار السلع المستوردة بالسوق. ولأول مرة في في تاريخ ليبيا يمكن للمواطن الليبي – كما في الدول المتحضرة – أن يقف رافعاً رأسه ويقو ل I am a tax payer ( أنا دافع ضريبة ) وبالتالي استحق نوعية حياة جيدة.

من حق الليبيين أن يطالبوا بأن تنعكس هذه المبالغ / الضريبة المحصلة/ الرسم إيجاباً بالإنفاق لتحسين نوعية الحياة في التعليم والصحة والإسكان والمرافق العامة.

فلننتبه من أن تستخدم هذه الضريبة التي دفعها الشعب الليبي في مجمله على شكل رسم، أن تستخدم كمكبات لردم مخلفات الفساد بحجة إطفاء الدين العام … إنها كلمة حق أُرِيدَ بها باطل.