“الصلح” يكتب عن استجابة الحكومة للصدمات الخارجية ودور السياسة الاقتصادية

132

كتب: الخبير الاقتصادي د. علي الصلح

ليس عن أهداف السياسة الاقتصادية أتحدث هنا .. الأمر هنا يتعلق بعرض بعض الخيارات التى قد تستخدمها الحكومة في الاستجابة للصدمات الخارجية، حيث أن الصدمات الخارجية تتطلب استجابة اقتصادية من الحكومة وذلك لسببين رئيسييْن:

السبب الأول: هو أن الحركة المعاكسة للصدمات الخارجية والبيئة الدولية تولد مشاكل في جانب ميزان المدفوعات، وعندها يحدد المصرف المركزي القيمة الرسمية للعملة المحلية المصدرة، فإن انخفاض أسعار النفط هو انخفاض العوائد التى تحصل عليها الدولة وبالتالي يؤدي ذلك إلى استنزاف الاحتياطيات النقدية الأجنبية الموجودة لدى المصرف المركزي، وطالما الاحتياطيات النقدية الأجنبية محدودة فإن الأمر يتطلب مواجهة هذا الموقف بسياسة اقتصادية مناسبة، وحتى عند هذا السعر المقيد بضريبة (رسم العملات الأجنبية) فإن أثر الصدمات الخارجية المعاكسة سوف تولد انخفاضاً كبيراً غير متوقع على العملة المحلية.

السبب الثاني: تولد الصدمات الخارجية آثاراً لا يمكن تجنبها على النشاط الاقتصادي المحلي. أي أن خفض الطلب على الصادرات سوف يترتب عنه انخفاضا في الدخل والعمالة في قطاع جميع القطاعات وأهمها الصادرات وهذا الخفض يؤدي إلى نقص الطلب على منتجات الصناعات الغذائية التى تخدم السوق المحلي من خلال النفقات الاستهلاكية، وفي ذات الوقت نجد أن الآثار غير المباشرة للسياسات المقيدة لمواجهة العجز في ميزان المدفوعات وعجز الموازنة تعتبر ذات أثر سيئ على الاقتصاد الليبي في مواجهة الأزمة العالمية.

ويمكن للحكومة السيطرة على هذه المشاكل من خلال ثلاثة مستويات من الاختيار، كما يجب تحديد أولاً كيف يمكن أن تواجه المشاكل من خلال التمويل أو التكيف يمكن عرضها فيما يلي:

إذا تم اختيار منهج التمويل وذلك يعني من خلال الاقتراض لتسوية ومواجهة انخفاض عوائد الصادرات، أو زيادة أسعار الواردات مع التركيز على النوع الذي يمكن أن يستهدف منها (الورادات)، وبالتالي التركيز على زيادة الطلب الكلي( النفقات العامة).

أم إذا تم اختيار منهج التكييف فإن على الحكومة أن تقرر إلى أى مدى يتم الاعتماد على استمرار النفقات العامة أو تحويل الإنفاق أي خفض الطلب العام والخاص أو محاولة تحويل الطلب من السلع الأجنبية إلى السلع المنتجة محلياً.

والمستوى الأخير يمكن اتباع منهج تحويل النفقات العامة أما بوساطة تثبيت قيمة الدينار الليبي أو الالتجاء إلى أدوات السياسة التجارية، أي زيادة سعر الصرف الخارجي، أو باستخدام حصص الواردات، أي استخدام سياسة الحد من بعض الواردات.

وكنتيجة … إن استجابة الحكومة باستخدام السياسة الاقتصادية يجب أن يتم في حالة الصدمات المعاكسة وكذلك إذا تحققت صدمات مواتية، ولاشك أن استجابة السياسة الاقتصادية تتوقف على وجود الاحتياطي النقدي الأجنبي، والعمل بمتطلبات كل مرحلة حتى تستقر المؤشرات الاقتصادية.