“الصلح” يكتب : الوضع الاقتصادي وتطبيق القانون ( معايير الثقة)

275

كتب الخبير الاقتصادي الدكتور ” علي الصلح”

من أهم الأسباب التي أدت إلى نجاح بريطانيا خلال أعوام الثورة الصناعية يرجع إلى تمتع نظامها القانوني بالثقة الكاملة. ويناقض ذلك انتقاضا شديداً ماحدث في العديد من أجزاء أوروبا عندما كانت الحروب والمنازعات سبباً في إثارة الشكوك حول حقوق الملكية إلى الحد الذي جعل الشك يتسرب إلى ملاك الأراضي حول إذا ما كان لديهم كامل الحق في ملكيتهم لتلك الأملاك ولم يتمكنوا من الاعتماد على الدولة في مساندتهم إن كانوا على خطأ.

وقد ينطبق ذلك على ليبيا حيث لا يقوم الاقتصاد بوظائفه على أكمل وجه دون الاحتكام إلى معايير رسمية محددة وفقاً للقانون على الصعيد المحلي وحول العالم.

ويمكننا القول إننا بحاجة إلى حكومات تلتزم بتنفيذ القانون وتضع معايير التى يجب أن يتبعها المواطنون، كذلك فإن الناس بحاجة لضمان معرفة أن مايملكونه لن يكون عرضة للمصادرة التعسفية وأن جرائم الغش والسرقة لن تمر هكذا بدون عقاب.

كما أن الأنظمة القائمة تعتمد اعتماداً كاملاً على الثقة فعندما يوافق المصرف المركزي على إقراض النقود لجهة ما فيكون ذلك بناء على حكم المصرف المركزي وثقتهُ في مقدرة هذا الجهة على رد الأموال من عدمه، وبمثل ذلك فإن الدولة لديها المقدرة على إدارة حجم كبير من الدين بشرط ضمان عدم تخلف الدولة عن إيفاء دينها في المستقبل.

فالخلاصة هنا؛ في توافر الثقة المتبادلة بين الجانب الذي يقوم بإجراء الصفقة والجانب الآخر بل يجب أن يكون هناك ثقة في البناء الإطاري لهذه الصفقة، وهكذا فإن الدور الرئيسي الذي تقوم به الحكومة لايقتصر على توفير الرعاية الاجتماعية أو تحديد معدلات الفائدة أو إعادة توزيع الثروات فقط، ولكن دور الحكومة الرئيسي هو وضع نظام عادل ومستقر للملكية ومختلف الحقوق القانونية الأخرى يتم من خلاله محاسبة هؤلاء الذين يقومون باختراق القوانين.