“الفيتوري”: لابد من العدالة فى تحديد دخول العاملين فى الدولة

220

كتب الخبير الاقتصادي “عطية الفيتوري”

أن هناك ظاهرة اقتصادية واجتماعية سيئة ظهرت فى الاقتصاد الليبي عندما أراد النظام السابق البدء فى الإصلاح الاقتصادي، بفتح الاقتصاد لنشاط القطاع الخاص الوطنى والأجنبي مع بداية هذا القرن.

فقد سمح للقطاع المصرفي والشركات العامة بفتح مجال الشراكة مع الاستثمار الأجنبي، حيث عندها دخلت بعض المصارف الأجنبية للعمل فى الاقتصاد وشراكة بعض المصارف والشركات المحلية.

هذه المصارف والشركات الأجنبية التى كان لها سلطة اتخاذ القرار في من يعمل معها من العاملين، جلبت مسؤولين أجانب مرتباتهم علية جدا أضعاف نظرائهم الليبيين، ثم بدأت هذه المؤسسات الأجنبية فى جذب بعض العاملين الليبيين للعمل معها وترك العمل فى مؤسساتهم المحلية واغرائهم بمرتبات تزيد عن الضعف أو الضعفين مايتقاضونه فئ وظائفهم الحالية.

أدى ذلك إلى الاتجاه نحو تصحيح هذه الفروق الشاسعة فى المرتبات وقامت بعض الجهات برفع مرتبات العاملين بها مثل الجهاز المصرفى والشركات النفطية وغيرها، كما لحقت الدولة بركب رفع المرتبات بشكل محتشم وبسيط مقارنة بما حدث فى الجهات الأخرى.

الشي الذى لا يدركه بعض المسؤولين ان مستوى المرتبات يجب أن يتناسب مع مستوى تكاليف المعيشة فى البلد دون النظر إلى البلدان الأخرى، فمثلا فى بريطانيا أو ألمانيا تكاليف معيشة الفرد قد تصل إلى إضعاف تكاليف معيشة الفرد فى ليبيا وبنفس المستوى ، ولكن نلاحظ عندما يأتى مسؤول أو موظف أو مهندس أجنبي إلى ليبيا يعطي نفس مرتبه فى بلده وأكثر، فى حين أن تكاليف معيشته فى ليبيا عند نفس مستواها في بلده لا تشكل سوى اقل من 50% مما يدفعه فى بلده، أنظر كم كان يدفع من إيجارات، أسعار البنزين، أسعار الكهرباء، الحلاقة، فنجان القهوة، أسعار المواد الغذائية ، ضرائب الدخل، ضرائب القيمة المضافة ……الخ تلك البلدان ضرائبها عالية جدا سواء ضرائب الدخل أو الضرائب المتعلقة والنشاطات المختلفة ومن الصعب جدا التهرب من الدفع، كم ندفع نحن من تلك الضرائب وكم يدفع الأجنبي من هذه الضرائب في ليبيا !.

التباين أصبح كبير وواضح فى هيكلية مرتبات العاملين فى الدولة وفى القطاع العام، وتصبح هناك أشخاص دخولهم تتجاوز عشرة الآف، وخمسة عشر ألف، وعشرين ألف، وأكثر من ذلك، فى حين غالبية العاملين فى ليبيا لا يزيد مرتب الواحد منهم عن الف دينار وأقل من ذلك.

المشكلة أن هناك أشخاص لديهم نفس الخبرة ونفس المؤهل العلمي ونفس طبيعة العمل، ولكن مرتباتهم متباينة بشكل كبير بالرغم من أنهم يعملون فى جهات ممولة من الدولة.

هذا الخلل الكبير أدى إلى إحباط نفوس عدد كبير من العاملين يجب تصحيحه، لأن البطالة المقنعة موجودة فى كل مؤسسات الدولة وليس فى مؤسسات معينة بذاتها.

لابد من العدالة فى تحديد دخول العاملين فى الدولة، والتباين يجب أن يكون مرجعه الكفاءة والإنتاجية التى تعتمد بشكل كبير على الخبرة والمؤهل وليس على المؤسسة التى يعمل بها.