“الفيتوري” يتساءل: من هي الجهة المسؤولة التي يمكنها التوصية بتغيير سعر صرف.. هل هو المصرف المركزي منفردا؟

321

كتب الخبير الاقتصادي “عطية الفيتوري”.

يجب أن نعرف أن تغيير سعر الصرف هو أداة للسياسة التجارية وليس للسياسة النقدية، والسياسة التجارية هدفها إعادة التوازن بين صادرات وإيردات البلد من السلع، أي تخليص الميزان التجاري من العجز، وبالتالي فإن هذه السياسة لها ثلاث أدوات لتحقيق هذا الهدف هي :

سعر صرف العملة، الرسوم الجمركية، القيود الكمية “رخص الاستيراد والتصدير” ، وكما نعلم فإن تغيير سعر صرف العملة هو تحت سلطة المصرف المركزي، بينما تغيير الرسوم الجمركية هو تحت سلطة وزارة المالية، اما فرض القيود الكمية على الواردات أو الصادرات فهي تحت سلطة وزارة الاقتصاد.

تغيير سعر الصرف يؤثر فى النشاط الاقتصادى بالكامل، يعني يؤثر فى الإنتاج والصادرات والواردات والاستثمار وتدفقات رؤوس الأموال والأجور والأرباح والإيرادات العامة والانفاق العام وتكاليف وأسعار الإنتاج وتقييم الأصول……الخ.

إذاً هناك عدة جهات لابد لها من أن تتدخل فى مسألة تغيير سعر الصرف وتحدد التأثيرات المحتملة، لأي تغيير، وهي تحديدا وزارة الاقتصاد ووزارة المالية والمصرف المركزي، وزارة الاقتصاد موكول لها الإشراف على تنظيم التجارة الخارجية ومن اختصاصها استخدام هذه الأدوات للتأثير فى الصادرات الواردات ودعم الإنتاج الوطني.

وزارة المالية تتأثر بتغير سعر الصرف لأنه يؤثر فى الإيرادات العامة والمصروفات العامة، كما يؤثر في تقييم أصولها المقومة بالعملات الأجنبية، والمصرف المركزى يعلم أن تغيير سعر الصرف يؤثر فى قيمة أصوله الأجنبية كما يؤثر في تدفقات الأموال وفي معدل التضخم وعرض النقود.

وعليه فإن تغيير سعر الصرف هو شأن يهم هذه الجهات الثلاث مجتمعة، بالرغم من أنه كما ذكرنا هو تحت سلطة المصرف المركزى، وفي كثير من الدول تتفق هذه الجهات الثلاث على تشكيل لجنة فنية مشتركة من الخبراء المتخصصين فى السياسات الثلاث النقدية والمالية والتجارية، وبالتالي تنظر هذه اللجنة في القضايا التى تعيق النمو والتنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتقوم بتنسيق أدوات هذه السياسات بما فيها تغيير سعر صرف العملة الوطنية.

لا يوجد فى ليبيا تنسيق بين هذه الجهات الثلاث فيما يتعلق بتغيير سعر الصرف وتأثيراته الإيجابية والسلبية علي النشاط الاقتصادي والإجراءات المصاحبة له والتي علي الحكومة اتخاذها لتخفيض التأثيرات السلبية بسبب التغيير، وعلى ذلك يكون تغيير سعر الصرف ضمن خطة شاملة تؤكد على آثاره الإيجابية وتقلل من آثاره السلبية على الاقتصاد.

الآن في ليبيا لا توجد سياسة تجارية تطبقها وزارة الاقتصاد بحيث تستخدم هذه الأدوات المذكورة للتأثير فى الإنتاج الوطني و في تنميةالصادرات من غير النفط الخام وفي مسألة احلال الواردات، كما أن وزارة المالية لا يهمها سوى زيادة الإيرادات العامة لزيادة الإنفاق العام الاستهلاكي، ولا اهتمام لها بزيادة الإنفاق الاستثمارى العام أو الخاص، بالرغم وجود الأدوات المتاحة لها لتحفز الاستثمار وزيادة النمو الاقتصادي.

اما المصرف المركزى فلديه من الأدوات غير تغيير سعر الصرف مايمكنه من التأثير فى الائتمان المصرفي والإستثمار وخفض معدل التضخم وتحقيق استقرار الاقتصاد، ومع ذلك كله نجد أن كل من هذه المؤسسات تعمل بصورة منفردة دون أى تنسيق بينها، ودون استخدام أدوات السياسات المتاحة لها ، وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن فيه من وضع واقتصادي متدهور للأسف الشديد.