بعد تعذر تسوية ودائع ليبيا المركزي لدى بنك سوريا المركزي .. الكبير يهدد باستيفاء القيمة من حصة الخزانة في أرباح المركزي وبومطاري يرد

2٬043

وجه محافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس “الصديق الكبير” كتاباً لوزير المالية “فرج بو مطاري” حول تسوية وديعتي مصرف ليبيا المركزي لدى مصرف سوريا المركزي والبالغ قيمتها ( 200 ) مليون دولار .

وأفاد “الكبير” خلال كتابه  بأن الوديعتين البالغ قيمة كل واحدة منهما مائة مليون دولار قد أبرم بشأنها عقد وديعة بين المصرفين المركزيين في ليبيا وسوريا سنة 1981 ، على أن تستحقا في سنة 1985  حيث منذ تاريخ أول استحقاق دأب مصرف ليبيا المركزي على مطالبة مصرف سوريا المركزي بتسوية الوديعتين وفوائدهما ، ولم تسفر المطالبات عن أي نتيجة 21 بسنة 200‪8  أبرمت مذكرة تفاهم بين ليبيا وسوريا وقعها وزيرا مالية ليبيا وسوريا واعتمدتهما اللجنة الشعبية العامة بتاريخ 10 سبتمبر لسنة 2009  ، وتنص المذكرة على :

إعفاء الجانب السوري من إجمالي الفوائد المستحقة على الوديعتين و تحويل أصل الوديعتين إلى حساب بإسم اللجنة الشعبية للمالية لدى مصرف سوريا المركزي ثم استعمالهما في استثمارات مشتركة في سوريا، بالإضافة إلى أن يتم إجراء التسويات المالية اللازمة للمبالغ المسددة من الدين المستحق على الطرف الثاني ( سوريا ) بين مصرف ليبيا المركزي والجهات المختصة في ليبيا بحسب ( المادة 10 – فقرة ب ) .

وتضمنت الرسالة أنه عندما  كان مصرف ليبيا المركزي ليس طرفاً في مذكرة التفاهم ، وأن تلك المذكرة انتهت إلى ” تصفية ” الوديعتين ، بنقلهما إلى حساب لدى مصرف سوريا المركزي باسم وزارة المالية الليبية ، مما يعني أن مصرف سوريا المركزي قد سدد أصول الوديعتين لوزارة المالية الليبية ، خاصةً وأن مذكرة التفاهم قد نصت على ” إجراء التسويات للمبالغ المسددة من الدين المستحق على الطرف السوري ( أي الوديعتين ) بين مصرف ليبيا المركزي والجهات المختصة اي وزارة المالية الليبية .

وقد وافق مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي في اجتماعه بتاريخ 2008 / 05 / 11 ، على ما جاء في مذكرة التفاهم وبشرط أن يسدد مبلغ الوديعتين الى مصرف ليبيا المركزي بإحدى الطرق الثلاثة والمتمثلة في : تخويل المصرف مسبقاً بخصم ما يعادل أصل الوديعيتن من حساب جاري الخزانة . ب ) أو من حصتها في أرباح المصرف ج ) أو أن نقرر اللجنة الشعبية العامة ( مجلس الوزراء ) مخصصاً لسداد هذا المبلغ ، وذلك مقابل تنازل مصرف ليبيا المركزي عن الفوائد المحتسبة على الوديعتين من سنة 1981 ، إلى سنة 2008 ، والبالغة في سنة 2008 مبلغ 350 مليون دولار ) .

و تضمن الكتاب أيضاً قيام مصرف ليبيا المركزي  بمطالبة  كل من اللجنة الشعبية العامة ، وأمانة المالية ( وزارة المالية ، باتمام التسوية المذكورة بالإضافة إلى أن ماجاء  في بعض ردود وزارة المالية من أن مذكرة التفاهم لم تنفذ إلى الآن ( خطاب مدير إدارة المؤسسات الحالية والتعاون الدولي المؤرخ في 26 يونيو 201‪9   أو  أن الجانب السوري لم يسدد قيمة الوديعتين بعد خطاب الكاتب العام للجنة الشعبية العامة بتاريخ 2009 / 1 / 12 ) كل ذلك لا يحول دون حق مصرف ليبيا المركزي في استرداد أصل الوديعتين اللتين تشكلان جزءاً من أصوله ، وبقيتا معلقتين في حساباته ، واللتين انتقلنا إلى حساب باسم وزارة المالية الليبية لدى المصرف المركزي السوري.

وختم “الكبير” كتابه بمطالبة وزارة المالية  اتخاذ الإجراءات اللازمة للإيفاء بحقوق مصرف ليبيا المركزي حتي يتسنى للمصرف تسوية الموضوع ، وإلا فإنه سيلجأ إلى تطبيق ما ورد في قرار مجلس الإدارة من استيفاء مبلغ الوديعتين من حصة الخزانة في أرباح مصرف ليبيا المركزي .

وفي ذات السياق قام  وزير المالية “فرج بومطاري” إصدار   كتاباً للرد على محافظ  مصرف ليبيا المركزي ” عبر فيه عن استغرابه وتهديد ” الكبير” للمالية  باللجوء إلى استيفاء قيمة الوديعتين والمبرم بشأنهما عقد وديعة بين المصرفين المركزيين ليبيا – سوريا سنة 1981 م ، على أن تستحقا في  سنة 1985 م ، من حصة الخزانة العامة في  أرباح مصرف ليبيا  المركزي دون أي سند أو مبرر قانوني يخولكم للقيام بمثل هذا العمل.

وتضمن البيان :

فضلاً عن عدم قيام “الصديق الكبير” بأدنى درجات العناية المهنية للمطالبة بسداد قيمة الوديعتين والمبرم  والفوائد المستحقة عنهما منذ أكثر من  34 عاماً  وحيث أن كل من أموال مصرف ليبيا المركزي وأموال الخزانة العامة تعد أموالاً عامة من واجب الجميع الحفاظ عليها – خلافاً للتقسيم الوارد بصدر كتابكم المشار إليه آنفاً فإن وزارة المالية عكفت على دراسة الأبعاد القانونية والمالية لما جاء بكتابكم سالف الذكر ورأت أن من واجبها المهني والوطني توضيح النقاط الآتية  :

إن الوديعتين المشار إليهم بكتاب محافظ مصرف ليبيا المركزي تم تقديمهما من الجانب السوري بموجب عقدي وديعة إبراما بين مصرف ليبيا المركزي ويمثله محافظ مصرف ليبيا المركزي، ومصرف سوريا المركزي، الأول بتاريخ 14 فبراير   بسنة 198‪1 بمبلغ 100‪  مليون دولار، والآخر ب30 إبريل سنة 198‪1 بمبلغ 100‪ مليون دولار  علماً بأن الشروط المنظمة لعقدي الوديعة لم يتضمن الضمانات الكافية لاسترجاع قيمة الوديعتين والفوائد المستحقة عليهما ، وهذا بسبب قصور ضبط أحكام العقدين يقع ضمن مسؤلية مصرف ليبيا المركزي الذي يمثل الطرف الأول بالعقدين.

بالإضافة إلى أنه جرت العديد من المناقشات لذات الموضوع على مستوى اللجنة الشعبية العامة ( سابقاً ) والتي كان يحضرها بشكل منتظم  محافظ مصرف ليبيا المركزي والذي كان جزء من القرار المتخذ في ذلك الوقت ، بشأن ضرورة العمل على ترجيع ما يمكن إرجاعه من قيمة الوديعتين لقناعة المسولين الليبيين حينها ومنهم المحافظ بأن هذا الدين أصبح من الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها ، و  نتيجة لذلك جاءت مذكرة التفاهم بين البلدين ” ليبيا – سوريا، بتاريخ 21 أغسطس بسنة 200‪8  ، ونصت المادة ( 12 ) من مذكرة التفاهم ” أن أحكام مذكرة التفاهم تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من تاريخ اعتمادها من اللجنة الشعبية العامة ( سابقاً ) ومجلس الوزراء بالجمهورية السورية وحيث أن هذا الشرط لم يتحقق لعدم قيام مجلس الوزراء بالجمهورية السورية بالاعتماد مما يجعل من مذكرة التفاهم والعدم سواء ولا تنتج أي أثر قانوني رغم اعتمادها من طرف واحد ( اللجنة الشعبية العامة سابقاً ) و  بهذا كان على مصرف ليبيا المركزي القيام بواجبه المهني والوطني ومطالبة البنك المركزي السوري بسداد أصل الدين ( الوديعتين ) والفوائد المستحقة عليها وفقا لشروط عقدي الوديعة.

وتضمن الكتاب أيضاً أن  إن الدين السوري يعد من الديون المتعثرة كون أن الجانب السوري لم يسدد أي قسط  من الأقساط المستحقة أو الفوائد منذ عام 1985 م ، ( تاريخ الاستحقاق )  لذا فإن مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي في اجتماعه المنعقد بتاريخ 11 مايو 2008 م والذي ناقش تحت البند التاسع من جدول الأعمال ( مايستجد من أعمال ) مذكرة التفاهم وجد ضالته بهذه المذكرة وأقر موافقته على ما جاء فيها باعتبارها تمثل فرصة جيدة لتحصيل دين متعثر أو مشكوك في تحصيله.

كذلك  كما هو متعارف عليه فإن تسوية الديون المتعثرة تخضع لجولات من المفاوضات بين طرفي الدين، وقد يقوم الدائن بتقديم تنازلات في سبيل الحصول على أكبر قدر من أصل الدين المتعثر – كما يقبل الدائن بتحصيل الدين في شكل عيني ( سلع استثمارات وغيرها ) خاصة في ظل غياب الضمانات الكافية لتحصيل الدين والتي من المفترض تضمينها ضمن بنود العقد لذلك لا بأس من قيام مصرف ليبيا المركزي بتكرار المحاولة في تحصيل قيمة الوديعتين بالسبل والوسائل التي تكفل الحفاظ على حقوق الدولة الليبية باعتباره طرف أصيل بعقدي الوديعة  وتحصيلهما يعد من مسؤوليات المصرف القانونية والوطنية أيضاً.

وفي هذا الصدد فإن وزارة المالية على أتم الإستعداد لتقديم الدعم الفني من خلال الإدارة من المختصين العاملين بالوزارة إلى مصرف ليبيا المركزي في الوصول إلى تسوية مرضية تكفل  الحفاظ على حقوق الدولة الليبية فيما يتعلق بموضوع الوديعتين والفوائد المستحقة عنهما بإعتبار أن الوزارة لديها باع طويل في مجال إدارة القروض وتمتلك من الخبرات والكفاءات القادرة على تقديم الدعم الفني اللازم للمصرف .

يتولى مصرف ليبيا المركزي إدارة العديد من قروض الخزانة العامة الممنوحة لعدد من الدول بموجب اتفاقيات قروض أشرف على إعدادها ووضع ضوابطها مصرف ليبيا المركزي والتي تفوق في مجملها مبلغ 2 مليار دولار أمريكي وحتى تاريخه لم يتمكن المصرف من إسترجاع أصل الدين فضلاً عن الفوائد التراكمية المستحقة ومن المفيد التذكير بأن اللجنة الشعبية العامة للمالية سابقا وإيزاء المصرف في إسترجاع تلك الديون تولت المالية دراسة وتدقيق الإتفاقيات الخاصة بالقروض المبرمة من قبل وتبين لها بالدليل بأن صياغة تلك الإتفاقيات والشروط المنظمة لها تتسم بالضعف ولا تتكفل بقدر عالي للدولة الليبية استرجاع ديونها ، ومع ذلك لم تستثمر وزارة المالية حينها نتائج هذه الدراسة ولم تلوح بالتهديد بإستيفاء أموالها من أموال المصرف الذي يعد سبباً رئيسياً من عدم التحصيل كونه من يدير تلك القروض لأن وزارة المالية تنظر للأمر بشكل شمولي ، فما تملكه وزارة المالية وما يملكه مصرف ليبيا المركزي جميعها أموال عامة تمثل حقوق الشعب الليبي وما مؤسسات الدولة إلا أدوات مؤتمنة على إدارته .

وقد إنتهجت وزارة المالية سياسات مرنة مستخدمة العلاقات الدبلوماسية مع الدول المدينة وإجراء إتفاقيات إعادة جدولة لتلك الديون والفوائد المستحقة عليها وإن هذه السياسة سجلت نجاحاً في تحصيل بعض الديون التي كانت متعثرة.

إن إستمرار فشل المصرف المركزي في تحصيل تلك القروض الممنوحة للعديد من الدول يحتم على وزارة المالية البحث عن طرق يمكنها من خلالها استيفاء حقوق الخزانة العامة واداء الأمانة التي أؤتمنت عليها شرعاً وقانوناً .

وختم” بو مطاري ” خطابه قائلاً : نأمل ابتعاد محافظ مصرف ليبيا المركزي عن اسلوب تصدير المشاكل في التعامل مع قضايا الدولة و أن تعمل وزارة المالية والمركزي سويا ًعلى مستوى مؤسسات الدولة مؤتمنة قانوناً للدفاع عن حقوقه و الحفاظ على مقدرات البلاد، من خلال الحوار والنقاش، العلمي الهادف للمساهمة في تحقيق بناء ليبيا بالجميع بدلاً من التصرفات و القرارات أحادية الجانب التي تنتج نتائج عكسية على مختلف المستويات الاقتصادية، الإدارية القانونية.