جمعة القماطي: تصعيد عنيف وخطير في الحرب قد يؤدى إلى تعطيل الإمدادات من ليبيا وارتفاع أسعار النفط

452

كتب جمعة القماطي الأكاديمي والسياسي الليبي ” أن المعركة على ثروة ليبيا النفطية من المقرر أن تكثف”  وجاء ذلك في مقال نشر له في صحيفة ( Middle east eye) الأربعاء .

حيث قال ” القماطي ”  بصفته رئيس حزب التغيير وعضو في عملية الحوار السياسي الليبي ” أن هذا التصعيد الحالي في العنف قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقًا على السيطرة على موارد البلاد النفطية لأن هذا الصراع بين الجماعات المتنافسة في ليبيا و التي ابتليت بها البلاد منذ سقوط نظام القذافي في عام 2011 ، لا يظهر أي علامات على انتهاء الأزمة قريبًا ولكن بدلاً من ذلك اشتدت حدة الهجوم الذي يشنه “حفتر ” على العاصمة طرابلس منذ 4 أبريل الماضي.

وأضاف :

” أن الانقسامات في ليبيا تسيطر على السلطة والثروة في بلد تستمد فيه الثروة حصريًا تقريبًا من عائدات النفط. مع استمرار الهجوم على طرابلس ، وأنه من المحتمل أن يصبح مصدر الدخل هذا جزءًا أساسيًا منه”

فاحتياطيات ليبيا من النفط قدرت بنحو 48 مليار برميل وهى الأكبر في قارة أفريقيا والبلد التاسعة على مستوى دول العالم في هذا المجال ، كما تقدر احتياطيات النفط الصخري القابلة للاسترداد تقنيًا بـ 26 مليار برميل و تشكل صادرات النفط والغاز حوالي 90٪ من إيرادات ليبيا ، وأي تعطيل كبير يعني انخفاض حاد في الدخل.

و أن ليبيا تتمتع باقتصاد ريعي نموذجي تكون فيه الدولة هي صاحب العمل الرئيسي ، حيث تقدم الرواتب لنحو 1.8 مليون شخص أي ما يقرب من ثلث إجمالي السكان .

ويجذب سوق النفط والغاز المربح في البلاد منافسة عالمية شرسة ، لا سيما بين شركات الوقود الأحفوري الدولية، كما أنه يجعل السيطرة على هذا المورد الطبيعي الهائل دافعًا رئيسيًا للنزاع بين الجماعات الليبية حيث يتنافس الكثيرون للحصول على حصة من الفوائد.

لكن هل سيؤدي التصعيد الحالي في العنف إلى صراع أوسع حول السيطرة على موارد النفط الليبية؟

يقول ” القماطي ” أنها منافسة شرسة وفي السابق حاولت مجموعات مختلفة استخدام منشآت النفط كورقة مساومة ورافعة مالية لتحقيق مكاسب مالية وسياسية وتم إغلاق الموانئ الرئيسية في منطقة الهلال النفطي شرق ليبيا من قبل ميليشيا محلية بين عامي 2013 و 2016 ، وفي عام 2014 انخفضت صادرات النفط إلى أقل من 200.000 برميل يوميًا من حوالي 1.6 مليون برميل يوميًا قبل الانتفاضة.

وفي عام 2016 سيطر “حفتر” على المنشآت والحقول في شرق ليبيا ولا سيما في منطقة الهلال النفطي ، ثم مدد سيطرته لاحقًا على المنشآت في الجنوب ، حيث أخذ حقلي الشرارة والفيل و لا تزال حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في طرابلس تسيطر على المنشآت البحرية الأخرى.

ومع ذلك ، لا تزال إيرادات صادرات النفط تتدفق إلى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس وحاولت المؤسسة الوطنية للنفط التي تهيمن على قطاع النفط في البلاد ، الابتعاد عن النزاعات السياسية وبقاء كمؤسسة محايدة مما زاد من تعقيدات ديناميات الصراع في ليبيا ، وأدى إلى أنشأ الحكومة الشرقية غير المعترف بها والمتحالفة مع حفتر مؤسسة نفطية موازية في بنغازي والتى حاولت مراراً بيع النفط الليبي من السوق الأجنبية ، وقد تمت إعاقة هذه المحاولات بقرار من مجلس الأمن بمنع تصدير النفط الخام غير المشروع.

 حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أن ” حفتر ” يعمل الآن على عسكرة المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي وبدأ في استخدام موانئ النفط والحقول الجوية في أنشطة الحرب ، وفي أعقاب هذه الخطوة أصدرت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس بياناً أدانت فيه استخدام مرافقها للأغراض العسكرية حيث تم الاستيلاء على مهبط الطائرات في حقل السدرة ورسو السفن الحربية في محطة رأس لانوف من قبل قوات حفتر.

حيث قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط  “مصطفى صنع الله ” :

” إن اندلاع الأعمال القتالية الأخيرة يشكل تهديداً خطيراً لعملياتنا وللإنتاج وللاقتصاد الوطني”

وبعد اندلاع هجوم حفتر الأخير على العاصمة طرابلس ذُكر على نطاق واسع أنه تلقى مكالمة هاتفية من دونالد ترامب والتي “اعترف فيها الرئيس الأمريكي بدور ” حفتر”  في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد النفط الليبية”

والذي ممكن له أن يشجع ” حفتر ” على اللعب بورقة النفط بقوة أكبر إذا لم ينجح في الاستيلاء على طرابلس وتحقيق النفوذ السياسي بالقوة.

ويضيف ” القماطي ”

أنه ووفقًا لمسؤول رئاسي فرنسي  فإن حفتر اشتكى من أنه وقواته لم يستفيدوا من مبيعات النفط في شرق البلاد كما أنه رفض الدعوات لوقف إطلاق النار خلال زيارة قام بها مؤخرًا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون ، وأنه وعلى الرغم من سيطرته على معظم الأصول النفطية في ليبيا ، إلا أن شكاواه تظهر أنه ربما يسعى الآن للحصول على دخل من الثروة النفطية الليبية وهذا يشير إلى حدوث تحول في الاتجاه بواسطة حفتر والذي ربما يكون مستعدًا للسيطرة على صادرات النفط الليبية وإيراداتها من خلال استمرار الصراع الحالي.

وهنا ربما قد يحاول حفتر أن يقوم بعمليات التصدير مباشرة إلى السوق ، وإذا لم ينجح فقد يذهب إلى حد وقف الصادرات بالكامل في المناطق الخاضعة لسيطرته وهذا سيكون بمثابة تصعيد خطير.

وإذا تمكنت حكومة الوفاق الوطني نتيجة للحرب الأخيرة على طرابلس من طرد قوات حفتر من غرب ليبيا واستعادة مناطق النفط الرئيسية، عندها سيتم تجريد حفتر من النفوذ السياسي المهم الذي سيقلل بدرجة كبيرة من أهميته داخلياً وعلى المسرح الدولي.

ويجب أن يكون المجتمع الدولي قلقًا بشأن أي تعطيل لصادرات النفط من ليبيا لأن هذا قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية ومن الناحية المثالية ينبغي تجنيب موارد النفط في البلاد بالكامل من الصراع  لأن أي عائق له عواقب وخيمة على الاقتصاد وقد يزيد من معاناة السكان بأكملهم.

المقال ترجم حصرياً لصدى الأقتصادية