حبارات يكتب: الأسباب الرئيسية وراء رفض الحكومة لتخفيض مشروع الميزانية ؟

274

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

في جميع دول العالم سيما الديمقراطية تلعب البرلمانات دور كبير في مايتعلق بالميزانية العامة فهي من تقر قانونها وهي من تقر الإعتمادات الاضافية لمواجهة أي نفقات غير منظورة أثناء السنة المالية وهي من تقر ميزانية الطوارئ لمواجهة أي ظروف إسثتنائية، كما هي من تأذن بالسحب من حساب الإحتياطي العام لتغطية أي عجز محتمل وهي أيضاً من تأذن بالنقل فيما بين أبواب الميزانية و بفرض الضرائب وبالسماح للحكومات لعقد القروض الداخلية والخارجية وإلى ما ذلك من إجراءات .

وصراحةً لم يكن قانون النظام المالي للدولة و التشريعات المالية الليبية النافذة أسثتناء من كل ذلك، لكن ضعف مجلس النواب وتشظيه على مدى سبع سنوات وعدم قدرته على ممارسة مهامه الموكلة بل لم يعد في نظر الكثيرين حتى إنه ممثل حقيقي لهم ومعبراً عن إرادتهم .

كل هذه العوامل وغيرها ساهمت وبشكل مباشر في تعثر إعتماد قانون الميزانية ومزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والخدمية للمواطنين المتدهورة أصلاً خاصةً مع تفاقم انتشار الوباء وإنقطاع الكهرباء وشح السيولة وإلى ما ذلك من ازمات .

ومع كل ذلك تبقى هناك أسباب رئيسية وراء رفض الحكومة لتخفيض مشروع الميزانية بعد قرابة خمس أشهر من مناقشته وقد تراها الحكومة أو قد يراها البعض مبررة لعل أبرزها .

1- تخفيض سعر الصرف الذي أتخده المركزي منفرداً ، والذي أدى إلى تأكل القدرة الشرائية للمواطنين ولمرتباتهم ومدخراتهم وإلى مزيداً من الإرتفاع في تكلفة فاتورة الدعم بكافة بنودها ومعظم المشتريات الحكومية وذلك فيما يتعلق بنفقات التسيير والتنمية والطوارئ رغم مبالغة الحكومة في حجم الزيادة في تلك الأبواب .

2- تقديرات أبواب وبنود الميزانية تعدها الحكومة وفق لأحكام قانون النظام المالي للدولة ولائحة الميزانية والحسابات .

فالحكومة هي من تقترح إدراج الزيادات في مرتبات بعض القطاعات بموجب قوانين هي من تقترحها و تحدد أيضاً مصادر تمويلها وقبل وقت كافي من إحالة المشروع إلى مجلس النواب ، لا أن يقوم مجلس النواب فجأةً بفرض إدراج تلك الزيادات في مشروع الميزانية بعد صياغته ودون تدبير مصادر تمويلها مع التأكيد بإن الزيادة في مرتبات كافة العاملين بالقطاعات أصبحت مشروعة ولها ما يبررها في ظل سعر الصرف الجديد .

3- إستناد الحكومة على المادة 24 من مقترحات لجنة فبراير التي تم تضمينها في الإعلان الدستوري والتي تجيز الصرف بموجب 1/12 من الميزانية المقترحة ، رغم إن هذه المادة الغريبةً المثيرة للجدل مخالفة لقانون النظام المالي للدولة الذي يجيز الصرف بموجب 1/12 من إعتمادات السنة المالية السابقة، ويفهم منها بإن لا حاجة للحكومة لإنتظار مصادقة مجلس النواب على مشروع الميزانية والعمل بملاحظاته بل تلغي أيضاً حتى دوره في مراقبة الحكومة و مساءلتها و تفريغه من محتواه .

4- تماهي المركزي مع الحكومة في تسهيل و تسييل إجراءات الصرف دون إعتماد قانون الميزانية رغم إن هذا التصرف اليوم له ما يبرره ، فالمركزي لا يستطيع رفض الصرف إلى ما لا نهاية ويبقى مكتوف الأيدي في ظل تدهور الأوضاع خاصةً وإن الصرف يتم خصماً من إيرادات الحكومة لا من خلال سلف المركزي.

5- فرض أو مشاركة مجلس النواب بطريقة أو بأخرى في تسمية التشكيلة الحكومية ومنحها الثقة يجعل من الصعوبة بمكان قيامه بمراقبتها وإستجوابه لها ومساءلتها بحجة عدم العمل بملاحظاته .