حبارات يكتب: عندما توظف الإنجازات الوهمية كمسكنات كيف ستكون النتائج ؟

156

كتب الخبير والمهتم بالشأن الاقتصادي نورالدين حبارات مقالًا قال فيه:

الإنجازات الوهمية كسياسة للمسكنات خلال السنوات العشر الماضية كانت وسيلة الحكومات السابقة والمتعاقبة والأجسام السياسية لتمديد بقائهم في المشهد وذلك عبر إيهام الشعب البسيط بأن الأوضاع تمام والاقتصاد والخدمات الأساسية في تحسن بل وأفضل من ما كانت عليه قبل 2011 م .

وصراحةً هذه الإنجازات الوهمية كثيرة لكننا اليوم سنسلط الضوء على واحدة منها لعل أبرزها ما يعرف بعلاوة الأبناء والزوجة والتي تسوق لها حكومة الوحدة هذه الأيام بشكل كبير جداً على إنها إنجاز عظيم أو Great Achievement إلى أن أصبحت حديث الساعة عبر كافة وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي .

حيث في أكتوبر من العام 2013 م وفي ظل حالة الإستقطاب والصراع السياسي التي شهدته البلاد أنداك أقر المؤتمر الوطني العام وحكومته (حكومة زيدان) قانون لصرف مبلغ 100 دينار لكل أبن لا يتجاوز عمره 18 سنة و100 دينار لكل زوجة أو فتاة لا تشتغل .

وهذا القانون أقر في الواقع لإعتبارات سياسية بحثة لا اقتصادية فالدولار كان حينها ب 1.40 دينار والقدرة الشرائية المرتبات جيدة فمرتب 600 دينار يعادل قرابة 430 دولار والأسعار ملائمة ومستقرة إلى حد كبير .

كما أن النفط كان متوقف أبان إقرار العلاوة ويشتغل بأقل من نصف طاقته الإنتاجية ولا توجد مصادر تمويل مستدامة لتمويل العلاوة التي تقدر قيمتها ب 4 مليار دينار سنوياً مما أضطر معه المؤتمر الوطني لتمويلها من حساب الأموال المجنبة التي كان يفترض تخصيصها و إستخدامها في تنويع دمصادر دخل البلاد وضمان مستقبل أجيالها القادمة .

وهذا بالطبع يكشف الأهداف والأجندة والنوايا السيئة من القرار فالقرار لم يستند على أسس ومعايير اقتصادية حتى يكون في خدمة المواطنين وهذا ما حدث بالفعل بل كان لخدمة المؤتمر الوطني وحكومته في البقاء أكثر من خلال صرف نظر المواطنين عن إستمرار وجودهم في المشهد .

ومع ذلك فشلت كل الحكومات المتعاقبة في صرف قيمة العلاوة على مدى سبع سنوات لعدم توفر الموارد المالية اللازمة ولم يصرف منها سوى ست أشهر فقط في العام 2014 م ويقدر إجمالي قيمة العلاوة المستحقة والمتراكمة اليوم إلى أكثر من 30 مليار دينار .

لكن مع مجيء حكومة الوحدة وبالتزامن مع تخفيض سعر الدينار رسمياً إلى ما نسبته ‎%‎400 تقريباً أي عند سعر 4.48 لكل دولار باشرت هذه الحكومة في صرف قيمة العلاوة بأثر فوري أي إبتداء من العام 2021 م دون الخوض في القيمة المستحقة والمتراكمة مدعية إنها حققت إنجازات كبيرة بل وزير اقتصادها أعلن قبل يومين إنه سيتم صرف قيمة ثلاث أشهر بهدف المساعدة في شراء أضاحي العيد وذلك في إستخفاف واضح بعقول المواطنين البسطاء ، فقيمة العلاوة اليوم لا تزيد قيمتها عن 21 دولار بعد أن كانت تعادل 68 دولار في 2013 م وإن نسبة كبيرة من العائلات الليبية أبنائها ما فوق 18 سنة وأن أسعار الأضاحي أرتفعت بشكل كبير ولا تتناسب إطلاقاً مع قيمة العلاوة ناهيك عن إرتفاع أسعار الغذاء والدواء وغيرها من السلع .

لا والكارثة الأكبر أن المواطنين البسطاء هم من مولوا قيمة العلاوة على حساب تأكل القدرة الشرائية لمرتباتهم ومدخراتهم من خلال تخفيض سعر الصرف دون أن يعلموا ذلك ، فإيرادات نفطية بقيمة 20 مليار دولار في 2013 م تعادل 28 مليار دينار أما اليوم فقيمة هذه الإيرادات تعادل 90 مليار دينار .

ومرتب بقيمة 600 دينار والذي كان يعادل وكما أسلفنا 428 دولار في 2013 م اليوم يعادل 124 دولار فقط ، ولم تمولها من خلال إستراتيجيات وسياسات مالية واقتصادية تهدف لرفع وتنمية الإيرادات والترشيد في الإنفاق العام .

واليوم وللأسف مواطنين كثر أنشغلوا فقط بالحديث عن قيمة ومواعيد صرف العلاوة ومتابعة أخبارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتناسوا حالة الفوضى والانقسام والوضع الاقتصادي والخدماتي المتدهور وما تحمله لهم قادم الأيام من أثار وتداعيات كارثية يبدو اليوم بالفعل بدائوا في تلمس نتائجها .