رفع الدعم عن الوقود في ليبيا “علاجٌ سهلٌ ممتنع “

1٬082

بعد أن أصبح الوقود الليبي مصدراً لدخل الدول المجاورة عن طريق عمليات التهريب التي انتشرت بشكل مضاعف مؤخراً ، تنادى الكثيرون بضرورة رفع الدعم عن الوقود لحماية المقدرات الليبية أولاً ، و لضمان استفادة الدولة مادياً من إنتاجها النفطي ، و لكن ومع تصاعد الأصوات المؤيدة لهذا الرأي ، تصاعدت أصوات أخرى معارضة ، لأسباب عدة ، أبرزها ضعف المرتبات في ليبيا و سوء الوضع المعيشي الذي لن يمكن البعض من قيادة السيارة خاصة مع عدم وجود بدائل تذكر من صنع الدولة ليتنقل عن طريقها الأفراد .

أرقام قياسية : 

مؤخراً تصاعدت عمليات تهريب الوقود عبر السواحل الغربية والحدود الجنوبية والغربية في ظل غياب الاستقرار الأمني في ليبيا خاصة في المناطق الحدودية، و قد أنهكت عمليات التهريب هذه الاقتصاد الوطني وضاعفت من  أزمة نقص الوقود في أغلب المدن الحدودية والساحلية.‏

حيث أوضح تقرير نشر في عام 2017  لرئيس لجنة أزمة الوقود والغاز ميلاد الهجرسي، أن ما يقارب من 25 مليون لتر من الوقود تهرّب يوميا خارج الحدود الليبية، مشيرا إلى أن أربعة ملايين لتر تهرب يوميا إلى تونس فقط ، أرقام مخيفة تتصاعد يوماً بعد يوم و لا حلول جذرية تذكر للتخفيف من هذه الأزمة .

وأوضح تقرير آخر نشرته صحيفة روسيا اليوم في عام 2015 أن ليبيا تصدرت قائمة البلدان العربية ضمن تصنيف أرخص أسعار البنزين في العالم العربي، بينما جاءت جيبوتي في المرتبة الأخيرة.، و السعودية في المرتبة الثانية

مخاوف تتصاعد : 

و لكن و مع تصاعد النداءات بتطبيق رفع الدعم عن المحروقات ، تصاعدت الأصوات التي تعبر عن المخاوف و تحذر من الأثار السلبية لهذا القرار و التي من ضمنها تزايد عدد الفقراء و ارتفاع نسب التضخم ، وغلاء الأسعار ، و مؤثرات على العمالة الأجنبية ، و على أي سلعة تعتمد في جزء من انتاجها على الوقود .

ففي ظل افتقار  البلاد إلى مقومات الحياة الأساسية و تردي الأوضاع المعيشية، وغياب الرعاية الصحية والخدمات العامة، بالاضافة الى  عدم الاستقرار السياسي، توقع بعض الخبراء أن مسألة رفع الدعم عن الوقود ستؤجج الرأي العام و ستؤدي الى تنظيم مظاهرات يمكن ان تتسبب حتى في حرق محطات الوقود و اغلاق بعض الحقول وعمليات تهريب أخرى .

ضرورة صعبة :

إن استمرار الدعم الحكومي للمحروقات بدون اي عملية اصلاح تذكر يعن استمرار تشويه الاقتصاد المحلي و العبث به و بمقدرات الدولة ، خاصة في ظل غياب الرقابة الأمنية ، كما أن استمرار الدعم يحرم قطاعات مثل التعليم والصحة والمواصلات العامة من أموال ضخمة كان بالإمكان استثمارها في تحسين المعيشة و فرص العمل لمواطني هذه الدول.

فرفع الدعم عن المحروقات يساهم في تقليص الهوة او الفجوة الحالية بين انفاق الدولة وإيراداتها ويسهم في حفظ مقدراتها للاستفادة منها محليا  .

قرار من المحتمل أن يكون صادماً للمواطنين الليبيين و لكنه سيرجع بفوائد إيجابية على الدولة و الحكومة خاصة في ظل اهتزاز الوضع الاقتصادي ، وقد نادى العديد من الخبراء بوجوب تنظيم حملات توعية و برامج اعلامية للجمهور عبر وسائل الاعلام و جولات تعريفية في المدن المختلفة و ارسال الرسائل النصية لشرح السياسات الجديدة و توضيح الفوائد التي يجنيها الافراد ( وخصوصا الاقل ثراء) من تخفيض في  نسب البطالة مع زيادة مشاريع المرافق العامة و تحسين المواصلات العامة باسعار رمزية مقابل التخلص من الاختناقات المرورية والتلوث.