مع استمرار الاحتجاجات… الرئاسي بموقف صعب دون خطة واضحة للإصلاح

315

خرج الشعب ولن يعود إلى البيوت على الأقل خلال الأيام القليلة القادمة في حال لم يحدث تغيير نحو الأفضل، حيث لايوجد شيء يجعلهم يعودون بسرعة في ظل انعدام الخدمات وتفاقم أوضاعهم الاقتصادية وتفشي الفساد في الدولة.

وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في عدد من مدن الغرب والجنوب المختلفة، لكن الشعارات ظلت موحدة والتي تهدف إلى ضرورة إجراء الحكومة في طرابلس لإصلاحات اقتصادية ومكافحة الفساد المالي والإداري في البلاد، إضافة إلى النقطة الأهم وهي توفير الخدمات اللازمة للمواطنين وبصورة عاجلة.

وعلى الرغم من مرور ثلاثة أيام على أقل تقدير للاحتجاجات في العاصمة ومدن أخرى، يبدوا أن المجلس الرئاسي يواجه تحدي صعب وفي ظروف أكثر صعوبة من أجل تلبية احتياجات المواطنين ومكافحة الفساد الذي يصعب من خلال تحقيق نجاحات تذكر.

فشل حكومة الوفاق الوطني والوزارات الخدمية تحديدا في القضاء على الأزمات التي تحدث كان من بين أبرز الأسباب التي جعلت المواطنين يخرجون في احتجاجات قد تستمر طويلا، في حال عجز الوفاق عن إحداث تغييرات جذرية وتحسين الأوضاع.

تحرك الشارع جعل السراج يخرج في خطاب موجه للشعب ليلة الاثنين تحدث من خلاله عن إصلاحات في الوزارات الخدمية، إضافة إلى إمكانية تشكيل حكومة أزمة وطنية لمواجهة التحديات الحالية مع تأكيده على مكافحة الفساد الموجودة في أغلب قطاعات الدولة.

السراج خلال الخطاب لم يعلن عن حلول بديلة للمرحلة الحالية، إضافة إلى أن تأخره عن إيجاد الحلول في مقابل تصاعد الاحتجاجات سيضع داعميه الإقليميين في موقف حرج مع إمكانية دخول الوضع خاصة في طرابلس إلى مرحلة يصعب التحكم فيها في ظل قرب التوصل إلى اتفاق سياسي يمهد إلى إنهاء الفترة الانتقالية.

مهمة صعبة

ردود الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت استياء كبير من كلمة السراج التي لم تقدم حلول عملية خاصة لأزمة الكهرباء التي كانت الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات، إضافة إلى أزمة السيولة ولو بدرجة أقل.

وقال أحد المسؤولين عن تشغيل محطة كهرباء الرويس لصحيفة صدى الاقتصادية، إن أزمة الكهرباء لن تستطيع الحكومة إيجاد حلول لها خلال الفترة المقبلة، حيث تحتاج إلى الكثير من الوقت وتهيئة الظروف المناسبة لها لتحقيق نجاح يذكر.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن سوء التخطيط جعل من الصعب تحسين الشبكة الكهربائية في ظل عدم المحافظة على الشبكة من خلال عملية طرح الأحمال وتوزيع الكهرباء بصورة تمنع الشبكة العامة من الانهيار.

نفس المصدر أشار إلى أن الأموال على رغم من الحصول عليها، لم تفلح الشركة العامة في تحسين أداء المحطات أو إجراء الصيانة، مؤكدًا بأن على المسؤلين وضع تحدي إنهاء الأزمة مع بداية صيف العام القادم على الأقل.

وتظهر تصريحات الأجهزة الرقابية في طرابلس إلى أن الفساد المالي في الجهات العامة يشكل عائقا حقيقيا تجاه تحقيق نوع من التحسن في تقديم الخدمات للمواطنين طوال السنوات الماضية.

كانت أزمة فيروس كورونا التي تعيشها البلاد الآن تشبه إلى حد ما القشة التي قسمت ظهر البعير ودقت ناقوس الخطر الذي يشكله الفساد المستشري في مفاصل الدولة، يمكن لحكومة الوفاق الوطني وعلى رأسها السراج أن تعمل على تحسين الخدمات وتقديم المتورطين في الفساد للعدالة وتقطع الطريق على المتربصين بها في الداخل والخارج، لكنها بالفعل تحتاج إلى محاربة الفساد بعيدا عن الشعارات.

استغلال للموقف

حراك الشارع أو ما يعرف بحراك 20/8 جعل الكثيرين يعولون على صوت الشباب في إحداث التغيير والضغط على حكومة الوفاق الوطني لإجراء الإصلاحات الاقتصادية وتوفير الخدمات الأساسية أو الخروج من المشهد رغم صعوبة ذلك.

ولكن في ظل استمرار انقسام البلاد وتعدد الأطراف المصارعة على السلطة يحاول كل طرف استغلال الموقف واستثمار الحراك في ما يخدم مصالحه في الداخل والخارج على حد سواء مما يهدد بانزلاق الحراك لمستنقع السياسية وابتعاده عن مساره.

وقال عدد من الأشخاص المشاركين في الحراك تحدثوا لصحيفة صدى الاقتصادية في وقت سابق، بأن مطالب المتظاهرين تتمحور حول حقوقهم المتمثلة في الكهرباء والسيولة، إضافة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد بعيداً عن السياسة.

وأوضح المتظاهرون بأنهم سيواصلون الخروج للميادين والساحات تعبيرًا عن رفضهم للأوضاع الحالية ومن أجل الضغط على الحكومة في العاصمة على إيجاد الحلول اللازمة نحو الأفضل.

مطالب الحراك تصطدم بالواقع السياسي وتتعارض مع توجهات الدول الإقليمية الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، حيث أن بعض شعاراتهم المطالبة برحيل حكومة السراج هو في الحقيقة يخدم مصالح أطراف أخرى هي بالفعل متورطة في الفساد وعرقلة الوصول إلى حل نهائي لأزمة البلاد المستمرة منذ 2011.

إضافة إلى ذلك، يعتقد الكثيرون بأن خروج المواطنين للضغط على الحكومة يمكن أن يؤدي إلى حدوث تغيير في أدائها بعد مرور أربع سنوات تراجعت فيها الأوضاع الاقتصادية والأمنية إلى الأسوء دون تحقيق إنجازات، على الرغم من المخاوف بأن يضيع الهدف بسبب التجاذبات السياسية.