كتب المهتم وبالباحث في الشأن الاقتصادي الليبي “نورالدين حبارات” تدوينةً له على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك حول معنى مصطلح نزع الملكية وأهميته.
وقال :”إجراء نزع الملكية أو ما يعرف ب Expropriation for public Benefit هو حق أو إمتياز للحكومة أو الدولة دون غيرها بإعتبارها السلطة العامة و ذلك للحصول على ملكية العقارات المملوكة للأشخاص جبراً و تحويلها إلى الملكية العامة للدولة تحقيقاً للنفع العام مقابل تعويض عادل يدفع مسبقاً وفق إجراءات خاصة ينظمها القانون.
و عادةً ما تلجاء الدولة أو الحكومة لهذا الإجراء لإنها مكلفة بإشباع الحاجات العامة، ويعتبر إجراء نزع الملكية أداة الحكومة و وسيلتها في تحقيق التنمية و ذلك عند تنفيذها للمخططات المعتمدة و المشروعات التنموية على إراضي المواطنين التي تتعارض عقاراتهم مع المخطط العام بعد نزع ملكيتها و تعويضهم عنها.
و لما كان نزع ملكية العقارات المملوكة للمواطنين ملكية خاصة و الاستيلاء عليها إجراء خطير لما يتضمنه من إعتداء على حرمة الملكية الفردية المصانة بموجب الدساتير، تلجاء الدولة لإستيفاء حاجات و متطلبات النفع العام فلا يجوز أن تتعرض الدولة أو الحكومة للملكية الفردية ما لم يجيز لها القانون ولإعتبارات المصلحة العامة.
كما إن جميع دساتير العالم تقريباً أكدت على حق الإنسان في ممارسة الملكية و دعت لحمايتها لكونها من الحقوق الأساسية و إن نزعها للنفع العام لا يمكن أن يتم إلا بموجب تشريع و تعويض عادل أو ما يعرف ب Fair Compensation .
فعلى سبيل المثال نصت المادة (11) من الدستور الأردني المعدل على ( لا يستملك ملك أحد إلا للمنفعة العامة و في مقابل تعويض حسبما يعينه القانون ) ،كما نص دستور الجزائر لعام 1989 م على ( لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون و يترتب عليه تعويض عادل مبلي منصف ) ، كما نصت المادة (7) من دستور الجمهورية اليمنية لعام 1990 م على ( حماية و آحترام الملكية الخاصة فلا تمس إلا للضرورة و لمصلحة عامة و بتعريض عادل وفق للقانون ) .
و صراحةً الأمثلة و الأدلة الدستورية على ذلك كثيرة لا حصر لها ، كما إن المشرع الليبي لم يكن أيضاً إسثتناء من كل ذلك فالمادة (16) من الإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 3 أغسطس من العام 2011 م نصت على ( الملكية الخاصة مصانة و لا يجوز التصرف فيها إلا وفق القانون ) .
و أضاف :”بالعودة إلى محور موضوعنا والمتعلق بفتح المسارات بمنطقة قرقارش تنفيذاً للمخطط المعتمد و الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام بطريقة مغايرة مفادها إن أهالي المنطقة يرفضون تنفيذ أعمال المخطط، فهذه الأخبار غير دقيقة فجميع الأهالي يرحبون بتنفذ أعمال المخطط لإنهم يدركون مدى أهميته في تطوير البنى التحتية المتهالكة بالمنطقة بل المنعدمة و تحسين مستوى الخدمات و تكفل لهم حياة أفضل أسوة بالمناطق المجاورة بل إن تنفيذ المخطط من شأنه أن يرفع أسعار عقاراتهم أسوة بمناطق حي الاندلس و السياحية و النوفليين و بن عاشور و غيرها، فالمنطقة موقعها إستراتيجي و متاخمة لشاطي البحر.
و إن إعتراضهم فقط يكمن في ضرورة حصولهم مسبقاً على تعويض عادل و منصف وفق للأسعار السائدة حالياً في السوق و بما يوفر لهم بديل ملائم و ذلك بعد إجراء نزع الملكية و تشكيل لجان لحصر العقارات و المباني و تقديرها و فتح باب التظلم لإصحابها أمام لجان التعويضات أو الطعن في قراراتها أمام المحاكم المختصة في حال ما تبيت لهم إن قيمة التعويضات مجحفة و غير عادلة في حقهم و لا توفر لهم البديل المناسب و الملائم و هذا بالتأكيد يتطلب أولاً رصد المبالغ المالية اللازمة و الكافية ضمن الميزانية المعتمدة ،
و هذا ما لمسته منهم من خلال حديثي معهم كوني أحد سكان المنطقة، و للأمانة إعتراضهم منطقي و له ما يبرره فإجراء نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة و تعويض أصحابها تعويض عادل و منصف مسبقاً قبل تنفيذ أوامر الإزالة لتلك العقارات و كما أسلفت حق دستوري كفلته جميع دساتير العالم.
كما لا يختلف اثنان في إن تنفيذ المخطط العام يبقى مصلحة و أولوية قصوى لأهالي منطقة قرقارش بالدرجة الأولى دون غيرهم.
وأنهى التدوينة بقول :”وفي الختام يجب التذكير إن تقاعس الحكومات منذ عام 2000 م حتى يومنا هذا و فشلها في تنفيذ المخطط بالمنطقة كان سبب في مباشر في إنتشار العشوائيات و بعض الظواهر الهدامة و الفندقة غير المرخصة للعمالة الأفريقية التي تتدفق إلى البلاد بشكل غير شرعي في ظل حالة الإنفلات الامني و عدم قدرة الدولة على مراقبة حدودها الشاسعة و المترامية.
كما إن التأخر أكثر في تنفيذ المخطط سيكلف الدولة مستقبلاً كثيراً فالمواطنين لا يمكن لهم الإنتظار إلى ما لا نهاية للحصول على تعويضاتهم فهم لديهم أبنائهم و عائلاتهم التي تزايدت و كبرت مع مرور الزمن فالمخطط المعتمد الذي نتحدث عنه عمره اليوم قرابة 25 سنة و ليس بضعة سنوات.