| مقالات اقتصادية
حبارات: هل للحكومة دور في تنفيذ قرار مجلس إدارة المركزي بشأن تخفيض سعر صرف الدولار ؟
كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
يرى الكثيرين إن محافظ المركزي هو الشخص الوحيد الذي يقع على عاثقه تنفيذ قرار مجلس إدارة المركزي المذكور أعلاه،
و هذا صحيح من ناحية قانونية وفقاً لأحكام القانون رقم (1) لسنة 2005 م بشأن المصارف وتعديلاته .
لكن عملياً و في الحالة الماثلة أمامنا ، فإن الأمر مختلف تماماً ، فالحكومة لها أيضاً دور كبير بل ومهم جداً في وضع القرار المذكور موضع التنفيذ إذا ما أرادت ذلك وفقاً للمبرارات التالية .
أولاً الحكومة يقع عليها مسؤولية مكافحة التضخم و تحقيق الإستقرار الإقتصادي والمالي لرفع معاناة المواطنين وذلك عبر إستخدامها للسياسات المالية والاقتصادية وتنسيقها في ذلك مع المركزي .
تانياً الحكومة هي من تمتلك إيرادات النفط أو إيرادات النقد الأجنبي ، والمركزي من خلال المصارف التجارية هو من يبيعها للمواطنين مباشرةً لكافة الأغراض في شكل إعتمادات مستندية وأغراض شخصية ويقيد إيرادات مبيعاتها بالدينار الليبي لصالحها في حساباتها ، في حين يشتري المركزي مباشرةً من الحكومة النقد الأجنبي المتعلق بفاتورة دعم الوقود و الادوية وغيرها من نفقات ويقيد مبيعاتها أيضاً في حساباتها .
وللتوضيح لو أفترضنا جدلاً إن إيرادات النفط خلال سنة ما بلغت 20 مليار دولار .
وإن قيمة الإعتمادات المستندية قدرت ب 12 مليار دولار و قيمة الأغراض الشخصية ب 4 مليار دولار في حين قدرت فاتورة دعم الوقود و الادوية ب 4 مليار دولار .
فإن مبيعات الإيرادات النفطية في شكل مبيعات النقد الاجنبي تكون كالتالي .
1- قيمة الإعتمادات المستندية 12 مليار دولار * 4.48 = 53.670 مليار دينار .
2- قيمة الأغراض الشخصية 4 مليار دولار * 4.48 = 17.920 مليار دينار .
3- قيمة فاتورة دعم الوقود و الادوية 4* 4.48 = 17.920 مليار دينار .
أي إن إجمالي قيمة مبيعات النقد الاجنبي تقدر ب 89.500 مليار دينار وهذه القيمة تقيد في حسابات الحكومة لإنفاقها على المرتبات ونفقات تسير الجهاز الأداري وعلى التنمية وعلى باب الدعم ويفترض أن يتم ذلك من خلال ميزانية معتمدة .
في حين يقيد المركزي من جانبه الفائض في إيرادات النقد الأجنبي ( الفائض في ميزان المدفوعات ) في حساب الأحتياطي الأجنبي أو السحب منه في حالة العجز و ذلك عندما تفوق قيمة المدفوعات من النقد الأجنبي إيراداته .
أي بالليبي الحكومة هي البائع للنقد الأجنبي و المركزي وكيل أو وسيط لها فقط ، و مشتري له مباشرة في حالات معينة كالمتعلقة بالإعتمادات الحكومية .
وطالما الأمر كذلك فالبائع بإمكانه أن يؤثر و بشكل كبير في تحديد سعر الصرف .
وبالتأكيد لو حكومة الوحدة لديها إرادة جادة و رغبة حقيقية في معالجة مشكلة التضخم لوضعتها في سلم أولوياتها و لكتفت الإجتماعات مع المركزي و طالبته كتابياً بضرورة تخفيض سعر الدولار عند 4.22 و عندها حتماً سيستجيب المحافظ رغم إنه قانوناً ملزم بتنفيذ قرارات مجلس الإدارة طالما صدرت بأغلبية أعضاءه .
لكن للأسف الحكومة لا تضع مشكلة التضخم و إرتفاع الأسعار ضمن إهتماماتها و أولوياتها و الدليل اليوم القرار المذكور يدخل أسبوعه الرابع و الحكومة لا حس لا مس و لا كأن الموضوع يعنيها لا من بعيد و لا من قريب و يبدو إنها أصبحت تشتغل بعقلية تجارية تهدف للربح لا لتقديم الخدمات و تحسينها و تخفيف معاناة المواطنين فهي ترى إن تخفيض سعر الدولار بمقدر 220 درهم خسارة لها بقيمة 6 مليار دينار .
لكن في الختام يبقى السؤال هو ، كيف للحكومة أن تضغط على السيد المحافظ لتنفيذ القرار الذي تدرك مسبقاً إنه سيقلص إيراداتها و هي أعتادت على التوسع في الإنفاق الذي يصل إلى حد الإسراف و التبذير بل و تعتبره الإنفاق الأقل على مدى السنوات العشر الماضية ؟