الجدي يكتب: استثمار ليبيا في الهيدروجين الأخضر وطاقة ال GREEN 

421

كتب الخبير النفطي “رمزي الجدي”: ما هو الهيدروجين الاخضر؟ و ما هي فرص الاستثمار؟

هل تملك ليبيا إمكانيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه ليبيا في إنتاج الهيدروجين الأخضر والتحول إلى استخدامات طاقة متجددة؟

ما هو الخيار الأكثر جدوى اقتصادياً وبيئياً في ليبيا؟ هل هو إنتاج الهيدروجين الأخضر أم إنتاج الهيدروجين الأزرق والاستفادة من غاز المحروقات في الحقول بشكل غير مجدي؟

أدى سعي الاتحاد الأوروبي لمضاعفة نسبة الاعتماد على الهيدروجين من 2% في سنة 2021 إلى 14% سنة 2050، إلى تحفيز الدول اشمال افريقيا والشرق الاوسط التي ترغب في الاستثمار في هذا السوق الواعد. وعلى خطى العديد من البلدان الأخرى، أعلنت ليبيا بداية الاسبوع عن خطط للاستثمار في الهيدروجين الأخضر وجاء الإعلان من قبل السيد عبد الحميد الدبيبة الذي ذكر ان ليبيا تهدف إلى إطلاق عدة مشاريع تتعلق بإنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر كجزء من مبادرتها الوطنية.

فما هو الهيدروجين الاخضر؟ و ما هي فرص الاستثمار؟

الهيدروجين الأخضر هو وقود عالمي وخفيف وعالي التفاعل، يتم انتاجه من خلال عملية كيميائية تُعرف باسم التحليل الكهربائي لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، و يمتلك الهيدروجين الأخضر القدرة على أن يصبح وقود جزيئي قادر على توفير طاقة نظيفة كبديل للوقود الأحفوري و للغاز و النفط كون الهيدروجين يمكن أن يخزن وينقل لمسافات طويلة ويستطيع حمل كميات كبيرة من الطاقة إذا تم ضغطه أو تحويله إلى سائل؛ وبذلك ينتج طاقة ووقود نظيفين، و من المتوقع أن يستطيع الهيدروجين تغطية 24 % من حاجة العالم من الطاقة بحلول عام 2050 كمادة أولية صناعية نظيفة في النقل الثقيل والصناعات الفولاذية، والهيدروجين الأخضر ليس سوى نوع واحد من أنواع مختلفة يتم تمييزها بألوان مختلفة، لكن ما يفرقها هو نوع الطاقة التي تستخدم في استخراجه فإذا استخدمنا الفحم لإنتاج الهيدروجين فيسمى بالهيدروجين البني، والهيدروجين الأزرق المستخرج من الغاز الطبيعي، والهيدروجين الوردي في حال استعمال الطاقة النووية. 

يعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر على عملية تسمى التحليل الكهربائي يتم خلالها تمرير تيار كهربائي لفصل جزيئات الماء إلى ذرات هيدروجين وأكسجين، وعند إنتاج الهيدروجين بهذه الطريقة، فإن المنتج الثانوي الوحيد هو الماء، ومع ذلك نستطيع توليد طاقة نظيفة يمكن استخدامها في الصناعة والنقل وغير ذلك ، لكن تكمن المعضلة في أن تقنيات التحليل الكهربائي للمياه اليوم مكلفة جداً، وتتطلب مياه محلاة عالية النقاء يصعب توفرها في المناطق الصحراوية.

وللتغلب على ذلك، تجري العديد من الشركات أبحاثاً فريدة في طرق التحليل الكهربائي المباشر لمياه البحر لتجنب الحاجة لعملية التحلية أو استخدام المياه النقية، ولا شك أن هذا الجهود والتطويرات في عملية الإنتاج ستنقل قطاع الهيدروجين الأخضر إلى مرحلة يكون فيها أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، مما ادى الي اعتماد استراتيجيات الهيدروجين الوطنية في جميع أنحاء العالم، وكانت اليابان هي الدولة الأولى في عام 2017 ، حيث بدأت اليابان بالفعل بعض الشراكات الدولية بشأن الهيدروجين الأخضر، مع أستراليا وبروناي، وتوجهت المانيا كذلك نحو الهيدروجين الاخضر، ففي يونيو 2020 تبنت الحكومة الفيدرالية الألمانية استراتيجية هيدروجين وطنية بقيمة 9 مليار يورو، منها 7 مليار يورو مخصصة لتكثيف وجود لتقنيات الهيدروجين في السوق الألماني وتخصيص 2 مليار يورو إضافية للشراكات الدولية, و في 14 سبتمبر 2020، قدمت الحكومة الفرنسية استراتيجيتها الوطنية ً للهيدروجين، حيث قدمت استثمارا بقيمة 4.7 مليار يورو للتحول الي الهيدروجين الاخضر بحلول عام 2030 باستثمار 5.1 مليار يورو في محطات التحليل الكهربائي وقدرة محلل كهربائي مستهدفة تبلغ 5.6 جيجا وات بحلول عام 2030. أعلنت إسبانيا في مارس/آذار 2022 عن افتتاح أول منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتقع في جزيرة مايوركا الواقعة في مياه البحر الأبيض المتوسط واستفاد هذا المشروع من التمويلات الأوروبية التي تحفز على إقامة مشاريع خاصة بإنتاج هذا النوع الجديد من الطاقة، وينتظر أن تنتج هذه المنشأة الجديدة حوالي 300 طن من الهيدروجين سنويا، وفي السياق ذاته شرعت بلجيكا في إنجاز مشروع ضخم، عبارة عن جزيرة تخزين الكهرباء وإنتاج الهيدروجين الأخضر في بحر الشمال. وأطلقت بلجيكا الدراسة الخاصة بهذا المشروع ساعية إلى الانتهاء منه بحلول عام 2025. كما أطلقت الدنمارك مشروعا فريدا من نوعه، يتمثل في إقامة جزيرة اصطناعية خاصة بإنتاج الكهرباء بطاقة الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بأفق الانتهاء من هذا المشروع سنة 2033، على أن تطلق الإنتاج في العام 2030.تدرك الحكومات أهمية تطوير تقنية الهيدروجين الأخضر، وما يترتب عليه من التزامات تمويلية وسن اللوائح والسياسات. على سبيل المثال، تعهدت وزارة الطاقة الأمريكية في العام الماضي، بتقديم 100 مليون دولار على مدار خمس سنوات لتعزيز أبحاث وتطوير تقنية خلايا الهيدروجين وخلايا الوقود. وقد تبنى الاتحاد الأوروبي في العام 2020 استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بـ” الصفقة الخضراء الأوروبية”، وهي خطة تقترح التحول إلى الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، من خلال الإنتاج المحلي وإنشاء إمدادات ثابتة من إفريقيا. كما أشارت حكومة الولايات المتحدة إلى أنه في غضون عقد من الزمن، يجب أن يكون الهيدروجين الأخضر متاحًا بنفس تكلفة الهيدروجين التقليدي. فمن المتوقع أن يصل الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر إلى حوالي 30 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، ومواصل النمو بشكل كبير ليبلغ 610 مليون طن سنوياً بحلول عام 2050.

هل تملك ليبيا إمكانيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه ليبيا في إنتاج الهيدروجين الأخضر والتحول إلى استخدامات طاقة متجددة؟

ليبيا تعتبر منتج رئيسي للطاقة ونموذجا لخفض التكلفةفالموقع الاستراتيجي للبلاد على مفترق طرق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط يجعلها مركزًا مثاليًا لإنتاج وتوزيع الهيدروجين الأخضر، بالإضافة ان ليبيا لديها جميع الامكانيات لإنتاج الهيدروجين نظرا لما تتوفر عليه من إمكانيات كبيرة في توفر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى قدرتها على انتاج الهيدروجين الأزرق الذي يمكن للدول المصدرة للغاز إنتاجه وتصديره، مما يجعل تكلفته رخيصة بسبب قربها من السوق الأوروبية.

ما هو الخيار الأكثر جدوى اقتصادياً وبيئياً في ليبيا؟ هل هو إنتاج الهيدروجين الأخضر أم إنتاج الهيدروجين الأزرق والاستفادة من غاز المحروقات في الحقول بشكل غير مجدي؟

نعم من المتوقع أن يعزز الاستثمار في الهيدروجين الأخضر الاقتصاد الليبي، خصوصا مع تزايد الطلب العالمي على حلول الطاقة المستدامة ولكن لماذا لا نبدأ بإنتاج الهيدروجين الازرق ثم ننتقل بعد ذلك للهيدروجين الاخضر عندما تكون لدينا محطات الطاقة الشمسية والرياح القادرة على الانتاج، خصوص لو علمنا أن ليبيا من ضمن عشر دول مسؤولة عن 75% من حرق الغاز خلال السنوات العشر الماضية

بشكل عام، يعد قرار ليبيا بالاستثمار في الهيدروجين خطوة مهمة نحو تنويع مصادر الدخل ومستقبل لمصدر أكثر استدامة.