الشحاتي يكتب : بعض المسائل المتعلقة بإعلان المؤسسة الوطنية للنفط عن إيرادات شهر يناير 2021

212

كتب : محمد الشحاتي الخبير بمجال النفطي مقالا

أصدرت المؤسسة الوطنية للنفط بيانا عن الإيرادات النفطية لشهر يناير 2021 والذي أشار إلى أن اجمالي الإيرادات وصل إلى 1,4 مليار دولار أمريكي.


هناك بعض المسائل في رأيي التي يمكن طرحها وهي كالآتي:
أولا: لا يوضح التقرير فيما إذا كانت هذه الإيرادات هي المبالغ المستحقة عن شهر ديسمبر حيث إن الدفع عادة يتم بعد 30 يوم من الشحن أو أنها حصيلة شهر يناير 2021. بتحليل مبدئي فأن متوسط سعر النفط في شهر ديسمبر 2020 معدل 49 دولار تقريبا وفي شهر يناير 53 دولار تقريبا.

الرقم المذكور لحصيلة إيراد بيع النفط الخام يميل أن يكون لمتوسط شهر يناير 2021 وليس إلى مبيعات شهر ديسمبر 2020.


ثانيا: أن معدلات الإنتاج اليومي غير مذكورة في البيان وهو نقص يمنع من تكوين صورة كاملة، حيث لا تقوم المؤسسة بعرض بيانات الإنتاج اليومي ربما لعامل سياسي يتعلق بمناورات تفاوضية حول الحصة في منظمة أوبك، ألا أن عرض بيانات الايراد يمكن من استخلاص الكمية المنتجة إلى حد كبير، التقديرات المنشورة للإنتاج الليبي من عدة مصادر مذكورة في التقرير الشهري لمنظمة أوبك، ويشير التقرير الأخير للمنظمة أن مستوى الإنتاج لشهر ديسمبر 1,215 ألف برميل يوميا وشهر يناير 1,164 ألف برميل يوميا، وهذا يعني أن القيمة المقدرة للإنتاج وفقا للتقديرات المنشورة من منظمة أوبك هي 1.8 مليار دولار لشهر ديسمبر 2020 ومعدل 1.9 مليار دولار لشهر يناير 2021 ووفقا للأسعار المقدرة أعلاه.

يجب الأخذ في الاعتبار طرح الكميات الموجه للشريك الأجنبي وحصة السوق المحلي وهي غير منشورة في التقرير.

أن الهدف من نشر أي بيانات مالية في إطار الشفافية هو جعل إمكانية التحقق متاحة للجميع وفي هذه الحالة وبسبب عدم اقتران الإيرادات بالإنتاج والسعر فأنه يستحال التحقق.


ثالثا: يشير البيان أن إيرادات الإتاوات والضرائب غير مشمولة وهذا يطرح سؤالا حول كيفية التعامل المالي مع هذه الإيرادات والتي تصل إلى أرقام كبيرة.

هل يتم توريدها إلى المصرف الخارجي أم يتم ايداعها بطريقة مختلفة لصالح الحكومة.

وعن السبب الذي يمنع المؤسسة من نشرها خصوصا أن المؤسسة تقوم بحسابها.


رابعا: وفقا للسياسات المقررة حاليا فأن جميع الإيرادات يتم ايداعها في المصرف الليبي الخارجي ولا تمرر للمصرف المركزي ألا بعد أن يتم الاتفاق السياسي حول كيفية توزيع الإيرادات النفطية.

هذا يعني أن حوالي 3.6 مليار دولار الآن موجودة في المصرف الخارجي بفرض أن هذا الاجراء ينطبق على إيرادات سبتمبر-أكتوبر 2020. هناك سؤال حتمي ولا مفر من الإجابة عنه وهو عن قدرة المصرف الخارجي الاستيعابية للتصرف في هذا الحجم من الأموال من ناحية ائتمانية ومن ناحية استثمارية كذلك. الوضع مشابه بأن يتم تحميل سيارة “فيات” بحمولة الطائرة العملاقة أنتينوف للشحن.

وعلى افتراض أن الترتيب الحالي يعد تجنيب للعوائد بغرض استثمارها لحين الوصول إلى اتفاق سياسي حول انفاقها، وبدون الدخول في الجدل السياسي أظن أننا الآن في وضع تقني حرج جدا مع الانسدادات السياسية في الأفق التي لا تشير لنهاية قريبة لهذا الترتيب، لذا يمكن الاستخلاص بأن الترتيب المؤقت الحالي وصل من ناحية فنية إلى حدوده القصوى نتيجة لاعتبارات عديدة منها أن سعر الفائدة العالمي لا يشجع على الاحتفاظ بأرصدة نقدية كبيرة مجمدة فسعر الفائدة على ليبور الدولار LIBOR $ أنخفض إلى حدود قياسية تقترب من الصفر (0.08%) من مستويات تفوق 2.5% قبل سنتين وهو البديل الوحيد في نظري المتاح للمصرف الخارجي، وهو ما يعني أن تجميد العائدات داخل مصرف صغير مثل المصرف الخارجي بديل غير منطقي أبدا خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار أداؤه التاريخي وفقا لتقاريره السنوية وميزانياته الختامية.

كما أن العودة للإجراء السابق في تحويل الإيرادات للمصرف المركزي غير متاح وفقا لأسباب منطقية.


خامسا: بينما تعرض المؤسسة عائدات أخرى غير “النفط الخام والغاز والمكثفات” وهي عائدات “المنتجات والبتروكيماويات” فأنني شخصيا لم أجد سببا لعرضها إعلاميا. إيرادات المنتجات والبتروكيماويات ضعيفة جدا فهي لم تتجاوز 43 مليون دولار منذ سبتمبر 2020 أي بمعدل 8 مليون دينار شهريا، الاجدر اقتصاديا حقيقة هو عرض تكاليفها وليس عائداتها. هذا يتم عبر الميزانيات الختامية المدققة.

وحيث أن نشر البيانات الشهرية عموما بما فيها النفط الخام كما فهمت هو اجراء مؤقت يحل محل الاجراء الرسمي التقليدي وهو اقفال الميزانيات الختامية ومراجعتها وتدقيقيها حياديا فأن إضافة بيانات هامشية مثل هذه سيؤدي فقط إلى مزيد من الضبابية، بسبب استحالة التحقق.